لا تغيير سياسيًا بدون انخراط فاعل للطبقة العاملة فى مساره - جورج إسحق - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 5:15 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا تغيير سياسيًا بدون انخراط فاعل للطبقة العاملة فى مساره

نشر فى : الإثنين 27 ديسمبر 2010 - 10:29 ص | آخر تحديث : الإثنين 27 ديسمبر 2010 - 10:29 ص

 على امتداد السنوات الخمس الماضية التى شهدت بداية ذوبان الجليد وفك الجمود عن الحركة السياسية منذ ظهور حركة كفاية، والتى كانت أكثر لحظاتها تألقا وسطوعا، والتى برزت فيها دروسا ملهمة لحركة النضال الديمقراطى هى تلك التى شهدت دخول الطبقة العاملة ممثلة فى عمال مصر الشرفاء على خط الاحتجاجات والدفاع عن مطالبهم الاقتصادية والاجتماعية، وعن حماية الأصول الإنتاجية من عمليات النهب والفساد التى تتم فى سياق سياسة الخصخصة، ولعل ابرز النقلات الكيفية التى قامت بها الطبقة العاملة فى سياق هذا النضال الديمقراطى خلال تلك الفترة هى الانتقال ببؤرة الاحتجاج مما كان يسمى مثلث الرعب (سلالم نقابة الصحفيين، ونقابة المحامين ونادى القضاة) وهى كلها مؤسسات تنتمى افتراضا إلى المجتمع المدنى وكانت تحتضن بدرجات مختلفة حركة الاحتجاج الديمقراطى، إلى مثلث الاستبداد حيث عقر دار النظام الحاكم ممثلا فى رصيف مجلس الشعب ورصيف مجلس الشورى ورصيف مجلس الوزراء والتى تشكل قمة مؤسسات الحكم.

كان هذا التحول فى مكان إعلان صرخات الاحتجاج، ابرز التحولات رمزية فى حركة النضال الديمقراطى حيث تحول بفضل عمال شركة كابرى للأغذية، ومصر للصناعات الغذائية، والنوبارية للميكنة الزراعية، والمعدات التليفونية، وعمال تحسين الأراضى، وعمال الإسكان والتعمير وغير من عشرات المؤسسات الإنتاجية إلى بؤرة احتجاجية اجتذبت كل الفئات الاجتماعية حتى وصل عدد الفئات المعتصمة أو المتظاهرة فى تلك البقعة فى بعض الأيام إلى 7 و 8 فئات مختلفة وكان تطور أشكال الاحتجاج التى قام بها عمال امونسيتو والذى وصل إلى حد محاولة الانتقال من رصيف البرلمان إلى داخل البرلمان دفاعا عن حقوقهم أكثر مما يمكن أن يحتمله النظام خاصة الذى قام بحملة قمع شديدة لتحرير مثلث الاستبداد من احتجاجات العمال نتج عنها إصابة العشرات من عمال مصر.

أيضا شكل إضراب عمال المحال فى 6 أبريل نقلة نوعية فى أساليب النضال الديمقراطى كأول مؤشر على إمكانية أن يخوض المصريون إضرابا عاما تتلاحم فيه جمع الفقراء من كل الفئات الاجتماعية، وهو ما دفع النظام وأجهزة الأمن إلى حد استخدام الرصاص الحى وقتل المواطنين لقتل جرأة عمال مصر على تصعيد أشكال احتجاجهم بإظهار القبضة الخشنة للنظام، وعلى الرغم من هذا القمع واصل عمال مصر نضالهم الديمقراطى باستخدام كل الأساليب السلمية ولعل لجوءهم للقضاء والحصول على الحكم التاريخى برفع الحد الأدنى للأجور إلى 1200جنيه درسا ملهما آخر، لقد كان قيام العمال خلال الخمس سنوات الماضية بمئات الإضرابات والاعتصام والوقفات الاحتجاجية والتظاهرات ورفع مئات القضايا على الدولة مؤسسات وقيادات نزولا إلى الفاسدين من رؤساء مجالس إدارات شركاتهم المنهوبة دافعا وملهما لدخول قوى أخرى لا تقل أهمية من حيث التأثير فى مجرى النضال الديمقراطى إلا وهم الفلاحون الذين خرجوا بشكل واسع ولأول مرة منذ ثورة 19 دفاعا عن ارض ومطالبة بالمياه.

هذه المؤشرات تؤكد على أن إعادة الحيوية والزخم لحركة النضال الديمقراطى خاصة بعد كارثة الانتخابات وما يمكن أن ترسخه من مشاعر للإحباط أو عزوف عن النضال السلمى والبحث عن سبل أخرى قد تكون كارثية على مستقبل الوطن، لن تكون إلا بالاعتماد بشكل حقيقى على أوسع انخراط للطبقة العاملة فى النضال الديمقراطى وهو ما يجب أن يكون مسعى كل القوى الديمقراطية، والتى يجب ان تستلهم من مطالب ونضال العمال طوال الفترة السابقة المطالب الأساسية لعمال مصر والتى يجب أن تكون على أولوية برنامجها النضالى خاصة:

تعديل الحد الأدنى للأجور وربط الأجر بالأسعار.

حق الحمل فى التأمين الصحى المجانى الذى يقدم لهم خدمة ورعاية طبية حقيقة.

ضمان الحصول العمال على معاشات وضمانات اجتماعية تضمن لهم حياة كريمة بعد التقاعد، وربط المعاشات بمستويات التضخم.

تحرير التنظيم النقابى وحق العمال فى تشكيل نقاباتهم المستقلة.

حق النفايات فى التفاوض من أجل تحرير عقود عمل جماعية تضمن فيها مصالح العمال.

إيقاف كل التشريعات والقوانين التى يعدها النظام لتمريرها من خلال برلمانه المزيف والتى سوف تضر بمصالح العمال.

الإيقاف التام لبرنامج خصصه المؤسسات المملوكة للدولة كما ينفذ الآن والذى تهدر فيها ملكية الشعب ومصالح العمال، ومراجعة اتفاقيات بيع المؤسسات التى سبق وتم تخصيصها لكشف ما بها من إهدار وفساد ومحاسبة المتسببين فيه.

الإيقاف الفورى لاستيراد كل السلع التى يتم تصنيع مثيلها فى مصر لحماية الصناعة الوطنية خاصة صناعة النسيج لوقف خراب وإفلاس المصانع المصرية.

هذه المطالب التى لا تتعلق بطبيعة البناء الاقتصادى السياسى الذى تختلف فيه القوى السياسية يمكن أن تشكل برنامجا موحدا نتوجه به للطبقة العاملة كجزء من مطالب التغيير الديمقراطى الذى لن يتم إلا إذا كانت هى أبرز قواه.

هذا هو ندائى إلى قوى التغيير الديمقراطى خاصة الجمعية الوطنية من أجل التغيير والتى يجب أن يتجاوز انحيازها لمصالح العمال مجرد تبنى هذه المطالب بل تقديم رؤى أكثر تفصيلا توضح طبيعة ما يمكن أن يجنوه فى حالة انحيازهم الكامل والنشط لقوى التغيير فى صورة مشروعات لقوانين كخطوة أساسية لاكتساب ثقتهم ولخفض حجم المعاناة والضحايا التى يقدمها الوطن يوميا مع استمرار نظام الفساد والاستبداد.

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات