نعيش خلال شهر رمضان المبارك نفحات إيمانية جليلة، وما أطيب أن نتحدث عن أنبياء الله تعالى، حيث تروي "الشروق" قصص الأنبياء في سلسلة تُنشر على مدار الشهر الكريم، كما وردت في كتاب يحمل نفس الاسم للإمام الحافظ ابن كثير.
الحلقة الثانية..
كيف خلق الله تعالى حواء لتؤنس سيدنا آدم في الجنة؟
أوضح القرآن الكريم أن الله تعالى خلق حواء قبل أن يدخل آدم عليه السلام الجنة، وذلك كما هو مبين في قوله "يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة"، لكن قيل في رواية السدي عن أبي صالح عن ابن عباس عن ابن مسعود، أن الله تعالى أخرج إبليس من الجنة، ثم أسكن آدم الجنة، فكان يمشي فيها، ليس له فيها زوج يسكن إليها، فنام نومة واستيقظ وعند رأسه امرأة خلقها الله تعالى من ضلعه، فسألها آدم "ما أنت؟"، فقالت حواء "امرأة"، قال "ولم خُلقت؟"، قالت "لتسكن إليّ"، فقالت له الملائكة وهم ينظرون ما بلغ من علمه، "ما اسمها يا آدم؟"، قال "حواء"، قالوا "ولم كانت حواء؟"، قال لهم "لأنها خُلِقت من شيء حي".
ذكر محمد بن إسحاق عن ابن عباس أن "حواء خلقت من ضلع سيدنا آدم عليه السلام الأقصر الأيسر وهو نائم"، وفي الصحيحين من حديث زائدة عن ميسرة الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال "استوصوا بالنساء خيرا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا"، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال جمهور العلماء إن آدم عليه السلام كان يسكن جنة المأوى كما ورد في قوله تعالى "وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة"، وروى مسلم في صحيحيه عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، "يجمع الله الناس فيقوم المؤمنون حين تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم فيقولون، يا أبانا استفتح لنا الجنة، فيقول وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم؟"، وهذا حديث يدل دلالة جيدة على أن سيدنا آدم عليه السلام كان يسكن في جنة المأوى.
بينما اختلف المفسرون في تفسير نوع الشجرة التي أمر الله تعالى سيدنا آدم وحواء بعدم الاقتراب منها في قوله تعالى، "ولا تقربا هذه الشجرة"، فقيل إنها "الكرم"، بينما روى ابن عباس وسعيد بن جبير "وتزعم اليهود أنها الحنطة"، وقال الثوري عن أبي حصين عن أبي مالك "إنها النخلة"، وقال وهب "الحبة منه ألين من الزبد وأحلى من العسل".
هل اشتهى سيدنا آدم عليه السلام أن يأكل من حبات الشجرة، وبماذا وسوس له إبليس كي يخرجه من الجنة؟ هذا ما سنعرفه خلال الحلقة القادمة..
اقرأ أيضا:
قصص الأنبياء (1).. خلق آدم.. استفسار الملائكة وعصيان عزازيل