وتضيف "الأمر يشبه مجرد قبول مصائرهم دون فعل أي شيء، لأن هذا هو المقدر".
تقول لورا مارلو، زميلة أبحاث بارزة في وحدة العلوم السلوكية للسرطان في جامعة كينجز كوليدج في لندن في المملكة المتحدة، إن القدرية الناجمة عن السرطان لها بعدان، أما البعد الأول ناتج عن الحتمية: فكرة أن القوى الخارجية تسبب السرطان ولا يمكن الوقاية منه. والثاني هو عدم القدرة على العلاج: الاعتقاد بأنه إذا أصيب شخص ما بالسرطان فسوف يموت بسببه.
عندما يتعلق الأمر بالحتمية، فإن أحد تعبيرات القدرية التي يلمسها صامويل سميث، أستاذ علم الأورام السلوكية في جامعة ليدز في المملكة المتحدة، تتضمنها غالباً القصص الإخبارية، فكرة أن كل شيء تقريبا يسبب السرطان، مما يعطي الانطباع بأنه يكاد يكون من المستحيل معالجة الأسباب. وعلى النقيض من ذلك، يقول سميث: "كانت الرسالة حول السرطان مستقرة نسبياً فيما يتعلق بالمحددات البيئية لسنوات عديدة: لا تدخن، وقلل من استهلاك الكحول (لا شيء أفضل)، وحافظ على وزن صحي، وحافظ على نظام غذائي صحي، وممارسة التمارين الرياضية".
ومع ذلك، بالنسبة لكثير من الناس، فإن "كلمة السرطان تعني الموت"، كما لاحظت مالغورزاتا بولنيك. كانت بولنيك ممرضة أورام قبل أن تصبح معالجة نفسية مقيمة في ديفون، إنجلترا، حيث تواصل رؤية العديد من العملاء الذين يتعاملون مع السرطان. ومن خلال تجربتها، يتخلى العديد من المرضى عن الاستشارات الطبية بمجرد سماع كلمة سرطان. وقد يكون من الصعب أن نسمع أي شيء آخر ــ مثل حقيقة مفادها أن بعض أنواع السرطان هي في الأساس أمراض مزمنة، ويمكن إدارتها بشكل جيد إذا اكتشفت في وقت مبكر بما فيه الكفاية. توضح بولنيك: "أرى أنه بالنسبة للمريض الذي يسمع هذه الكلمة القوية، فإن ذلك يؤدي إلى عملية تفكير كاملة وربما لا يكون مستعداً على الفور للحديث عن جميع العلاجات".
تعتقد مارلو أن "أشياء مثل القدرية تضر حقاً بهذا الجزء المبكر من العملية"، حيث يتجنب الناس التفكير في أشياء مثل فحص السرطان. "إنهم لا يتفوقون بالضرورة على جميع الأشياء الأخرى، التي يتعين علينا وضعها لدعم الناس ليكونوا قادرين على المشاركة في هذه السلوكيات"، ولكن كل هذه الجوانب تحتاج إلى معالجة من أجل تحسين النتائج الصحية.
ما وراء القدرية
عندما تعمل بولنيك مع المرضى الذين يعتقدون أن السرطان سيقتلهم، فإنها تركز على طرح الأسئلة بدلاً من إصدار البيانات. على سبيل المثال، تسأل عن مدى صحة هذه الأفكار، وما إذا كان لها أساس واقعي.
تقول بولنيك: "عاجلاً أم آجلاً، سوف نصل إلى نتيجة مفادها أن هذا الاعتقاد لا يستند إلى الواقع". وربما تسأل بعد ذلك عما إذا كانت هذه المعتقدات تساعد مرضاها على حل صراعاتهم، أو تؤدي إلى تفاقم قلقهم. يساعد هذا النوع من النهج التدريجي على تحطيم ما يمكن أن يشعرك بالإرهاق.
المعتقدات قوية ولكنها ليست دائماً مفهومة جيداً. على سبيل المثال، المعتقد الديني ليس هو السبب الرئيسي الذي قد يجعل الأشخاص الذين يؤمنون بالقضاء والقدر يتجنبون بعض التدابير الصحية، كما يُعتقد في بعض الأحيان. في الواقع، في بعض الحالات، يرتبط حضور الخدمات الدينية بمزيد من الفحوصات ضد السرطان. تقول باجيمنا إن التوازن مهم.
وتقول أيضاً إنه على الرغم من أن البعض يجدون الإيمان مفيداً لصحتهم العقلية، إلا أن البعض الآخر يأخذه إلى أقصى الحدود ويعتبر الأدلة العلمية غير صالحة.
تشرح باجيمنا: "يشكل هذا الموقف عائقاً أمام السلوكيات الحيوية التي تسعى إلى الحصول على الصحة، مثل الخضوع لفحوصات منتظمة للسرطان وتلقي اللقاحات المنقذة للحياة".
أكثر من الدين، فإن العامل الذي يفسر بشكل كبير قدرية السرطان هو التعليم. وبطبيعة الحال، يمكن أن يتشابك التعليم ومحو الأمية الصحية مع عوامل أخرى مثل الجنس، والدخل، واللغة، وحالة الهجرة، والانتماء العرقي، ولكن بعض الأبحاث تشير إلى أن هذه العوامل وحدها ليست كافية لفهم السبب وراء انتشار مرض السرطان في مجموعات معينة.
يقول سميث إنه عندما تكون الرعاية الصحية باهظة الثمن أو لا يمكن الوصول إليها، فإن الوفاة الناجمة عن السرطان لا تكون مفاجئة بشكل خاص. في هذه البيئات، يمكن أن يصاحب السرطان معدلات وفيات أعلى لأنه غالباً ما يُشخص في مرحلة لاحقة أو بسبب توفر عدد أقل من العلاجات. وبدون التعليم، سيكون من السهل اتخاذ وجهة نظر قدرية، ولكن في الواقع يمكن للناس تحسين فرصهم في البقاء على قيد الحياة من خلال سلوكيات بسيطة مثل الذهاب للفحص.
يقول سميث: "يتعلق الأمر بمحاولة معالجة ذلك ومحاولة التأكد من أن هؤلاء الأشخاص في المجتمع يفهمون أن الأمر ليس حتمياً"، وهذا هو المكان الذي نحتاج فيه بشكل خاص إلى القصص الإيجابية.
يعلق سميث على ضرورة معالجة القدرية ليس فقط على المستوى الفردي، ولكن أيضاً على مستوى المجتمع، لتشجيع الفهم العام للسرطان.
يقول "إن مقابلة الأشخاص في المكان التي يعيشون فيه بدلاً من توقع قدومهم إليك يمكن أن تكون إحدى طرق معالجة هذه المشكلة". على سبيل المثال، تنظم مؤسسة Bowel Cancer UK حملات ترويجية خارج أماكن مثل محلات السوبر ماركت، حيث يمكن للناس المشي داخل أحشاء عملاقة قابلة للنفخ ومعرفة المزيد عن سرطان الأمعاء.
تقول مارلو إن القدرة على التحدث مع المتخصصين في مجال الصحة بطريقة حوارية في أحداث مثل الحملات الترويجية أمر مفيد، بشكل خاص "عندما يكون لدى الناس مستوى منخفض من الثقافة الصحية ويجدون صعوبة في استخلاص المعنى من الاتصالات النصية".
وبشكل عام، لأن مستويات التعليم هي العامل الأكثر أهمية عند الإصابة بالسرطان، فإن الحد من الفوارق التعليمية يمكن أن يساعد في معالجة أوجه عدم المساواة الأخرى التي تؤثر على الصحة. ويشمل ذلك أي شكل من أشكال التحصيل العلمي، بغض النظر عما إذا كان مرتبطاً بشكل مباشر بالصحة.
هناك نهج آخر يتمثل في معالجة أوجه عدم المساواة في الوصول إلى الرعاية الصحية مباشرة. في حين أن إصلاح الأنظمة التعليمية والصحية بأكملها يعد هدفاً طموحاً، إلا أن هناك أيضاً طرقاً على نطاق أصغر لمعالجة الاختلافات في مستويات التعليم، مثل استخدام الصور واللغة التي يسهل الوصول إليها في المواد التعليمية حول السرطان.
وقد يكون من المفيد أيضاً أن يشارك المرضى قصصهم الخاصة، كما تفعل أرجت، التي تمكنت من التغلب على خوفها بدعم من عائلتها وكذلك موجه المرضى الذي كان يتصل بها ويزورها في المنزل. كل ذلك ساعد في التغلب على الحقائق العاطفية والمالية والعملية للتعايش مع مرض السرطان. في الفلبين، يكون المرضى الذين لديهم موجهون أقل عرضة للتخلي عن علاج السرطان.
حالياً تقول أرجت، إذا أخبرها شخص آخر مصاب بالسرطان أنه لا يريد الذهاب إلى الطبيب، "سأقول لهم ألا يخشوا طلب العلاج لأن هناك من يساعدنا".