عوائق تجديد الخطاب الدينى 26 ــ نعمة المذهبية ونقمتها _ د - جمال قطب - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 1:36 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عوائق تجديد الخطاب الدينى 26 ــ نعمة المذهبية ونقمتها _ د

نشر فى : الخميس 30 يونيو 2016 - 9:55 م | آخر تحديث : الخميس 30 يونيو 2016 - 9:55 م
دون الأصوليون القدامى والمحدثون أسباب اختلاف الفقهاء دفاعا عن مشروعية التعددية من ناحية ودعوة لتجديد الحوار بين تراث المذاهب سعيا إلى موقف جديد بعدما حدث من تطورات لا تغفل مثل تحقيق التراث وطبعه ونشره، وتعدد مراكز البحث العلمى وجامعاته. وكان التقدم فى أدوات ووسائل النشر من (طباعة/ إذاعة/ تليفزيون/ فضائيات/ إلخ).. كل ذلك فتح الباب لتراث المسلمين أن يتجدد ويصدر فى ثوب جديد.

ــ1ــ

وقد اختلف الفقهاء قديما ــ دون حرج ــ وقد نتج اختلافهم عن أسباب كثيرة أبرزها: أسباب لغوية مثل ميل كل فقيه إلى اختيارات لغوية فى معانى الألفاظ، حيث إن الألفاظ العربية تحمل أكثر من معنى فترى كل فقيه قد اختار المعنى الأقرب إلى ثقافته أو ربما إلى لغة قبيلته. وكذلك فقد قررت بعض مصادر اللغة وجود ألفاظ يسمونها مشتركة، أى يحمل لفظ معنيين متباينين!!! ويمثلون لذلك بلفظ «القرء» الوارد فى القرآن: ((وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ))، فبعض اللهجات يعتبرون «القرء» بمعنى (الحيض)، بينما البعض الآخر يعتبره بمعنى (الطهر).. فلماذا لا يجتمع الفقه على أرجح المعنيين وهو (الطهر)، فإن كان بمعنى الحيض فهو فى مأمن وإن كان بمعنى الطهر فقد أصاب الحق.. وأمثلة كثيرة تجعل اللفظ القرآنى ذا معنيين متضادين!!! فلماذا؟

ــ 2 ــ

كذلك فإن وقوع فريق كبير من الفقهاء فى مأزق «النسخ» جعلهم يختلفون فى بعض الآيات هل نسخت أم لا؟ وكان الأولى فقها أن يتجنب الجميع مأزق «النسخ» حرصا على عدم العدوان الخارجى على «القرآن المبين». 
واختلفوا كثيرا بسبب تفاوت علمهم بملايين المرويات من الأحاديث النبوية ثم مدى علمهم بالصحيح والضعيف.. ولهذا تختلف أحكام الفقه. واختلفوا أيضا بسبب اعتبار ألفاظ القرآن: هل هى كلها على الحقيقة؟ أم أن بعضها على المجاز ــ كذلك لم ينتبه البعض إلى «الرحمة» من الله فى تعدد مستويات الحاكم بسبب اختلاف قدرات المكلفين إذ بينهم القوى والضعيف، وبينهم المريض والصحيح وبينهم المسافر والمقيم. كما أن تفاوت القدرات العقلية واختلاف الظروف والفقهاء القدامى يتصورون «أحادية الحكم».

ــ 3 ــ

وأسباب أخرى كثيرة لا يشتغل بها غير المتخصصين.. وكان ذلك الاختلاف قبل سقوط الحدود وتواصل الشعوب، فضلا عن تحقيق التراث واكتشاف ما كان غائبا، فلماذا لم تؤد الجامعات المسئولة مهمة «الفقه المقارن» بحثا عن الوجه الراجح بين أقوال الفقهاء، أو تكميل وتصحيح أحد الأوجه لأنه الأقرب إلى قيم القرآن ومقاصده..

ــ4ــ

ولا يزال الفقه المقارن فى الأزهر وغيره يقوم ويقعد فى فقه الشعائر، ذلك الفقه الذى قالوا عنه «نضج واحترق»، ورغم ذلك فإن أبوابا كبرى من الفقه مازالت غائبة متروكة، أو باقية على شكلها فى «دراسات استطلاعية» لم تنل حقها من التمحيص والتحقيق والاستنباط والصياغة والتدوين.
ــ5ــ

وأبرز أبواب الفقه الغائب: باب الفقه الاجتماعى، ويضم آثار الطلاق على الأسرة والأبناء/ وآثار المبالغة فى المهور/ ومحاور تربية الأبناء وتعليمهم.. ونرى الآن تنافسا غير برىء بين المسلمين فى الزج بأبنائهم إلى مدارس وجامعات لا تحقق خيرا ملموسا، ولا نرى من آثارها غير الخلل النفسى والقصور المعرفى والاستعلاء على الوطن والبيئة إلخ.. فأين فقه التربية والتعليم؟

ــ6ــ

والفقه الاقتصادى وقصوره فى: الاستثمار/ الإعمار/ التمويل/ اختيار السلعة أو الخدمة/ نسبة الربح/ أعمال البنوك إلخ.

ــ7ــ

ولايزال الموروث فى الفقه السياسى طفوليا لا يرقى لمستوى القرآن وصحيح السنة، فالشورى بغير ضوابط، والتولية والعزل إما بالهوى أو التغلب. وتداول السلطة إما بالوراثة أو الموت أو العنف. فهل يصلح هذا الفقه لخطاب دينى رشيد؟!
جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات