أحمد الدرينى فى مجموعته القصصية الجديدة: الروح فى البشر وفى قميص تكويه امرأتان أيضًا - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 10:11 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أحمد الدرينى فى مجموعته القصصية الجديدة: الروح فى البشر وفى قميص تكويه امرأتان أيضًا

كتبت ــ شيماء شناوى:
نشر في: السبت 16 مارس 2019 - 4:43 ص | آخر تحديث: السبت 16 مارس 2019 - 4:43 ص

فى قصته التى تحمل عنوان مجموعته القصصية؛ «قميص تكوية امرأتان» يأخذنا أحمد الدرينى إلى جدلية «الروح»، وكيف لها أن تختلف من شىء إلى شىء آخر، كما تختلف من شخص لآخر، فنشعر بهذه الروح فى الأشياء مثلما نشعر بها تجاه البشر، إلى الدرجة التى تجعل من فكرة كى القميص عملا غير حيادى، بل يمكن أن يختلف من يد لأخرى، فتنطبع عليه الروح والهيئة التى تكويه، فتتغير روح الأشياء وخبيئتها كما تتغير روح من يرتديه معه.
المجموعة التى صدرت حديثا عن «دار الشروق» تصطحب القارئ عبر 10 قصص قصيرة، إلى عدة عوالم لإنماط مختلفة من البشر، على المستوى «الاقتصادى والثقافى والاجتماعى»، فيقدم من خلالها تشريحا للمجتمع المصرى، فيظهر بوضوح تلك الهشاشة التى أصبح يعانيها أفراده، والحال الذى وصل إليه الكثيرون منهم، لتصبح المجموعة القصصية، سرد لسيرة ذاتية للمجتمع، تروى تجاربه الفردية وكأنها تجارب جماعية، يجد فيها القارئ نفسه هو البطل، أو كأن شاهدا على أحداثها، إن لم يكن مشاركا بها.
قال «الدرينى» إن المجموعة القصصية تضم 10 قصص قصيرة، كل منها تدور فى عالم مختلف وتجسد حالة لا تشبه الأخرى، مشيرا إلى أنه بدأ المجموعة بقصة «آذار». لكن تظل القصة الأصعب والأشق على نفسه فى الكتابه هى قصة «نصاب النساء»، والتى ظل يشعر أن بطلها شخص بغيض على قلبه حتى وإن كان مجرد شخصية يصنعها ويرسمها على الورق.
وتابع الدرينى أن قصة «درب النصارى»، كانت الأقرب له، لكنه مع ذلك لا يستطيع أن يعتبرها الأهم أوالأحب دون غيرها قائلا: «الكاتب يكتب بالمختزل جواه، ويسرد الحكايا بلا وعى، ولا يدرك بواعثه الحقيقية أثناء الكتابة» لافتا إلى أن لكل كاتب مشاعر وأفكارا ومواقف مختلفة، تظهر أثناء الكتابه، لكنه لا يستطيع توظيف أحدها للكتابة عن حالة معينة، مضيفا أن «فعل الكتابة الإبداعية، ليس عملا عمديا مباشرا، ولا يكون من أجل أغراض ــ مباشر ــ فهو يكون حالة ضخمة من اللاوعى وكأن بداخله شخصا آخر يوجه نحو ما يكتب.
والمجموعة التى تضم قصصا بعناوين: «قميص تكويه امرأتان، مدمن الجنائز، مقاتل السيستم، نصاب النساء، أبو مصعب.. ليث السلفية، حدث وفاة سيدة عادية، قبل الوفاة بقليل، شلة المسجد المريبة، آذار» تبدأ بالقصة التى أشار الدرينى إلى أنه يحبها «درب النصارى»، متناولا فيها النظرة الخاطئة لبعض المسلمين لغيرهم من المسيحيين، وكأنهم أناس غرباء الأطوار، ويعيشون فى مستعمرة، مكنفئون على عالمهم السرى، ليضعنا أمام شريحة كبيرة من المتعصبين، وتعصبهم البغيض نحو الآخر مهما حاولوا إخفاءه، كما يعرج فيها إلى الخراب النفسى الذى تتركه مدارس المتفوقين فى نفوس طلابها بعدما يتحول الأمر إلى نوع من الضغط النفسى الخانق، حتى يستحق الطالب أن يكون فى هذا المجتمع النخبوى، وإلا سيلقى به فى أقرب فصول «العاديين» ويجردونه من كل المميزات المعنوية التى يحصل عليها، ولذا فهو يجد نفسه مطالبا بالاجتهاد، والتركيز، والسرعة، والدقة، والإصرار، والاستفادة من تكنيكات الاستذكار لدى أصدقائه المنافسين، وكيف عليه إدهاش مدرسيه بالجديد، ثم عليه بعد ذلك القدرة على تحمل المعيشة تحت ضغط احتمال احتقار الآخرين له لأنه فقد درجة أو نصفا فى امتحان الشهر، بينما حصلوا جميعا على الدرجات النهائية.
ومن جدلية الروح إلى ما بعد خروج الروح، تأتى قصة «مدمن الجنازة» وما يحدث بعدها من أفعال البشر، فى مناسبات العزاء، من خلال قصة البطل الذى أدى بها إدمانه القهوة المصنوعة بمزاج وحرفية، إلى «مدمن جنائز»، حيث يشربها من يد متخصصين.. صانعوها لا يجيدون صناعة شىء مثلها، وتقديمها للضيوف فى دار المناسبات، بعدما قاده القدر إلى الذهاب لتقديم واجب العزاء بمسجد عمر مكرم، فى وفاة وزير النقل الذى ساند أباه ذات مرة، ليتناول قهوة تجعله يريد الاستزادة منها كل يوم، وهو ما يحدث فى الحقيقة، فتبدأ الفكرة تلتمع بذهنه «هو يريد قهوة متقنة الصنع.. وبالمقابل يقدم واجب العزاء»، وهو الأمر الذى جعله يشاهد هذا على العالم عن قرب، ويلحظ طقوس العزاء والمعزين وجنازات المشاهير، ومنها ما يحدث من حضور أنصاف المشاهير والكومبارس، عزاء كبار الفنانين والمخرجين، ومن استراق السمع لأحاديثهم يعلم أن الهدف الرئيسى ليس العزاء بل أن يظلوا دوما حاضرين فى النظر العام، وعلى بال المخرجين والمنتجين والممثلين، وهو الأمر الموجود فى عزاء رجال الدولة، بحضور المسئولين القدامى الذين يذهبون لأى عزاء فيما يبدو كأنه وقت فراغ كبير، ومحاولة انتساب وهمية إلى عالم الفاعلين، ساعين أن تلتقطه عدسات المصورين بجوار هذا المسئول أو ذاك، ليبدو على صفحات الجرائد حيا لم يزل، حتى ولو كره الكارهون.
وفى قصته بعنوان: «نصاب نساء» يتناول المؤلف مهنة غير منصوص عليها فى كتب المدارس، ولا فى المؤلفات الاقتصادية الكبرى، ألا وهى مهنة «نصاب النساء» الرجل الذى يبحث بين النساء من ميسورات الحال والمأزومات عاطفيا وزوجيا، ليختار فريسته، من نساء خذلهن رجالهن أو المجتمع المنتمين إليه، أو حتى من تطاردهن البيولوجيا بحقائقها المريرة، فتكون الفرصة مواسية لإمكانية التسلل ونهب ما يستطيع منهن، مقابل ما يمنحه لهن من أيام السعادة والحب الوهمى، قبل أن ينتهى به الأمر مفيدا بعمود نورأمام مبنى الإذاعة يعمل بها وثلاثة كلاب تنهش جسده، لينتشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعى، مصحوبا بصوت سيدة تحكى قصة عماد النصاب الذى تمرس فى كسر قلوب النساء.
وبشهادة محبة وتقدير قال الكاتب محمد المخزنجى عن المجموعة: «ها هو أحمد الدرينى يكتب نصوصا تنتحى بقوة نحو شمس القص، مفعمة بنسغ كل الميزات التى تجلت فى مقالاته، ومغتنية بإضافات يُحتمها زمن بات فيها الواقع متجاوزا للخيال التقليدى».
أحمد الدرينى، كاتب وصحفى مصرى، من مواليد عام 1985، اشتهر بكتابة مقالات الرأى والتحقيقات المطولة، فاز بجائزة هيكل للصحافة العربية عام 2017، كما فاز بجائزة نقابة الصحفيين المصريين عام 2009 عن تغطياته الخارجية للملف السودانى، يعمل فى صناعة الأفلام الوثائقية، وسبق أن صدرت له ثلاث كتب: «أسطورة السيد دودى»، «عائد من السماء»، و«ثلاثية العرش»، ينتمى الكتابان الأولان إلى أدب البوح والتدوين، أما الثالث عن الإسلاميين والرئيس والدولة العميقة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك