يريد الرئيس السنغالي الجديد باسيرو ديوماي فاي، أن تتوقف بلاده عن استخدام الفرنك الأفريقي، وذلك لأسباب سياسية واقتصادية وأيضاَ من الناحية الرمزية، إذ يمكن أن يمثل الفرنك الأفريقي مشكلة حقيقية.
وذكرت إذاعة "20 مينيت" الفرنسية، أن الفرنك الأفريقي يتعرض لانتقادات شديدة من قبل المجتمع المدني الأفريقي، لأسباب رمزية واقتصادية، ولم يعد الرئيس السنغالي الجديد، باسيرو ديوماي فاي، يريد أن تستخدم بلاده العملة.
وأضافت:" علاوة على ذلك، لا يوجد فرنك أفريقي واحد بل اثنان، إذ تستخدم جزر القمر أيضاً الفرنك".
وكان الرئيس السنغالي الجديد باسيرو ديوماي فاي، الذي انتخب بأغلبية الأصوات في الجولة الأولى، قد وعد بإجراء تغييرات كبيرة في بلاده، ومن بينها نهاية الفرنك الأفريقي.
وهي الرغبة التي تظهر بشكل متكرر في المجتمع المدني في البلدان الأفريقية باستخدام هذه العملة... ولكن ما هي مشكلة الفرنك الأفريقي؟ وكيف يعمل ؟
من جانبه، قال الباحث السياسي في جامعة كليرمون أوفيرني الفرنسية، صامويل جيرينو، إنه "بالنسبة لشخص يتابع الاقتصاد من بعيد فقط قد يبدو من قبيل المفارقة التاريخية أن العملة المرتبطة بفرنسا لا تزال سارية في أفريقيا، بعد عدة عقود من إنهاء الاستعمار، ومع ذلك، نعم، لا يزال الفرنك الأفريقي موجودًا".
وأوضح جيرنيو، أن فرنسا قد أبرمت اتفاقية مع ثلاثة كيانات في أفريقيا، بينها "الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا" والذي يضم ثماني دول هي: بنين، وبوركينا فاسو، وساحل العاج، وغينيا بيساو، ومالي، والنيجر، والسنغال، وتوغو، مضيفاً أن هذا الاتحاد يستخدم فرنك الاتحاد المالي الأفريقي.
وأضاف أن الكيان الثاني أيضاً الذي يستخدم الفرنك الأفريقي، "المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا" وتضم ستة أعضاء: الكاميرون، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو، والجابون، وغينيا الاستوائية، وتشاد، وهذا الكيان أيضاً يستخدم نوع آخر من الفرنك وهو فرنك التعاون المالي الإفريقي.
أما الكيان الثالث الذي يستخدم الفرنك ولكن ليس بنفس القيمة، هي دولة جزر القمر، وعلى الرغم من أن قيمة الفرنك مختلفة في جزر القمر إلا أنه نفس الأحرف الأولى، ونفس الاتفاقيات مع فرنسا.
• كيف يتم التدوال بالفرنك الأفريقي؟
وتابع "مهما كان الفرنك الأفريقي، فهو لديه سعر صرف ثابت مع اليورو، ومن المفترض أن يضمن هذا استقراراً للعملة وللاقتصاد الأفريقي، وذلك لأنه مرتبط بعملة أقوى، وبالتالي أكثر صلابة".
ورأى الباحث السياسي الفرنسية أن "الأمر الأكثر غرابة، بل والفريد من نوعه في العالم، هو مضمون الاتفاق مع فرنسا"، ذاكرا أن فرنسا تضمن إقراض الدول الأفريقية بعملة قوية، وهي اليورو، إذا لزم الأمر، وفي المقابل، يجب على الدول تخزين نصف عملاتها لدى الخزانة الفرنسية.
وفي البداية، كان مقر البنكين المركزيين المعنيين، البنك المركزي لدول غرب إفريقيا وبنك دول وسط إفريقيا، موجودًا في فرنسا، وهي طرف آخر في الاتفاقية.
واعتبر جيرينو، أن "وجود هذين المصرفين في الاتفاقية وشروط فرنسا، لا تمنح الكثير من السيادة"، موضحاً أنه بعد الاتفاقيات الجديدة لعام 1973، أعيدت البنوك المركزية إلى أفريقيا، وهي الخطوة الأولى نحو مزيد من الاستقلال. لكن لا يزال هناك ممثلون فرنسيون في هيئات البنك المركزي، مما يشير إلى النفوذ الفرنسي، وحتى حق النقض.
وفي عام 2019، أعاد الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا، الذي تعد السنغال جزءا منه، التفاوض على اتفاقيات عام 1973، في محاولة نحو مزيد من الاستقلال لأحد الفرنكين، كما لم يعد هناك ممثل لفرنسا في الهيئات، ولم تعد الدول الأفريقية ملزمة بإيداع جزء من تحفظاتها في فرنسا، كما تمت الإشارة إلى تغيير الاسم".
• لماذا يثير الفرنك الأفريقي الجدل؟
وأوضح صامويل جيرينو: "تشير الانتقادات الاقتصادية الرئيسية إلى المبالغة في تقدير قيمة العملة، مما يمنع الدول الأفريقية من القدرة على المنافسة".
وأضاف: "عندما يكون اليورو قويا، فإنه يؤدي في بعض الأحيان إلى معاقبة الدول الأفريقية، ولكن عندما تنخفض قيمة اليورو في مقابل الدولار، فإن الأخير هو الفائز. وفي الوقت الحالي، لا تظهر تقييمات أسعار الصرف مستوى مرتفع للغاية من المبالغة في تقدير القيم".
وتابع:" كما أن البلدان الأفريقية سيكون لديها سياسة نقدية مقيدة، لأنها ملزمة باتباع السياسة الاقتصادية لأوروبا. في الواقع، هذا القيد موجود ولكن ضوابط رأس المال تترك مجالا للمناورة".
وأشار إلى أنه "بشكل أكثر تقييدًا، لا تستطيع الدول خفض قيمة عملاتها بحرية كما فعل الرئيس الأرجنتيني على سبيل المثال، إذ يجب عليهم التوصل إلى اتفاق مع الدول الأخرى في الاتحاد النقدي ومع فرنسا، وهذا الأمر صعباً للغاية.
وأضاف جيرنيو "إن القيود الاقتصادية الناجمة عن الاتفاقيات مع فرنسا ليست في حد ذاتها أقوى بكثير مما هي عليه مع البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي، ولكن من المؤكد أن التفاوض مع مؤسسة دولية ومع دولة ما ليس هو نفسه"، موضحا ًأنه إذا بدت الانتقادات الاقتصادية "مبالغ فيها"، ولكن "الفرنك الأفريقي يمثل مشكلة حقيقية، من الناحية الرمزية والسياسية ".