اللي بنى مصر (11).. الكونت دي زغيب شريك أفراح المصريين بريادة صناعة الشربات - بوابة الشروق
الجمعة 2 يونيو 2023 8:17 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد إنتاج فيلم وثائقي مصري عن كليوباترا ردا على عمل نتفلكس؟

اللي بنى مصر (11).. الكونت دي زغيب شريك أفراح المصريين بريادة صناعة الشربات

محمد حسين
نشر في: الأحد 2 أبريل 2023 - 11:24 ص | آخر تحديث: الأحد 2 أبريل 2023 - 11:24 ص

بتاريخ حضارتها الممتد لآلاف السنين، واحتضانها وتفاعلها مع الثقافات المحيطة الأخرى، أصبحت مصر أشبه بلوحة فنية بديعة من مكونات عمرانية وعادات أصبحت تشكل تراثا ثريا وأصيلا، وراء ذلك عقول بشرية صنعتها؛ ليكون من الجدير بها أن يطلق عليها لقب "اللي بنى مصر".

وتحت هذا العنوان، سنعرض في حلقات مسلسلة بعض ملامح سيرة من شكلوا لمصر وجهها الحضاري العظيم، وتراثها الملهم، على مدار أيام شهر رمضان المبارك، للعام الثاني على التوالي.

الحلقة الحادية عشرة..

يأتي "الشربات" كجزء أصيل من الثقافة والموروثات المصرية، بحضوره الدائم في المناسبات السعيدة، كالزواج والنجاح والتفوق الدراسي، وتزخر الذاكرة السينمائية التي كان مصدرها الأساسي مشاهد توثق ذاك الحضور المبهج دائما.

وبجانب "الشربات"، تعد المربى بمختلف نكهاتها أحد العناصر الأساسية للإفطار على المائدة المصرية، وساندويتشات منتصف اليوم الدراسي، ووراء تطوير هاتين الصناعتين كان رجل الأعمال الشامي "كونت دي زغيب"، والذي نشطت أعماله بمصر في نهايات القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين، وكان من أبرزها إنشائه لمصنع الشربات والمربى.

شبين القناطر نقطة البداية

يقول الدكتور حسين الرفاعي، في كتابه "الصناعة في مصر"، إن "الكونت دي زغيب" كان يمتلك أراضي زراعية شاسعة في عدد من محافظات الوجه البحري، وكان شخصية مُطلعة، لها مشاهداتها وزياراتها إلى أوروبا راغبًا في إقامة صناعة جديدة لم تكن مصر تعرفها من قبل.

ويواصل الرفاعي: "اختار دي زغيب مدينة نوى بمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية موقعًا للمصنع الجديد الذي قرر إنشاءه لصناعة المربى والشربات، واستطاع بعد دراسات وافية افتتاح المصنع في العام الأول للقرن العشرين بإمكانيات محدودة، وخطط مبدئية تعتمد على التجربة والمعدات البسيطة".

الرطل بشلن

وعن تفاصيل الإنتاج جلب الكونت دي زغيب، معدات بسيطة للعصر والتقطير، وأخرى لاستخلاص الروائح العطرية والمركزات، وبدأ في استخدام الفواكه المصرية المزروعة على مقربة من المصنع، وكان يستهلك ما بين 40 و50 ألف حبة لارنج سنويا، وخمسة آلاف حبة خوخ، ومثلها من من التفاح، والكمثرى؛ لينجح في إنتاج نوعيات مختلفة من المنتجات مثل المربى، والشليك، والقراصيا، والبلح، والشربات، والملبن، كما استخدم المصنع الطماطم لإنتاج الصلصة.

ويقول الرفاعي، إن مصنع نوى كان يبيع المربى المهروسة داخل الأواني الزجاجية "زنة رطل" بخمسة قروش، وغير المهروسة بسبعين قرشًا للدستة.

وأما المربى المهروسة المحفوظة في علب صفيح فقد كان سعر الدستة منها خمسين قرشًا، وكان سعر الملبن يتراوح بين 8 و12 قرشًا للأوقية، وكان المصنع يُنتج ما بين طن وطنين من المربى يوميًّا، ونحو مائة أقة من الملبن ونحو خمسة أطنان من الصلصة كُل يوم، والمربى المنتجة لم تكن تقل في الجودة عن غيرها من المربى المصنوعة في أوروبا، والتي عرفها المصريون بعد الاحتلال البريطاني.

انتشار الفكرة

وعن انعكاس فكرة دي زعيب، على الحركة الاقتصادية بتلك الفترة، يقول مصطفى عبيد، بكتابه "7 خواجات"، في الواقع أن المصنع الذي كان باكورة صناعة المربى والشربات والصلصة وكثير من المنتجات السكرية عمل طوال فترة الحرب العالمية الأولى، وظل مُنتعشًا لنحو عشرين عامًا متواصلة، وكان سببًا مباشرًا لقيام كثير من أصحاب الأموال في الدخول إلى الصناعة ذاتها، لتتقدم وتتطور، حيث لم تمر بضعة سنوات على تشغيل المصنع حتى تأسس مصنع "نادلر" بالإسكندرية سنة 1913؛ لصناعة الحلويات والشيكولاتة والمربى، وشغل نحو 80 عاملًا، وصدر منتجاته إلى السودان وعدن وقبرص وبيروت وجدة.

اقرأ أيضا: اللي بنى مصر (10).. الصول إدريس.. مبتكر الشفرة النوبية لتأمين اتصالات الجيش في حرب أكتوبر

وغدا نلتقي بحلقة جديدة..



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك