نبيل نعوم يكتب: الشقة العلوية Penthouse - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 8:40 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نبيل نعوم يكتب: الشقة العلوية Penthouse


نشر في: الجمعة 26 نوفمبر 2021 - 8:27 م | آخر تحديث: الجمعة 26 نوفمبر 2021 - 8:27 م

من المهم المحافظة على المبانى القديمة والتاريخية، وحمايتها من الهدم والتعديل والإضافات التى تشوهها، وقد تؤدى إلى سقوطها، كما يحدث عند إضافة أدوار سكنية فوق المبانى. وعلى اللجان المتخصصة فى حماية التراث والمواقع الأثرية الاهتمام بالمحافظة على تلك الآثار وعدم التفريط أو التنازل، مهما كان الإغراء المادى العائد من التضحية بتلك التحف، والتى حسب لائحة التراث العالمى تمثل إحدى القيم الإنسانية الهامة والمشتركة لفترة من الزمن فى المجال الثقافى للعالم، سواء فى تطور الهندسة المعمارية، أو التقنية، أو الفنون الأثرية، أو تخطيط المدن. وفى مدن مصر المختلفة هنالك المئات إن لم يكن الآلاف من المبانى والفيلات والقصور ذات القيمة الفنية والتاريخية التى لا تقدر بثمن، وخسارة كبيرة هدمها لإقامة العمارات السكنية العملاقة. ويجب التشديد على حماية هذه المبانى مهما كانت الضغوط.
وهنا مثال من مدينة نيويورك يوضح أن المال مهما كان مقداره لا يمنح صاحبه حق الهدم أو الإضافة أو تغيير الواجهات للمبانى القيمة.
ففى يوم الثلاثاء 16 نوفمبر الماضى رفضت لجنة الحفاظ على المعالم والتراث لمدينة نيورك مشروع الملياردير بيل أكمان «Bill Ackman» بهدم وبناء شقة علوية بنتهاوس على قمة مبنى تاريخى فى مانهاتن يقع فى شارع 77 بغرب المدينة، ويطل على حديقة السنترال بارك، والقريب من متحف التاريخ الطبيعى. ويعتبر المبنى تاريخيا لأن عمره 120 عاما. وجاء الرفض بعد أن اشتكى الجيران من مشروع المبنى الذى يرغب فيه بقولهم: «يبدو وكأنه منزل على شاطئ ماليبو «مدينة المليارديرات» تم إسقاطه على سطحنا فى نيويورك»، أو شبهوه بالطبق الطائر، أو معبد العمالقة، «معبد الإله تيتان»، والمبنى الجديد من الزجاج، مكون من طابقين، ويبدو كبيت زجاجى لزرع النباتات، وقد صممه المهندس العالمى نورمان فوستر، الذى صمم مبنى بنك هونج كونج، وقبة مبنى الرايخستاج فى برلين، وخلافه من ناطحات السحاب والمبانى حول العالم.
والملياردير بيل أكمان، البالغ من العمر 55 عامًا، مستثمر ناشط تلقى تعليمه فى جامعة هارفارد وحقق أرباحًا فلكية بقيمة 2.6 مليار دولار، بعد أن راهن على التأثير المالى لفيروس كورونا خلال الأيام الأولى للوباء.
وكانت خطة الملياردير أن يحل مبناه محل الشقة العلوية من الجص الوردى بالدور السابع عشر فوق سطح المبنى والتى اشتراها مقابل 22.5 مليون دولار فى عام 2017. كانت الشقة مملوكة سابقًا للمؤلفة النسوية الأمريكية نانسى فرايدى 1933 ــ 2017، مؤلفة كتاب «حديقتى السرية 1973» الذى باعت منه ملايين النسخ والذى يتناول تخيلات المرأة الجنسية. وقد قامت بشراء أربع وحدات مجاورة فى المبنى على مر السنين وقامت بتجميعها معًا لإنشاء شقة غير عادية مكونة من 13 غرفة. وهى الشقة التى يود الملياردير هدمها، وحسب قول الجيران، إقامة معبده الجبار «معبدتيتان»، وتيتان هو أكبر أقمار زحل. والجبابرة أو التيتان بحسب الميثولوجيا الإغريقية، هم عرق من الآلهة الأقوياء الذين حكموا الأرض خلال العصر الذهبى الأسطورى، السابق للآلهة الأوليمبية. كما أن تيتان اسم السيمفونية رقم 1 للموسيقار جوستاف مالار. وإن حاول الملياردير إقناع المعارضين لمشروعه، بأن بناءه شقته الزجاجية ستعود بالفائدة على المبنى والحى والمدينة كإضافة معمارية رائدة، ولأن ذلك لم يكن بكافٍ للحصول على موافقة الجيران واللجنة المتخصصة، وبعد فشل الإغراء المادى، حاول إثارة عاطفة المعترضين بمناشدته أعضاء اللجنة فى اجتماع عبر الفيديو، قائلا: «نحن نحب الموقع. وأريد أنا وزوجتى تربية أسرتنا الجديدة هنا، ولدينا طفلة تبلغ من العمر عامين ونصف. ونهجنا هنا هو بناء شىء من شأنه أن يكون مضيفا إلى الحى. إن البنتهاوس الزجاجى بالقرب من المتحف الأمريكى للتاريخ الطبيعى سيكون أقل وضوحًا من البنتهاوس الحالى، المكوّن من الكتل الوردية، وسيوفر تحسينًا ماديا للمبنى التاريخى. وفى نهاية الأمر، لن يهتم أحد بنفس القدر الذى نوليه لتصميم ما هو جميل، وكل ما نريده هو أن نعيش بسلام مع جيراننا، ولا نريدهم أن يغضبوا منا». ومع ذلك، أخبر أحد السكان المحليين المجلس المجتمع أن البنتهاوس المخطط له سيدمر طبيعة تناسق المبانى من حوله، والبذخ فى بنائه أمر مزعج، فهو يستخدم سطح المبنى كمنصة لمعبد عملاق. وأضاف: «سكان نيويورك، والأمريكيون، والناس فى جميع أنحاء العالم الذين يزورون متحف التاريخ الطبيعى سيجدون فى مجال رؤيتهم وكر أكمان ويتساءلون من سمح بحدوث ذلك، ومن كان يتحكم فيهم؟» وبالنسبة للملياردير بيل أكمان فشراء شقة جديدة أو بنتهاوس ليس بالأمر الصعب، وقد اشترى فى عام 2015 بنتهاوس فى ناطحة السحاب One57 مقابل 91.5 مليون دولار كـ «استثمار ممتع»؛ حيث إنه يخطط للاحتفاظ بهذه الشقة العلوية المكونة من ست غرف نوم وثمانية حمامات والمطلة على سنترال بارك، لبضع سنوات، قبل بيعها بربح ضخم. وذلك ليس بعيد عن حساباته ففى بداية الوباء فى مارس 2020، أخبر أكمان ملايين المشاهدين على قناة سى إن بى سى، وهو محلل مالى للأخبار التلفزيونية، أن «الجحيم قادم». وفى برنامج استمر 28 دقيقة، قال إن الولايات المتحدة تقلل من خطورة أزمة فيروس كورونا، وتوقع أنها ستقتل ملايين الأشخاص وتدمر الاقتصاد العالمى. وبينما كان يتحدث، استمرت الأسواق المالية فى التدهور. وفى الوقت نفسه، راهن أكمان على أن أسواق الأسهم ستنهار. وبسبب تلك الرهانات كسب 2.6 مليار دولار بعائد يقارب 10.000٪ على حصته الأصلية البالغة 27 مليون دولار.
وكما يقول المثل «مصائب قوم عند قوم فوائد».

 
 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك