نبيل فهمي وزير الخارجية السابق يكتب: لحظة للمكاشفة والمصارحة إسرائيليا وفلسطينيا - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:01 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نبيل فهمي وزير الخارجية السابق يكتب: لحظة للمكاشفة والمصارحة إسرائيليا وفلسطينيا

نبيل فهمي وزير الخارجية السابق
نبيل فهمي وزير الخارجية السابق

نشر في: الثلاثاء 30 نوفمبر 2021 - 8:21 م | آخر تحديث: الثلاثاء 30 نوفمبر 2021 - 8:21 م

هناك تطابق فى الظروف السياسية الإسرائيلية والفلسطينية أو على الأقل تشابه كبير بينهما، فكلاهما يشهد انقساما سياسيا واسعا، بين التوجهات التى تشكل العمود الفقرى للساحة الفلسطينية داخل السلطة وفتح، وبينهما والتيار السياسى الإسلامى وعلى رأسه حماس، وإسرائيليًا بين اليمين المؤيد لبيبى نتنياهو ومن ضده وإنما على يمينه، وبين اليمين واليسار داخل الحكومة الإسرائيلية حول معارضة وتأييد حل الدولتين.

ومن جوانب التشابه مع اختلاف توجهاتها من حل النزاع، أن كل التيارات المؤثرة فلسطينيًا أو إسرائيليًا لا تحبذ اندلاع العنف سريعًا مرة أخرى، فالسلطة الفلسطينية داعمة للحل السلمى وتشعر أن حماس نالت من رصيدها السياسى بعد الأحداث الأخيرة فى القدس وغزة، وأصبحت طرفا فاعلا مدعما قطريًا وتتفاوض حول ترتيباتها اليومية مع إسرائيل من خلال مصر، الراعى العربى التقليدى لعملية السلام والداعم للسلطة تقليديًا، وحتى حماس التى ارتفعت أسهمها أخيرًا، تقدر جيدًا الثمن الإنسانى الباهظ الذى تحمله أهل القطاع، ثمنا من شأنه أن يقلص من مصداقيتها الشعبية بالقطاع إذا تجددت الاشتباكات سريعًا.

ويتشابه هذا كثيرًا مع الوضع إسرائيليًا، حيث لا تميل الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى الانزلاق سريعًا فى عمليات عسكرية تحملها ثمنًا ثقيلًا وتغذى الفرقة السياسية فيما بينها، إلا أنها لا تستطيع السكوت على أى تجاوزات ضد إسرائيل خشية أن تعطى ذخيرة لليمين الإسرائيلى المؤيد لبيبى، وهو يمين يخشى أيضًا اندلاع العمليات العسكرية ونجاح الائتلاف فى التعامل معها مما يدعم مكانة بينت كرئيس وزراء وممثل لليمين الإسرائيلى بأكمله مستقبلًا.
كل هذه الانقسامات لا تشجع على الاستثمار فى جهود لحل النزاع العربى الإسرائيلى سلميًا، لأن التوصل إلى حل حتى فى أفضل الظروف سيتطلب اتخاذ الكل لقرارات صعبة ستثير الكثير من الجدل والفرقة ضمن التيارات السياسية الإسرائيلية والفلسطينية المختلفة بل حتى ضمن الفصيل السياسى الواحد.
وإنما ما أخشاه هو أن تعود القضية الفلسطينية الإسرائيلية مرة أخرى إلى مكانة متأخرة فى قضايا الشرق الأوسط، نتيجة لضآلة فرص بدء مسار سلمى تفاوضى جاد والتوافق العام بين جميع الأطراف على تجنب العنف؛ حيث نشهد مع السكون العسكرى سكونًا سياسيًا، تنقرض معه أُسس عملية السلام، ويقتصر الاهتمام على ردود فعل عامة ضد الإفراط الإسرائيلى فى استخدام العنف، مع غض الطرف عن معاناة الاحتلال اليومية للشعب الفلسطينى وعدم تمكينه من ممارسة حقوقه الوطنية.

لازلت غير متفائل بالنسبة لفرص السلام فى المرحلة الحالية، غير أننى أرى أن الظروف والانقسامات الحالية إسرائيليًا وفلسطينيًا والتنافس بين الأطراف على الجانبين قد تخلق أرضية لحوار أكثر جدية إسرائيليًا وفلسطينيًا، أولًا لتحديد الهوية السياسية للجانبين، ثم بعد ذلك فيما بين الجانبين، وهو أفضل من التعايش مع الركود الفكرى والسياسى الإسرائيلى والفلسطينى، الذى يشكل أكبر خطر على الحق الفلسطينى، خاصة وإسرائيل لم تواجه خيارات سياسية صعبة أو تحديات أمنية جادة فى الآونة الأخيرة، مما سمح لبيبى الادعاء بنجاحه فى توفير الأمن والاستقرار ومعدلات جيدة من النمو الاقتصادى، مع تحميل الجانب الفلسطينى المنشق والمنقسم المسئولية واتهامه بأنه ليس شريكًا فى عملية السلام.
ورغم صعوبة التفاؤل بفرص حل النزاع سريعًا أتابع هناك عدم الارتياح الواضح فى المجتمعين لأوضاعهم السياسية الداخلية وأعتقد أنه يشكل حافزًا ودافعًا لمراجعة ذاتية شاملة على كلا الجانبين، ودافعًا لإبداء الرأى واتخاذ المواقف فى محاولة لطرح أفكار ومعادلات مختلفة عن المستقبل السياسى للشعبين، بما فى ذلك فى القيادات السياسية، وهو أمر بدأ بالفعل، فرئيس وزراء إسرائيل الجديد بينيت كان المساعد المقرب لنتنياهو ويقف على يمينه سياسيًا وأكثر تشددًا فى مواقفه السياسية، ومع هذا ائتلف مع اليسار والوسط السياسى الإسرائيلى، بل ولأول مرة حتى مع تجمع دينى من أصل عربى، وهو ما يعنى أن الطرف الإسرائيلى على استعداد على الأقل تكتيكيًا للمواءمة والمناورة مع تيارات متعددة ومختلفة، وعلى الأطراف الفلسطينية والعربية والدولية استغلال هذه الظروف لنقل أفكارها للساحة الإسرائيلية، بغية إخراج إسرائيل من التوجه اليمينى الحاد الذى ظلت عليه طوال أكثر من عقد من الزمن تحت رئاسة نتنياهو، لكى تغذى مراجعة ومصارحة إسرائيلية، تنتهى إلى تعديل الموقف الإسرائيلى بما يقربه من الوسط، ويوفر فرصة لتحقيق السلام الإسرائيلى العربى، أو يثبت التوجه اليمينى، بما يمحو أى غموض أو شك أن المجتمع الإسرائيلى يؤيد سلامًا يحقق للجانب الفلسطينى الهوية الوطنية فى الدولة المستقلة.

ولحظة المكاشفة والمصارحة هذه تنطبق أيضًا على الجانب الفلسطينى، فتعدد القوائم الانتخابية التى طرحت للترشح فى الانتخابات التى تم تأجيلها، حتى ضمن أعضاء فتح ذاتها تعكس أن هناك رؤى متعددة لأسلوب الإدارة السياسية الفلسطينية، فضلًا عن التوجه الأيديولوجى المختلف لحماس والتيارات السياسية، بل شهدنا أيضًا بدء مواءمات فيما بين التيارات الفلسطينية العلمانية والمنتمية للتوجه السياسى الإسلامى والعكس أيضًا، فى نفس الوقت الذى سعت فيه السلطة والتيار السياسى الإسلامى المعنى لمصالحه للأسف لم تتوج بنجاح، بل تأجلت الانتخابات الفلسطينية ذاتها.

أصبحت المنظومة السياسية الفلسطينية والأطراف الرئيسية يمينًا ويسارًا وقياداتها على المحك، وعليها الاستجابة للرغبة الشعبية فى معادلة فلسطينية جديدة، جامعة لتياراتها، وتشمل عددا من القيادات السياسية الجديدة، واتساقًا مع المواقف الوطنية الشريفة للقيادات الفلسطينية عبر السنين، بإعلان دولة فلسطينية تحت الاحتلال على حدود 1967 وإجراء الانتخابات الفلسطينية فى أقرب فرصة، مع طرح التيارات السياسية الفلسطينية برامجهم الانتخابية فى شكل عناصر ومبادئ تحكم برنامج حكومة فلسطينية مشتركة بعد ذلك، لتكون النتيجة تعبيرًا عن الإرادة الشعبية الصادقة، فضلًا عن تحرك على المسارين القانونى والإنسانى دوليًا للتصدى للتجاوزات الإسرائيلية، مع وضع خطة مكثفة لمخاطبة الداخل الإسرائيلى لفضح تجاوزات إسرائيل فى الحقوق الإنسانية للفلسطينيين تحت الاحتلال وفوائد اتخاذ خطوات نحو حل الدولتين حفاظًا على الهوية الوطنية المستقلة للدولتين وتحقيق السلام الكامل والشامل عربيًا وإسرائيليًا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك