روسيا تسيطر على الإنترنت من خلال حجب المواقع الإلكترونية وعزلها عن بقية العالم - بوابة الشروق
الخميس 7 أغسطس 2025 6:48 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

روسيا تسيطر على الإنترنت من خلال حجب المواقع الإلكترونية وعزلها عن بقية العالم

تالين، إستونيا - (أ ب)
نشر في: الأربعاء 6 أغسطس 2025 - 10:04 ص | آخر تحديث: الأربعاء 6 أغسطس 2025 - 10:04 ص

مقاطع الفيديو على موقع يوتيوب التي لا تُحمل. وزيارة لموقع إعلامي مستقل شهير لا تؤدي إلا إلى ظهور صفحة فارغة. انقطاع اتصالات الإنترنت عبر الهواتف المحمولة لساعات أو أيام.

ويمكن أن يكون الاتصال بالإنترنت في روسيا عملا محبطا ومعقدا، ويمكن أن يكون حتى خطيرا.

وتكمن المشكلة في أن هذا ليس ناتجا عن خلل في الشبكة، وإنما عن جهد متعمد ومتعدد الجوانب وطويل المدى تبذله السلطات لوضع شبكة الإنترنت تحت السيطرة الكاملة للكرملين. وقد تبنت السلطات قوانين مقيدة وحظرت المواقع الإلكترونية والمنصات التي لا تمتثل لها. وتم إتقان التكنولوجيا لمراقبة حركة المرور على الإنترنت واستغلالها.

وفي حين أنه لا يزال من الممكن تجنب تلك القيود من خلال استخدام تطبيقات الشبكات الخاصة الافتراضية فإنه يتم حظرها بشكل روتيني أيضا.

وفرضت السلطات الروسية قيودا إضافية على الوصول إلى الإنترنت هذا الصيف من خلال عمليات قطع واسعة النطاق لاتصالات الإنترنت عبر الهواتف المحمولة، وتبنت قانونا يعاقب المستخدمين على البحث عن أي محتوى تعتبره السلطات غير قانوني.

كما تهدد السلطات المعنية بملاحقة تطبيق "واتساب" الشهير، مع إطلاق تطبيق مراسلة "وطني" جديد يتوقع على نطاق واسع أن يخضع لرقابة مشددة.

وحث الرئيس فلاديمير بوتين الحكومة على "خنق" خدمات الإنترنت الأجنبية وأمر المسؤولين بإعداد قائمة بالمنصات التابعة للدول "غير الصديقة" التي ينبغي تقييدها.

وقال خبراء ومدافعون عن حقوق الإنسان لوكالة أسوشيتد برس (أ ب) إن نطاق وفعالية القيود مثيران للقلق. وتبدو السلطات أكثر مهارة في ذلك الآن، مقارنة بالجهود السابقة، والتي كانت في معظمها عديمة الجدوى، لتقييد الأنشطة عبر الإنترنت، وهي تقترب من عزل الإنترنت في روسيا.

وتصف الباحثة في منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان، أناستازيا كروبي، نهج موسكو للسيطرة على شبكة الإنترنت بأنه "موت بألف جرح (الموت البطيء) ... بشكل تدريجي، تحاول الوصول إلى نقطة يصبح فيها كل شيء تحت السيطرة".

وترجع جهود الكرملين للسيطرة على ما يفعله الروس أو يقرؤونه أو يقولونه على الإنترنت إلى عامي 2011 و2012، عندما تم استخدام الإنترنت لتحدي السلطة. وازدهرت وسائل الإعلام المستقلة وتم تنظيم مظاهرات مناهضة للحكومة بالتنسيق عبر الإنترنت، بعد الانتخابات البرلمانية المتنازع عليها وقرار بوتين الترشح للرئاسة مجددا.

وبدأت روسيا في اعتماد لوائح تشدد الرقابة على الإنترنت، حيث حجبت بعض المواقع الإلكترونية وطالبت لوائح أخرى مزودي الخدمة بتخزين سجلات المكالمات والرسائل، ومشاركتها مع أجهزة الأمن عند الحاجة، وتركيب معدات تسمح للسلطات بالتحكم في حركة المرور على الإنترنت وقطعها.

وتعرضت شركات مثل جوجل أو فيسبوك لضغوط لتخزين بيانات المستخدمين على خوادم روسية، دون جدوى، وتم الإعلان عن خطط لإنشاء "شبكة إنترنت سيادية" يمكن عزلها عن بقية العالم.

وأصبحت منصة التواصل الاجتماعي الروسية الشهيرة "في كيه" التي تشبه فيسبوك، والتي أسسها بافيل دوروف قبل فترة طويلة من إطلاقه تطبيق المراسلة "تيليجرام"، تحت سيطرة شركات موالية للكرملين. وحاولت روسيا حظر "تيليجرام" بين عامي 2018 و2020 لكنها فشلت في ذلك.

وأصبحت الملاحقات القضائية بسبب منشورات وتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي شائعة، مما يدل على أن السلطات تراقب الفضاء الإلكتروني عن كثب.

مع ذلك، انتقد الخبراء جهود الكرملين للسيطرة على الإنترنت ووصفوها بأنها عديمة الجدوى، واعتبروا أن روسيا بعيدة تماما عن بناء شيء يشبه "جدار الحماية العظيم" الصيني، الذي تستخدمه بكين لحجب المواقع الأجنبية.

وفي أعقاب الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022، حجبت الحكومة منصات تواصل اجتماعي رئيسية مثل تويتر وفيسبوك وإنستجرام، بالإضافة إلى سيجنال وبعض تطبيقات المراسلة الأخرى. كما تم استهداف الشبكات الخاصة الافتراضية، وهو ما زاد من صعوبة الوصول إلى المواقع المحظورة.

وقد تم تعطيل الوصول إلى موقع يوتيوب الصيف الماضي فيما وصفه الخبراء بخنق متعمد من السلطات. وألقى الكرملين باللوم على جوجل، مالكة يوتيوب، لعدم صيانة أجهزتها في روسيا. وتحظى المنصة بشعبية كبيرة في روسيا، سواء للترفيه أو للأصوات المنتقدة للكرملين، مثل زعيم المعارضة الراحل أليكسي نافالني.

وقالت شركة كلاود فلير، وهي مزود للبنية التحتية للإنترنت، في يونيو إن المواقع التي تستخدم خدماتها تتعرض لخنق في روسيا. وذكر موقع "ميديازونا" الإخباري المستقل أن العديد من مزودي خدمات الاستضافة الغربيين المشهورين الآخرين يتعرضون أيضا لضغوط.

وصرح المحامي سركيس داربينيان، المتخصص في قضايا الإنترنت، ومؤسس منظمة "روسكوم سفوبودا" الروسية لحرية الإنترنت، بأن السلطات تحاول دفع الشركات إلى الانتقال إلى مزودي خدمات استضافة مواقع إنترنت روس يمكن التحكم فيها.

ويقدر داربينيان أن حوالي نصف المواقع الإلكترونية الروسية تعمل بواسطة مزودي خدمات استضافة وبنية تحتية أجانب، ويقدم العديد منها جودة وأسعارا أفضل من نظرائهم المحليين. وأضاف أن "عددا هائلا" من المواقع الإلكترونية والمنصات العالمية يستخدم مزودي الخدمة هؤلاء، لذا فإن حجب خدماتهم يعني أن هذه المواقع "ستصبح محجوبة تلقائيا" في روسيا أيضا.

وهناك اتجاه آخر مثير للقلق وهو دمج مزودي خدمات الإنترنت في روسيا والشركات التي تدير عناوين بروتوكولات الإنترنت، وفقا لتقرير صادر عن هيومن رايتس ووتش في 30 يوليو.

وفي العام الماضي، رفعت السلطات تكلفة الحصول على رخصة مزود خدمة إنترنت من 7500 روبل (حوالي 90 دولارا) إلى مليون روبل (أكثر من 12300 دولار)، وتظهر البيانات الرسمية أن أكثر من نصف عناوين بروتوكولات الإنترنت في روسيا تديرها سبع شركات كبيرة، وتمثل شركة "روس تيليكوم"، الروسية العملاقة للاتصالات الهاتفية والإنترنت، 25% منها.

وفي السياق ذاته، تم سن قانون روسي جديد يجرم عمليات البحث عبر الإنترنت عن مواد يتم وصفها بأنها "متطرفة". وقد يشمل هذا محتوى مجتمع الشواذ وجماعات المعارضة وبعض الأغاني لفنانين ينتقدون الكرملين ومذكرات نافالني، التي صنفت على أنها متطرفة الأسبوع الماضي.

ويقول المدافعون عن الحقوق المدنية إنها خطوة نحو معاقبة المستهلكين - وليس فقط مقدمي الخدمة - كما هو الحال في بيلاروس، حيث يتم تغريم المواطنين أو سجنهم بشكل روتيني لقراءة أو متابعة بعض وسائل الإعلام المستقلة.

وتستخدم هيئة تنظيم الاتصالات والإنترنت الحكومية "روس كومنادزور" أساليب أكثر تطورا، حيث تقوم بتحليل كل حركة مرور الإنترنت وتحدد ما الذي يمكنها حجبه أو خنقه، وفقا لداربينيان.

وتقول الباحثة كروبي إن هذا التطور جاء نتيجة "سنوات من إتقان التكنولوجيا وسنوات من السيطرة على الإنترنت وفهم بنيته والجهات الفاعلة فيه"، بالإضافة إلى العقوبات الغربية وخروج الشركات من السوق الروسية منذ عام 2022.
وأضاف داربينيان أن روسيا "لم تصل بعد" إلى مرحلة عزل شبكة الإنترنت بها عن بقية العالم، لكن جهود الكرملين "تقربها" من ذلك.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك