فلسفة الفخرانى الشيطان - خالد محمود - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:07 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فلسفة الفخرانى الشيطان

نشر فى : الأربعاء 29 يونيو 2016 - 9:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 29 يونيو 2016 - 9:50 م
ماذا يريد أن يفعل بنا «ونوس» فى رحلة الشك واليقين، الإيمان واللا إيمان، هذه المرة أقف أمام يحيى الفخرانى الذى بات يفلسف التمثيل ويحول التشخيص إلى تساؤلات مؤرقة، فى مقدمتها: هل تؤمن بنفسك.. بقدرك فى هذه الدنيا أم لا، هل تدع الشيطان الذى بداخلك ينتصر عليك، ويتلاعب بحياتك وتسمح له ان يتسلل ليصبح جزء من دمك؟! نعم لكل منا ظل شيطانى يظهر فى لحظة الضعف، هذه حقيقة، تشعر بها عندما تتوه منك الدنيا، وتشعر بدوار الزمن.

«أنت مؤمن ياعم ونوس؟» سأل الشاب نبيل عم ونوس ــ تلك الشخصية التى ظهرت فجأة فى حياة أسرة «انشراح» كطيف يخبرهم بأن أباهم ياقوت الذى تركهم من عشرين عاما مازال على قيد الحياة، وانه يعرف مكانه ويملك ثروة كبيرة ــ ونوس أجاب عن سؤال نبيل وهو ينظر فى عينه: «نعم مؤمن.. مؤمن جدا بنفسى وأول طريق الإيمان أن تحب نفسك» وهنا يلقى الكاتب عبدالرحيم كمال حكمة العمل كسهم يخترق قلوبنا، فحب النفس هو أرقى معانى الصفاء، والمراجعة والحساب بل فى هذا الحب يكمن ميزان عدل الحياة، فعندما تحبها تسمو بها فوق كل لحظات الخطيئة، وما أكثر خطايا أيامنا.

ونوس يتلاعب بالبشر من حوله، عبر سيناريو أشبه بلعبة سيجا، حصاها لحم ودم، ينقلهم من خانة لخانة، مرة فى مربع الوهم، واخرى فى مربع الحقيقة، وثالثة يلقى بها حجر الشيطان، هكذا فعل مع انشراح وابنائها «نرمين، عزيز، ونبيل، وفاروق» فتتطور الأمور ويبدأ الصراع بين الأبناء والزوجة، ما بين العودة إلى حضن الأب والأموال، أو المضى فى حياتهم كما كانوا. وهنا يشرح الكاتب شخصياته عبر صورة واقعية للمخرج المجتهد شادى الفخرانى، فنرمين التى جسدتها بنضج كبير حنان مطاوع، تعانى مع ابنها المريض وقد مسها جزء من شيطنة ونوس، وفاروق الشاب المتدين وجسده «نيكولا معوض» يستسلم هو الآخر لألاعيب ونوس الذى يقنعه بأن يترك التدريس والمسجد، ويذهب إلى إلقاء دروس العلم فى أماكن الأشخاص الأغنياء، والقنوات الفضائية حيث الشهرة والمال، ونبيل الذى لعب دوره محمد كيلانى، الذى يغنى فى كباريه ويتهم فى جريمة قتل صاحبة الكباريه، وعزيز سائق التاكسى «محمد شاهين» الذى تتملكه لهفة البحث عن المال أكثر من العثور على أبيه، ايضا بفضل نصائح ونوس الذى قلب حياة الجميع رأسا على عقب، وعلى رأسهم انشراح التى جسدت دور الأم ببراعة كبيرة، ووعى، بل ويعد دورها نقلة فى هذا العمل وفى مشوارها، فنحن نرى الأم التى اخفت ملامح الزوج من كل الصور، ومن وجودها، لتربى ابناءها وحدها وفق قواعدها، وفجأة عندما يظهر ونوس تهدم كل هذه القواعد لينفرط العقد.

ياقوت أو الزوج الذى جسده العملاق نبيل الحلفاوى حائر بين العودة المباشرة لأولاده، وعدم العودة، انه يجسد الحلم والوهم، وقد تقمص بحق شخصية صعبة، ويبدو ان الوقوف امام يحيى الفخرانى يمثل تحديا كبيرا لكل الممثلين من حوله، فيصيبهم بحالة وهج إبداعى وتألق كبير، فى هذا العمل تخطى الفخرانى ما وراء الابداع بتعبيراته، ونظرات عينيه التى تكمن بداخلها شيطنة البشر وملائكيتهم ايضا.

تركنا الفخرانى وعبدالرحيم كمال لضمائرنا وهواجسنا وحيرتنا نفك وحدنا رموز ونوس ثم نحكم عليه أو على أنفسنا.
خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات