الكهرباء والصيف.. كيف يبيع المواطن الكهرباء للدولة؟ - محمد القرمانى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:59 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الكهرباء والصيف.. كيف يبيع المواطن الكهرباء للدولة؟

نشر فى : الأربعاء 27 مايو 2015 - 9:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 27 مايو 2015 - 9:55 ص

ونحن على مشارف فصل الصيف بدأ المصريون يحبسون أنفاسهم قلقا من مسلسل انقطاع التيار الكهربائى الذى نعانى منه منذ سنوات فى شهور الصيف. بيد أنه ليس هناك حل سحرى لتلك المشكلة المتكررة والناتجة عن الفجوة بين كمية الكهرباء المنتجة وحجم الطلب، حيث تستغرق عملية إنشاء محطات توليد كهرباء جديدة فترة زمنية ليست بالقصيرة تتجاوز العام ونصف على أقل تقدير، فضلا عن التكلفة الاستثمارية الباهظة التى لا تستطيع الدولة تدبير مواردها بسهولة، وهو ما دعا الحكومة إلى بدء تحرير سوق إنتاج وتوزيع الكهرباء عن طريق تشجيع القطاع الخاص بالاستثمار فى مجال توليد الطاقة الكهربائية بالتركيز على مصادر الطاقة النظيفة (الرياح والطاقة الشمسية) على أن تقوم الحكومة بربط محطات الكهرباء الخاصة بالشبكة الكهربائية الموحدة وشراء الطاقة المولدة من القطاع الخاص بأسعار تجارية وإعادة بيعها للمستهلك النهائى بسعر مدعم (أى تتحمل الدولة فارق السعر) مع رفع هذه التعريفة تدريجيا لتخفيض فاتورة الدعم التى ترهق الخزانة العامة وتسبب عجز مزمن فى الموازنة العامة للدولة.

•••

وفى ظل التطورات الهامة الجارية فى قطاع الكهرباء طالعتنا الصحف خلال الشهور الماضية بتصريحات وتعهدات متكررة من جانب السيد وزير الكهرباء بأن الصيف المقبل لن يشهد انقطاع التيار الكهربائى تعويلا على الخطة العاجلة التى ستبدأ وزارة الكهرباء تنفيذها أواخر شهر مايو عن طريق تركيب وحدات توليد كهرباء ثابتة ومتنقلة لإنتاج 3600 ميجاوات. غير أنه أخيرا صرح السيد المتحدث باسم وزارة الكهرباء بأنه لا ضمانة لعدم انقطاع الكهرباء فى الصيف المقبل، وهى التصريحات التى أراها أكثر شفافية ومنطقية للاعتبارات التالية:

ــ أن الطلب على الكهرباء يزيد سنويا بدافع الزيارة السكانية الطبيعية فى ضوء معدلات النمو السكانى الثابتة تقريبا عن حد 2.5 % سنويا حيث يستحوذ الاستهلاك المنزلى على 43.35% من إجمالى الكهرباء المولدة.

ــ التحسن فى الأداء الاقتصادى وارتفاع معدلات النشاط الاقتصادى والتشغيل التى تؤكدها تصريحات لوزيرى التخطيط والاستثمار بأن معدل النمو الاقتصادى فى الربع الأول من هذا العام تصل إلى 4ــ 4.5% تقريبا حيث يستهلك القطاع الصناعى 26.11% من إجمالى الطاقة المولدة.

ــ من الناحية الأخرى وعلى جانب العرض لم تعلن الحكومة منذ الصيف الماضى عن تشغيل محطات جديدة أو اضافة قدرات توليدية جديدة للمحطات القائمة (باستثناء ما تتضمنه الخطة العاجلة التى لم تبدأ بعد ومحطتى العين السخنة وبنها اللتان تم إنشاؤهما ولم يتم تشغيلهما) فى الوقت الذى تقل فيه معدلات توليد الكهرباء من المحطات القائمة بسبب تناقص كفاءة مكونات تلك المحطات بدافع العمر الافتراضى حيث إنه وفقا للتقرير السنوى لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك لعام 2014 فان 27% من المحطات القائمة عمرها أكثر من عشرين عام و21% يتراوح عمرها بين 10ــ20 سنة كما أشار نفس التقرير إلى أن عمليات صيانة المحطات والمفترض اجراؤها بشكل دورى لا تتم بانتظام.

ــ ارتفاع الفقد فى الكهرباء المولدة أثناء مرحلتى النقل والتوزيع حيث بلغ صافى الطاقة الكهربائية المولدة من جميع محطات الإنتاج من المصادر المختلفة لتوليد الكهرباء نحو 143 مليار ك.و.س عام 2014 بعد فقد نحو 15% فى مراحل النقل والتوزيع وهى النسبة التى تعد مرتفعة بالنظر إلى أن النسب المثالية تتراوح بين من 5ــ8% ويرجع هذا إلى عدم كفاءة شبكة النقل.

ــ عدم تأمين المحطات واستمرار الأعمال الإرهابية التى تستهدف شبكة الكهرباء وتحديدا محولات وأبراج الكهرباء.

ــ عدم ضمان توافر الوقود اللازم لتوليد الكهرباء واستمرار الأزمة بين وزارتى الكهرباء والبترول وتراكم مديونية قطاع الكهرباء لدى وزارة البترول إلى عشرات المليارات.

•••

وبالنظر إلى أن الحلول على المدى القصير محدودة ومؤقته ينبغى التفكير فى حلول مختلفة ومستدامة يتم تنفيذها على المدى البعيد للمساهمة فى الاستجابة للطلب المتزايد على الكهرباء خلال شهور الذروة. ومن بين هذه المقترحات هو إدماج المواطنين فى منظومة إنتاج الطاقة الشمسية أو ما يعرف بـNet Energy Metering NEM حيث تتمتع مصر بميزة نسبية عن دول تفوقت فى مجال الطاقة الشمسية مثل ألمانيا التى لا تستطع فيها الشمس سوى أيام معدودة فى السنة ومع ذلك نجحت فى توليد 7% من إجمالى الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية. وتتلخص الفكرة الأساسية لهذا النظام فى قيام المواطنين بتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية عن طريق تثبيت ألواح إنتاج الطاقة الشمسية فوق أسطح المنازل Residential Rooftop Solar Panels وتوريد الكهرباء للدولة بأسعار تفوق قليلا تعريفة استهلاك الكهرباء.

ويتم بعد ذلك إجراء عملية مقاصة بين الدولة والمستهلكين فإن كان حجم الاستهلاك من جانب المواطنين أكبر من حجم انتاجهم يدفعون الفارق واذا حدث العكس فإنهم يحققون ربحا. ويتم العمل بهذا النظام فى العديد من الدول المتقدمة والنامية حيث كان المحرك الأساس له هو التوسع فى انتاج الكهرباء من المصادر النظيفة بما يحافظ على البيئة ودعم احساس المواطن بدوره فى التنمية الاقتصادية وتقديم حافز ايجابى له بترشيد استهلاك الكهرباء عن طريق تخفيض فواتير الكهرباء بل وامكانية تحقيق مكسب اذا زاد الانتاج عن الاستهلاك.

ويمكن أن يتم تنفيذ برنامج قومى فى هذا الإطار بمشاركة وزارتى الكهرباء والمالية والبنوك التجارية يتضمن إعفاء الألواح الشمسية ومستلزمات إنشائها وتركيبها وقطع غيارها من جميع الرسوم الجمركية والضرائب بما يساعد على إتاحتها فى السوق بأسعار معقولة على أن تقدم وزارة الكهرباء الدعم الفنى واللوجيستى فى عملية التجهيز والتركيب والصيانة مع تقديم تسهيلات بنكية بشروط ميسرة للمواطنين لشراء الألواح الشمسية بضمانة تعاقدهم مع الدولة لتوريد الكهرباء.

محمد القرمانى مدرس مساعد السياسات العامة بجامعة أوريجون
التعليقات