روايات البوكر.. بط مدينة نيوبيوريبورت لـ«لوسي إلمان».. رواية من جملة واحدة - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:17 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

روايات البوكر.. بط مدينة نيوبيوريبورت لـ«لوسي إلمان».. رواية من جملة واحدة

منى غنيم
نشر في: الأحد 13 أكتوبر 2019 - 8:04 م | آخر تحديث: الأحد 13 أكتوبر 2019 - 10:48 م

من المقرر أن يتم الإعلان عن الفائز بجائزة البوكر البريطانية، غدًا الاثنين، حيث يتم الاختيار بين ست روايات تم تصعيدها إلى القائمة القصيرة وهي : "10 دقائق و38 ثانية في هذا العالم الغريب" للكاتبة التركية الشهيرة إليف شفق ، و"رواية "أوركسترا الأقليات"، للكاتب النيجيري تشيجوزي أوبيوما، ورواية "الوصايا"، للكاتبة الكندية مارجريت آتوود، ورواية "فتاة، وامرأة، وأخرى"، للكاتبة البريطانية برناردين إيفاريستو، و"كيشوت " للكاتب البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي، ورواية "البط ونيوبريبورت" للكاتبة الأمريكية البريطانية لوسي إلمان.

• وحتى لحظة الإعلان عن الرواية الوحيدة التي ستقتنص الجائزة، تقدم «الشروق» قراءة للأعمال الـستة، والقضايا التي تتطرحها تلك الروايات الناطقة بالإنجليزية وأهم ماورد فيها وشخصيات أبطالها بالإضافة إلى روائيها.

رواية "البط، ونيوبيربورت" هي رواية مميزة للكاتبة الأمريكية لوسي إلمان ليس على مستوى الإسم فقط؛ فالرواية تستغرق ألف صفحة لم تقم فيهم إلمان باستعمال سوى جملة واحدة فقط! هي عبارة عن مونولوج طويل أو قائمة من الخواطر تبدأ الراوية أو البطلة كل خاطرة فيهم بعبارة "وحقيقة أن.."، وتكررها حتى نهاية الرواية، ولا تستعمل سوى الفصلة للفصل بين تلك العبارات أو الخواطر ولا تلجأ للنقطة ولا لتقسيم الجمل لمقاطع كما هو الحال في أي عمل سردي.

الكاتبة تحدت بهذه الطريقة في السردكل قواعد بناء القصة المعروفة، حتى أن ناشري الرواية قد شبهوها برواية موبي ديك الكلاسيكية للكاتب الأمريكي هرمان ملفيل التي خلت روايته من الحبكة أيضًا وكان الراوي هو المحرك الوحيد للأحداث وهي ، تتحدث عن ربة منزل متوسطة العمر من ولاية أوهايو الأمريكية لديها 4 أطفال، كانت تقوم بالتدريس في الجامعة فيما مضى حتى أصابها السرطان الذي تعافت منه، وبدلًا من أن تعود للجامعة قررت البقاء في المطبخ؛ حيث تقوم بخبز الكعك وبيعه من أجل كسب الرزق لمساعدة زوجها الذي يعمل أستاذًا للهندسة في جامعة أوهايو ، والرواية بأكملها هي مجموعة من الخواطر التي تعصف بذهنها أثناء قيامها بأعمال البيت وخبز الكعك حول شتى جوانب الحياة كذكرياتها مع أسرتها، وزيجتها السابقة الفاشلة، وحبها لزوجها الجديد، وخواطر عن تربية الأولاد، وآراء سياسية حول الوضع الحالي، وحتى حول السابق كالمذابح التي ارتكبتها الولايات المتحدة في بداية نشأتها كدولة.

الراوية متأثرة بشكل كبير بموت أمها وهي صغيرة أثناء عملية جراحية، والسرد مليئ بمقاطع من أحداث الحياة الأسرية، وعبارات الأفلام، وكلمات الأغاني ، نورد منها على سبيل المثال خواطرها عن تربية الأبناء فتقول: "وحقيقة أن لديك كل هؤلاء الأبناء الذين أتوا للحياة كتعبير عن الحب، لكنهم يقومون بقتل الحب داخلك بطلباتهم التي لا تنتهي ،ونقاشهم المستمر، وحاجتهم لتغيير الحفاظات، والأمراض التي يصابوا لها، حتى اللحظة التي تهنأ فيها بزوجك، لا يتركوك فيها أبدًا إذ يطلبون أي شىء؛ كوبًا من اللبن أو بسكويتًا بالشيكولاتة ، حقيقة أن البسكويت هو قاتل الرغبة الحقيقي، عنصر البولنيوم، ألعاب الجيم بوي، حقيقة أن ربما هناك معنى بالنهاية وراءكل ذلك، ربما الأطفال الحاليون يمنعوك من إنجاب المزيد ، تمامًا مثل الأفراخ في أعشاش الطيور، إن كان ممتلئًا لن تنجب المزيد".، ومن إحدى الخواطر أيضًا خاطرة تتنبأ فيها الراوية بأن دونالد ترامب سيقوم بضرب العالم بالنووي!

ومن المقاطع المميزة التي نوردها من الرواية أنها تحدثت عن التقدم في السن كمفهوم عالمي يمكن لأي شخص التفاعل معه فقالت: نحن السيدات في منتصف العمر ، لا أعتقد أننا وحيدون في هذا العالم، فنحن ننظر لبعضنا البعض بعين العطف، ونرقبنا ونحن نخبو ونتلاشى"، وأيضًا عن قلقها على صحة الكوكب حيث تقول:" وحقيقة أن المحيط الآن يحوي مخلفات من المايكروبلاستيك، وحقيقة أن أسماء شوكيات الجوف تتغذى على مخلفات ورق الشيبسى المصنوعة من البلاستيك مما يؤدي إلى نفوقها، وحقيقة أنه في بعض الأحيان يراودني شعور أن البشر اليوم هم أتعس أناس على الكوكب، لأننا نعلم أننا دمرنا كل شى".

كل ذلك يولد لدى القارىء شعورًا بأنه يقرأ عملًا أدبيًا باستعمال تقنية "الصور المجمعة" التي توجد في برامج تعديل الصور، حيث الحقائق من وجهة نظر الراوية تتجسد على الورق، كما ذكرت صحيفة الواشنطون بوست، وقد وصفت الحاكمة جوانا ماكجريجور الرواية بأنها "رواية ثائرة على الأنماط الأدبية، وتيار من الحياة الحقيقية، وأنشودة للفقد والحزن". ووصفها موقع The Spectator البريطاني بأنها أكثر واقعية في تجسيد الحياة الحقيقية من أي شىء آخر ستقرأه في حياتك.

الرواية فوضى للحواس كما أنها تضرب فكرة الحلم الأمريكي في مقتل، فالجميع يظن أن أمريكا هي أرض الأحلام حيث يمكن لأي شىء أن يتحقق، لكنها تصور الحياة فيها حياة عادية جدًا مليئة بالمشاكل والتحديات والأوقات الجيدة تمامًا مثل أي منطقة في العالم.

وهناك حبكة موازية في الرواية عن أنثى أسد جبلية تاه عنها أشبالها عندما خرجت لإحضار الطعام، وظلت تبحث عنهم أيامًا وأسابيعًا حتى وصلت للمنطقة التي تعيش فيها البطلة مع أطفالها، ربما تجسد بها إلمان التيمة العالمية لقلق كل أم على أطفالها خاصة في عالم اليوم الملىء بالمخاطر.

وبالرغم من النظرة القاتمة التي ترسمها الراوية للحياة المليئة بالملل والقلق على الأبناء، إلا أن البطلة التي لا نعرف اسمها -فإلمان لم تذكره قط – تدفعنا دائمًا بحس الأمل أن شيئًا ما سيحدث أو سيتغير ، ربما ينتصر الحب في النهاية ولا يغرق كل شىء كما انتصر قديمًا حين تم إنقاذ والدتها من الغرق وهي طفلة صغيرة تلهو وتطارد البط في مدينة نيوبيريبورت على يد أختها التي تخاف من الماء ولكنها تغلبت بالحب على خوفها لإنقاذ أختها.

البناء الدرامي في الكتاب يحاكي الطريقة التي تعمل بها عقولنا؛ فنحن حين نفكر يتنقل ذهننا بين مختلف الموضوعات التي تشمل حياتنا الشخصية من أصغر التفاصيل كغسل الثياب والطعام والأمور الدراسية الخاصة بالأطفال لأكبر الخواطر عن كل ما يحيط بنا وانطباعتنا عن الحياة والوجود كما وصفتها صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية.

ويجدر بالذكر أن إلمان قد أصدرت بالفعل ست روايات، وهي الكاتبة الوحيدة التي تحمل الجنسية الأمريكية في القائمة القصيرة لجائزة البوكر هذا العام، وقد أتى إلحاق إلمان بالقائمة بعد جدل استمر خمس سنوات من أجل السماح للروائيين الأمريكيين بالمشاركة في المسابقة بعد أن كانت محصورة على الكتاب الإنجليز و الأيرلنديين فقط تبعًا لشبكة البي بي سي الإخبارية.

وفي حال فوز رواية "البط ، ونيوبيريبورت" بالبوكر ستكون أطول رواية تفوز بالجائزة منذ عام 2013 بعد رواية "الأجرام السماوية" للكاتبة النيوزليندية إليانور كاتون، كما كان بول بيتي هو أول كاتب أمريكي يحصد الجائزة عام 2016 بكتابه الذي تناول العنصرية بطريقة ساخرة "الخيانة".

وقد قام ريتشارد إلمان، والد الكاتبة، بكتابة السيرة الذاتية لجيمس جويس،الكاتب والشاعر الأيرلندي، ويبدو أن الكاتبة قد تأثرت كثيرًا بأسلوب والدها ف السرد فجائت فكرة تداعيات الخواطر أو تيارات الوعي.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك