وسط دموعه، قال متولي 29 سنة، أحد الناجين من مركب الهجرة غير الشرعية الغارق بالبحيرة، "سامحني يابنى، ياريتني مت قبلك وقبل ما أشوف اليوم ده.. حاولت أعيشك عيشة نضيفة ما تتعبش فيها زي أبوك لكن موتك أنت وأمك". ثم انهار في البكاء، متابعا: "أنا مش مصدق كل اللي حصل ده كابوس طويل ومرير.. يارب أكون نايم.. يارب أصحى ألاقي ابني ومراتي وألاقي نفسي على البر وأنا عمري ما أفكر إنى أدخل البحر تاني".
وأكمل حديثه ليسرد تفاصيل غرق المركب التي كان يستقلها أكثر من 450 مهاجرا، على حد قوله، إن هذا العدد الكبير كان السبب في غرق المركب بعد أن ظلت تتمايل على جانبيها بشكل مريب «وتعالت أصواتنا "المركب بتغرق.. المركب بتغرق"، وطلبنا من بعض الموجودين أن ينزلوا منها ممن يجيدوا السباحة، إلا أن أغلب الركاب رفضوا ذلك؛ خوفا من الغرق وقالوا: "لا نجيد السباحة"، وازداد تمايل المركب حتى غرق الجزء الأمامي منها ثم غرقت كلها»، مضيفا «صراخ زوجتي وابني ما زال في أذني ولكنى لم أقدر على إنقاذهما».
ثم انهار بالبكاء ثانية، قائلا: «أصبحت متهم ومكبل الأيدي وأنا في الأصل مجني عليه، وكل من معي، ولقد حاولنا الهرب من الحياة الغالية والقاسية بمصر فأنا صنايعي أعمل يوم وأجلس عشرة بدون عمل.. ماذا أفعل في ظل هذه الزيادة الجنونية لكل شئ.. حرام يبقى موت وخراب ديار وسجن كمان.. يكفى ما حدث لنا في هذا اليوم المرير الذي مر علينا كألف عام وظللنا نستغيث في الماء لأكثر من ثلاث ساعات ولا يوجد مجيب، ونرى بعضنا البعض ونحن نغرق ونتساقط وتغرق معنا جميع الأحلام ونفقد الأمل حتى في النجاة»، حسب وصفه.
جدير بالذكر أن بوغاز رشيد بالبحيرة قد شهد صباح أمس غرق مركب هجرة غير شرعية إلى دولة إيطاليا كان يستقلها ما يزيد عن 450 شخصا من (السودان والصومال ومصر وسوريا)، وقد ارتفع عدد ضحايا الحادث الأليم إلى 42 شخصا، وتم إنقاذ ما يقرب من 158 آخرين منهم طاقم المركب، وما زالت قوات الإنقاذ والقوات البحرية تواصل جهودها في البحث عن المفقودين والضحايا.

