سعادة الشعوب! - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 10:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سعادة الشعوب!

نشر فى : الإثنين 27 ديسمبر 2010 - 8:46 ص | آخر تحديث : الإثنين 27 ديسمبر 2010 - 8:46 ص

 مع بداية كل عام، حيث تتجدد الأعياد وتتوالد الآمال وتتحرك عجلة الزمن إلى الأمام، يتطلع الناس إلى التغيير بحثًا عن السعادة.. يتمناها الإنسان لنفسه وأسرته ولأصدقائه ولوطنه، ولكنه قد يسأل نفسه عن معنى السعادة؟ هل هى زوال الفقر وزيادة الدخل كما يفهمه رجال الاقتصاد؟ أم هى دوام الصحة والتغلب على المرض ومواجهة الموت بشجاعة؟ هل هى حالة الرضا بما قُسم والسكوت على الضيم وانتظار المجهول؟ أم أن السعادة هى فى مقاومة الظلم واستشراف المستقبل والسعى الدائب إلى العيش فى مجتمع يسوده السلام والعدل والطمأنينة؟

تظل السعادة وهمًا من الأوهام الخالدة فى حياة الإنسان، ولكنها فى العصر الحديث لم تعد شعورًا بالمطلق، بل مجرد حالة عابرة أو نسبية لا تدوم طويلًا. يحاول البعض قياسها باختلاف مراحل العمر.

فالأكثر شبابًا أكثر سعادة أو العكس. وهناك دراسات تقول إن الإنسان بمجرد تجاوزه أزمة منتصف العمر، يصبح أكثر هدوءا واستقرارًا واستمتاعًا بالحياة، أى أكثر سعادة. وهى وجهة نظر قد لا يوافق عليها الكثيرون ولكنها تجد قبولًا فى بعض الدراسات الاجتماعية فى الدول الديمقراطية المتقدمة. والمهم ألا يصل الإنسان إلى أرذل العمر. ويحاول البعض الآخر قياسها بمعدلات الدخل ومستوى المعيشة. فالميسور الحال الذى يتعاظم دخله وتتسع نفقاته لكل احتياجاته، أكثر سعادة ــ فى نظر البعض ــ عن المحدود الدخل أو الجالس على عتبة الفقر فى حدوده الدنيا».

ولا تقف الدراسات عند حد قياس السعادة لدى الفرد، ولكنها تمتد لتشمل قياس السعادة لدى الشعوب. أو ما يمكن تسميته «مجمل الدخل القومى من السعادة». أو حالة الرضا العام عن مستوى التعليم والصحة والحكم الصالح والديمقراطية والحريات، ويستخدم الاقتصاديون احصائيات من هذا النوع فى وضع خطط المستقبل. وقرأت أن الرئيس الفرنسى ساركوزى كلف اثنين من أكبر علماء الاقتصاد في العالم: أمارتيا سن وجوزيف ستجلتز بإعداد دراسة عن حجم الرضا أو السعادة القومية فى فرنسا وهى تختلف عن مجمل الدخل القومى». وسارعت حكومة دافيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا إلى إعلان خطط لتجميع احصائيات عن حالة الرضاء العام فى بريطانيا.

ولكن السعادة لا تتحقق بغير «الأمل».. الأمل فى «التغيير»، والكلمتان مرتبطتان تمثلان معًا لُبَّ الخطاب السياسى فى أى مجتمع متقدم أو يتطلع إلى التقدم. ولا تكاد تجد شعبًا فى عصرنا الحديث من الشعوب التى قفزت إلى المقدمة، لا يؤمن بأن بلاده تسير فى الطريق الصحيح. أى فى طريق يحدوه الأمل فى التغيير. ويتطلع كل فرد فيه بطريقة أو بأخرى إلى تحقيق آماله فى مستقبل قريب.

نحن فى مصر وفى مجمل الشعوب العربية لا تقاس سعادة الفرد عندنا بتوافر احتياجاته وقدرته على تحقيق آماله. ولا أحد يعرف هل نعيش فى مجتمعات سعيدة أم تعيسة، على الرغم مما ينفق فيها من أموال وما تدره أرضها من ثروات لا يد لنا فيها. وعلى الرغم من مظاهر الفخفخة والثراء التى يتمتع بها بعض أفرادها. إذ يغيب عنصر الأمل فى التغيير وتتقلص طاقة الإبداع والتفكير الايجابى ليحل محلها الميل إلى التقليد، واليأس من المستقبل والركون إلى ما هو قائم والخوف من التجديد!

وحين قرأت قبل أيام رؤية القيادى الكبير فى الحزب الحاكم عن الإنجازات التى حققتها انتخابات مجلس الشعب، لم يتحدث عن التغيير الذى طرأ على الشعب المصرى، ولكن عن التغيير الذى أنجزه الحزب.

وبدا أن مفهوم السعادة والرضا عن الحال ينعكس برأيه فى زيادة عدد السيارات الخاصة التى اشتراها المصريون، وعدد المدارس الخاصة التى استوعبت أبناء الأثرياء الجدد. وحين أراد أحد الوزراء قياس درجة الرخاء التى يعيشها الشعب، استدل على ذلك بامتلاك الملايين للمحمول، وليس على خروج الملايين من أسر الأمية أو تخطى عتبة الفقر وانتهاء عصر العشوائيات.

لم يطرح أحد فى مصر هذا السؤال: هل نسير فى الطريق الصحيح؟ لا أحد يعرف الإجابة. فالذين يقودون يظنون أنهم فى الطريق الصحيح رغم كل الأخطاء وانعدام الحساب. والذين ينقادون فقدوا القدرة على التساؤل والاسهام فى التغيير، ولهذا لم يعد غريبا أن يكون الحديث عن التغيير فى مصر هو التغيير الوحيد الذى جدَّ على الحياة السياسية فى2010، هذا ما عرفناه. أما ما لا نعرفه من مفاجآت فسوف نشهده فى 2011.

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات