يمر اليوم عام على انطلاق عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، وألحقت به خسائر فادحة في المعدات والمواقع العسكرية، إلى جانب عدد قياسي من القتلى من بين صفوف جنوده وضباطه.
وتصدرت مشاهد تدمير الآليات الإسرائيلية على يد عناصر المقاومة اهتمام المتابعين، والتي لم تقف عند غزة وحدها، حيث واجه الاحتلال الإسرائيلي مواجهات عسكرية في عدد من الجبهات، التي كذبت أسطورة الكيان المحتل المزعومة بأن جيشه لا يقهر، وادعائه أنه من أقوى جيوش العالم، بعدما ألحقت المقاومة خسائر فادحة بآلياته، خاصة دبابات الميركافا، التي كانت تُوصف بفخر الصناعة الإسرائيلية، ولكن المقاومة حولتها إلى خردة بعدما اصطادتها من المسافة صفر.
وألحقت المقاومة جيش الاحتلال خسائر فادحة رغم تصنيفه في المركز الـ 17 بين أقوى جيوش العالم، وامتلاكه سلاح مدرّعات "دبابات وناقلات جند" بما يعادل 7500 ناقلة جند مدرّعة، من أنواع متعددة، مثل النمر وغيرها، وأكثر من 1560 دبابة، معظمها من طرازَي ميركافا 4، وميركافا 5، واللذين تضاهي، وربما تتفوّق- بحسب بعض التصنيفات- على دبابات أبرامز الأميركية، ودبابات تي 72 الروسية، وفقًا لـ"جلوبال فاير باور" العسكري.
كيف بدأت أسطورة الميركافا؟
ودخلت دبابة القتال الرئيسية الميركافا الخدمة في جيش الاحتلال الإسرائيلي أواخر السبعينيات، على يد المصمم يسرائيل طال، بعد توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وكان الهدف من تطويرها إعادة بناء جيش الاحتلال وآلياته بعد هزيمة حرب 7 أكتوبر 1973، ومنذ ذلك الحين أصبحت الميركافا أكثر الدبابات تطورًا في العالم، ومع ذلك حققت المقاومة الفلسطينية نجاحات ملحوظة في تدمير هذه الدبابة بدءًا من التسعينيات بأسلحة محلية الصنع.
وتطورت الدبابة عبر عدة طرز بداية من الميركافا 1 و2 وصولًا إلى النسخة الرابعة التي تسمح بنقل ما يصل إلى 6 جنود و4 من طاقم قياداتها، وتُعتبر النسخة الرابعة هي أحدث طراز من الدبابة التي أطلق عليها دبابة القرن، حيث تحتوي على نظام حماية يعتمد على أجهزة استشعار؛ لرصد واعتراض الصواريخ المضادة للدبابات، وزودت بمدفع من عيار 120 ملم قادر على استهداف الأهداف المتحركة، وإطلاق الذخائر المضادة للدبابات والطائرات العمودية.
إخفاقات سابقة للميركافا على يد المقاومة
برغم تطورها المستمر، نجحت المقاومة في إلحاق أضرار جسيمة بـ "الميركافا"، ففي عام 2006 تمكن حزب الله من تدمير عدد من هذه الدبابات في جنوب لبنان بمنطقة وادي الحجي، والتي سُميت حينها بـ"مقبرة الميركافا"، كذلك حقت الفصائل الفلسطينية نجاحات واسعة في تدمير هذه الدبابات خلال انتفاضة 2002، وحروب غزة المتتالية بما في ذلك حرب 2008 حيث دمرت المقاومة 15 دبابة وتوالت الإنجازات حتى 2014، وعملية طوفان الأقصى 2023.
الميركافا في حرب غزة والمسافة صفر..
في ظل الحرب الغاشمة على قطاع غزة، وإلقاء أطنان المتفجرات والأسلحة على رؤوس آلاف النساء والأطفال الأبرياء، والتي خلفت أكثر من 41 ألفا و445 شهيدا و95 ألفا و878 مصابا، بخلاف الضحايا تحت الركام والمفقودين، استخدم جيش الاحتلال نحو 50% من سلاح المدرعات لديه، أي ما يقارب 800 دبابة وأكثر من 3000 ناقلة جند مدرّعة، ومع ذلك نجحت المقاومة في تدمير وإلحاق أضرار بالغة بهذه الدبابات، وفقًا لتقارير إسرائيلية "يديعوت أحرونوت".
واعترف جيش الاحتلال بمعاناته من نقص في سلاح الدبابات بعد استهدافها من المسافة صفر، وسقوط مئات الجنود بين قتلى ومصابين فقدوا أطرافهم وأصيبوا بالإعاقة وبتر الأطراف، ما أثار أسئلة كثيرة لدى الإعلام الإسرائيلي عن نقاط ضعف الدبابة وأسباب إخفاقها.
خسائر الميركافا
تمكنت المقاومة منذ بدء الحرب من تدمير أكثر من 1100 آلية إسرائيلية جزئيًا أو كليًا، منها 962 دبابة و55 ناقلة جند و74 جرافة و3 حفارات و14 مركبة عسكرية، بحسب ما ذكرت كتائب القسام، في بيان لها، وأكدته وسائل إعلام إسرائيلية فيما بعد، وذلك بفضل تكتيكات المقاومة التي لعبت دورًا حاسمًا في هذه الخسائر، على الرغم من أنظمة تروفي المثبتة على دبابات الميركافا والتي تعمل كرادارات استشعار لاعتراض أي تهديد.
وبالفعل شاهدنا استهداف هذه الدبابات من المسافة صفر، وساعدهم في ذلك الكثافة السكانية لمدينة غزة، والدمار الهائل الذي لحق بالكثير من أحيائها السكنية، بخلاف الأنفاق التي تؤرق الاحتلال تحت الأرض.
ما هي أسلحة المقاومة التي أسقطت دبابة القرن الميركافا؟
-العبوات الناسفة القوية
فاجأت المقاومة الاحتلال بتطوير أسلحة وظهور آليات جديدة خلال عملية طوفان الأقصى، من بينها العبوات الناسفة التي صممت خصيصًا لتدمير أو تعطيل دبابات الميركافا.
-الأسلحة المضادة للدروع:
استخدمت المقاومة أسلحة مضادة للدروع مثل قذائف الـ RPG وصواريخ الكورنيت، القادرة على اختراق الدروع السميكة الميركافا.
-الأنفاق التكتيكية
استعانت المقاومة بشبكة أنفاق تحت الأرض تمتد لأكثر من 500 كيلومتر مربع أسفل غزة -بحسب ما أعلنت حماس في 2021- لشن هجمات مفاجئة على الدبابات الإسرائيلية من مسافات قريبة جدًا، ما شكل صدمة لجيش الاحتلال.
-قذيفة "الياسين 105"
تعرف هذه القذيفة بالأكثر شهرة في حرب غزة بعدما طورتها المقاومة، وسُميت على اسم الزعيم الروحي لحركة حماس الشيخ أحمد ياسين، وتُحمل على الكتف وتُطلق من مدفع "آر بي جي"، ولُقبت بـ"صائدة الميركافا".
-عبوة شواظ:
عبوة ناسفة مضادة للدبابات والعربات والأفراد، تمتاز بقدرتها التدميرية الهائلة.
-عبوة العمل الفدائي:
تعتبر من الأسلحة الفعالة التي تلحق أضراراً جسيمة بالآليات العسكرية الإسرائيلية من خلال التصاقها في أشد الأماكن ضعفا فيها، وتعرف بـ"أيقونة" طوفان الأقصى، وتتطلّب تضحية كبيرة من المقاتل.
-قنبلة "التاندوم":
قاذف صاروخي يعتبر نسخة مطوّرة من قذيفة الـ"آر بي جي- 29" الروسية، والتي تسمّيها دول الناتو بـ"مصاص الدماء"، وله قدرة عالية على تدمير الدبابات.