إن بعض الحظر إثم - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 5:58 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إن بعض الحظر إثم

نشر فى : الخميس 30 يوليه 2015 - 9:30 ص | آخر تحديث : الخميس 30 يوليه 2015 - 9:30 ص

توسع النيابة العامة فى قرارات حظر النشر لتشمل قضايا «تافهة» لا تمثل أى خطورة على الأمن القومى ولا تنطوى تحقيقاتها على معلومات حساسة، أصبح أمرا مضرا بحق الشعب فى المعرفة والحصول على المعلومات من ناحية، وبسمعة مؤسسة العدالة فى مصر من ناحية أخرى. فعندما يقرر النائب العام حظر النشر فى قضية اتهام رئيس هيئة موانئ بورسعيد بالحصول على رشوة عام 2014 وعندما تقرر حظر النشر فى قضية اتهام ضباط شرطة ورجال قضاء فى المتاجرة بالآثار، والآن عندما تقرر حظر النشر فى قضية اتهام أحد القضاة بالحصول على رشوة جنسية، يصبح السؤال عن معايير اتخاذ قرارات حظر النشر مشروعا وملحا، خاصة وأن الأمر يبدو فى بعض الأحيان وكأن هذه القرارات تستهدف توفير «الحماية الإعلامية» للمتهمين لمجرد انتمائهم إلى «مؤسسات على رأسها ريشة».

يمكن أن نتفهم قرارات حظر النشر فى تحقيقات قضايا الإرهاب وأمن الدولة على أساس أنها ربما تحتوى على معلومات لها قدر من الحساسية، ولكن فى جرائم الفساد والرشوة تصبح قرارات حظر النشر مدعاة للجدل والتشكيك. فما الفارق بين قاض متهم بالحصول على رشوة جنسية وموظف فى أى جهة حكومية أخرى متهم بنفس التهمة لكى تسبغ النيابة حمايتها على الأول وتحرم الثانى من هذه الحماية، وما هو الفارق بين ضابط وقاض متهمين فى قضية اتجار بالآثار ومئات المواطنين الذى يواجهون مثل هذه التهمة كل يوم، فنحظر النشر فى قضية «البشوات» بينما نطلق يد الإعلام فى قضايا المواطنين البسطاء فتوزع الداخلية صورهم أمام المضبوطات على وسائل الإعلام رغم أنهم مازالوا فى مرحلة الاتهام؟

ومن حسن الحظ أن قرارات حظر النشر ليست أحكاما قضائية محصنة ضد التعليق والتعقيب لذلك فإن طرح مثل هذه الأسئلة يظل أمرا مباحا بل ومطلوبا. ويجب ألا يقبل الإعلام بهذه السلطة المطلقة التى تغل بها النيابة يد الإعلام عن ممارسة عمله بطريقة انتقائية وغير مبررة فى أحيان كثيرة.

إن حظر النشر مثله مثل الحبس الاحتياطى من «أبغض الحلال» ولا يجب التوسع فى استخدامهما. لكن ما نراه فى الفترة الأخيرة هو توسع فى استخدام هاتين الوسيلتين حتى أصحبت الأولى وسيلة لحرمان الشعب من حقه فى المعرفة وتحصين «المتهمين من أصحاب المقام الرفيع» فى مواجهة الإعلام والثانية وسيلة لمعاقبة متهمين قد تنتهى المحكمة بعد حبسهم شهورا طويلة على ذمة التحقيق إلى براءتهم.

وجود ضابط أو قاض متهمين فى قضية فساد لا يسىء أبدا إلى المؤسسة التى ينتمى إليها المتهم بل إنه دليل نزاهتها ورفضها التستر على فاسد بداخلها، فى حين أن حظر النشر فى مثل هذه القضايا دون مبرر مقبول يلقى بظلال من الشكوك على نزاهة التحقيق، لذلك فإن بعض الحظر اثم عظيم.

المفارقة أنه لا يوجد أى نص قانونى يعطى النائب العام سلطة اتخاذ قرارات بحظر النشر فى أى قضية حيث خلا قانون الإجراءات الجنائية من أى نص تشريعى ينظم قرارات النيابة العامة بحظر النشر فى بعض القضايا ومن ثم لم يحدد أيضا سبل الطعن على تلك القرارات.

التعليقات