بطل من مصر - احمد سعيد - بوابة الشروق
الخميس 3 يوليه 2025 9:41 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

من أفضل فريق عربي في دور المجموعات بمونديال الأندية؟

بطل من مصر

نشر فى : الأربعاء 29 مارس 2023 - 8:25 م | آخر تحديث : الأربعاء 29 مارس 2023 - 8:25 م

قبل أيام مر مرور الكرام انجاز رياضى عالمى دون أن يشعر به المصريون.
السباح المصرى الشاب يوسف رمضان (٢١ عاما)، الطالب فى جامعة فرجينيا الامريكية Virginia Tech، فاز بسباق 100 ياردة فراشة فى بطولة الجامعات الامريكية NCAA وحقق رقما مبهرا يعتبر ثانى أفضل رقم فى تاريخ هذا السباق 43,15 ثانية.
والرياضيون فى العالم يعرفون قدر وأهمية بطولات الجامعات الامريكية التى يخرج منها ابطال العالم فى لعبات عديدة أهمها السباحة وألعاب القوى والسلة، وبفضل هؤلاء الابطال تكتسح أمريكا المنافسات الرياضية الدولية.
والانجاز الذى حققه البطل المصرى ليس هو الاول فى مشواره الشاق نحو منصات التتويج، ولكنه خطوة فى رحلة طويلة، قاسية لا يخوضها وحده، ولكن معه أسرة، أب وأم وأخوات، يعيشون على أعصابهم، وأيامهم الصعبة ليست كأيام بقية البشر.
يوسف، كان قد حقق من قبل فى أوليمبياد طوكيو الصيفية إنجازا مهما مر بهدوء ولم يلتفت اليه أحد عندما تأهل فى نفس السباق لنصف نهائى البطولة برقم ممتاز 51,67 ثانية، محققا المركز الرابع عشر على العالم.
وبعد إنجازه الأخير فى بطولة جامعات أمريكا فإن يوسف يسبح الآن نحو مربع أساطير هذا السباق، بل ويحطم أرقاما تاريخية كانت حكرا على أبطال أمريكا والعالم الاول!
وعندما أتحدث عن حجم وقيمة انجاز يوسف رمضان، فأنا أعرف تماما بل وأشعر شخصيا بمدى المعاناة والتضحيات والجهد الخرافى الذى بذله ليصل إلى منصة واحدة من أكبر المنافسات الرياضية فى العالم، فأنا كنت أمتلك ذات يوم رقم مصر وافريقيا فى سباق 100 متر فراشة، وكان منتهى أملى وطموحى أن أمثل بلدى فى الأوليمبياد، وهو ما تحقق بالفعل عندما شاركت فى أوليمبياد 84 فى لوس أنجلوس.
وهؤلاء الذين قد يقرأون بالصدفة فى الصحف خبرا من بضعة أسطر عن فوز يوسف الكبير وتحقيقه لهذا الرقم المؤكد أنهم سيفرحون للحظة بانتصار ابن بلدهم، ولكنهم لا يعلمون قدر «العذاب» الذى تحمله والقلق والتوتر الرهيب الذى مر به حتى يصل إلى هذا المستوى، ونفس الشىء يحدث أيضا مع الفارق مع ابطال كل اللعبات، فنحن لا نعرف ــ مثلا ــ شكل الحياة التى يعيشها محمد صلاح ليحافظ على مستواه وسط الصراع والمنافسة الهائلة فى الدورى الانجليزى. وما يحدث مع صلاح يحدث أضعافه لابطال اللعبات الفردية، فإذا أخطأ محمد صلاح أثناء مباراة فإن الخطأ «ممكن يعدى» وقد يفوز فريقه فى النهاية، ولكن فى السباحة فإن أقل غلطة تدفع ثمنها غاليا، وخسارة عشر الثانية تفقدك بطولة بأكملها وتخسرك تعب سنوات من عمرك.
وأى سباحا فى طريقه لأى بطولة يتدرب نحو ٨ ساعات يوميا. يبدأ من الفجر، وخلال ساعات التدريب، لا يتحدث لأحد، يكون وجهه فى الماء، لا يرى غير القاع، تنقطع علاقته بالعالم من حوله، ضغط هائل وتركيز مطلق، لا يشعر بشىء، فقط أنفاسه اللاهثة وضربات ذراعيه فى الماء، وخط النهاية.
والسباحة ــ رغم أنها من أقدم وأشهر اللعبات الأوليمبية ــ إلا أنها لا تحظى بالجماهيرية الساحقة للعبات أخرى مثل كرة القدم التى يتابعها الملايين يوميا ويعرف عشاقها قواعدها ويلاحقون ابطالها، وتجنى منافساتها البلايين، من حقوق البث والتذاكر والاعلانات والتسويق. لاعبو كرة القدم فى العالم والسلة (فى امريكا ) مشاهير بل أساطير، فإذا فاز محمد صلاح مع ليفربول ببطولة دورى ابطال اوروبا فإن كل بيت فى مصر يعرف فورا وذلك لوعيهم بقيمة البطولة وعظمة الانجاز، تنشر الصحف صوره فى الصفحات الاولى، ويعلق الناس صوره فى الشوارع وعلى السيارات وتتحدث عنه برامج التليفزيون ليل نهار.هذا كله لايحدث مع ابطال اللعبات الأخرى، فمعظمها لعبات شهيدة، أبطالها يعيشون فى الظل ويحاربون وحدهم معاركهم، وفوق هذا فإن السباحة لم تدخل عالم المال، وليست من مجالات البيزنس الجديدة التى يستثمر فيها الأثرياء أموالا طائلة.
لكل ماسبق، فإنى اليوم أدعو المصريين ليوجهوا معى كلمة شكر وتحية من القلب، لهذا البطل المصرى الشاب الذى خاض نضاله الشاق نحو بطولة كبرى وانجاز تاريخى، وحيدا فى غربته بلا دعم أو تشجيع أو متابعة من جهة رسمية أو جمهور أو اعلام!.
وتحية تقدير وعرفان لوالدة يوسف ولوالده، الابطال الحقيقيون فى الكواليس. كما أحى جده المحترم على منصور عاشق الرياضة الكبير الذى آمن بموهبة حفيده البطل.
ولبطلنا يوسف رمضان، أقول له من قلبى ــ كسباح مصرى سابق ــ.. انت حققت لنفسك ولبلدك مجدا عظيما يابنى،.. استمر يابطل، نحن نراك، قلوبنا معك، نصفق لك مع كل كسر من الثانية تقطعه فى مشوارك الشاق، وننتظر منك أن تحقق لنا الانجاز الحلم فى السباحة، أول ميدالية ذهبية لمصر فى السباحة بأوليمبياد باريس 2024. أعرف بالتأكيد أن هذا حلمك الكبير، واقول لك ــ بدون ضغط عليك ــ أن هذا أيضا هو حلمنا معك، حلم الملايين أن تستمر، وأن ترفع علم مصر أمام أنظار العالم فى باريس، وأن تواصل مابدأه عظماء وعظيمات بلدك أمثال البطلة فريدة عثمان الذين حفروا الطريق، بقصصهم الناجحة، وزرعوا الأمل فى قلوب آلاف الشباب الذين عشقوا رياضة السباحة فى مصر بسببهم.

احمد سعيد
سباح مصرى اوليمبى ونائب رئيس مجلس إدارة النادى الأهلى السابق، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية السابق بمجلس النواب

احمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار
التعليقات