دليل الشاب المجتهد «3»: عليك ببيع الزيتون! - حسام السكرى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 12:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دليل الشاب المجتهد «3»: عليك ببيع الزيتون!

نشر فى : السبت 2 يونيو 2018 - 9:50 م | آخر تحديث : السبت 2 يونيو 2018 - 9:50 م

تمتلك بقالة وتديرها فى الوقت ذاته. فى صباح باكر يدخل عليك مورد جديد يرغب فى توريد الزيتون للبقالة. تعطيه خمس دقائق من وقتك ستقرر بعدها إن كنت ستتعامل معه. يحدثك المورد بإسهاب عن اهتمامه بعقد صفقة معك لأنك رجل طيب وسمعتك حسنة، ولأن بقالتك طبقت شهرتها الآفاق.

ستسألنى وما هى علاقة هذا كله بسلسلة مقالات تقدم النصح للباحثين عن مكان للعمل فى المؤسسات الكبرى وإرشادهم إلى ما يندر ذكره فى ورش عمل كتابة السيرة الذاتية وإجراء المقابلات الشخصية؟

سأقول لك إن العلاقة وثيقة بأكثر مما تتخيل بسبب ما رأيته يتكرر من آلاف المتقدمين للعمل الذين كان لى حظ التعامل مع طلباتهم ومع كثيرين منهم بشكل شخصى عندما كنت رئيسا لبى بى سى العربية فى لندن فى فترة توسعها وتحولها من محطة إذاعة تقليدية إلى منصة إعلامية كاملة بموقع إلكترونى على الإنترنت، ومحطة تلفزيون إخبارية تعمل على مدى اليوم ومجموعة متكاملة من الخدمات الرقمية. وبعدها فى ياهو العالمية عندما كانت تتوسع بتأسيس قسمها العربى عقب استحواذها على شركة مكتوب.

واحد من أكبر الأخطاء المتكررة التى قابلتها كانت مشكلة «البيع المعكوس» Reverse Sale التى كان يبادر إليها الشباب فى المقابلات الشخصية.

المتقدم للوظيفة يعلم حدسا أن ما ينبغى أن يقوم به عندما يصل إلى مرحلة المقابلة الشخصية هو عملية تسويق لمنتج ما. لكنه يرتكب الخطأ الكبير عندما يختار المنتج الذى يتعين ترويجه. فى كثير من الأحيان كان الشاب الطموح يروج للمؤسسة بدلا من أن يروج لنفسه!

تقترب الفرصة منه ويتجاوز مراحل التقدم المتعددة وينتهى به الحال أمام لجنة مهمتها اختيار من سيشغلون الوظيفة من بين عدد محدود من المتقدمين. يوجه أحد أعضاء لجنة الاختيار سؤالا للشاب عن سبب اهتمامه بالعمل فى المؤسسة. يتنحنح الشاب المجتهد ويبدأ فى وصلة مديح لعظمة المكان وسمعته وقيمته وشهرته التى طبقت الآفاق، وهو ما أتصور أنه فى كثير من الأحيان نتيجة لارتباط الترقى فى مجتمعاتنا بنفاق الرؤساء والمتنفذين، واعتقاد الشاب بأن الإفاضة فى مديح المؤسسة وأحيانا رؤساءها أو الجالسين فى اللجنة هو الطريق السليم للانضمام إليها.

لا أدرى كم مرة سمعت عبارات مثل: «إن الانضمام لمؤسستكم هو حلم كان يراودنى منذ الطفولة»، «فى بيتنا لا ينام أبى إلا على صوت برامجكم.. وأنا أيضا»، «لا تتخيل سعادتى بأننى حصلت على الفرصة للقائكم وإحساسى بأن حلمى قارب على التحقيق».. «أتابع برامجك ومسيرتك المهنية وأتمنى أن أحظى بشرف التعلم من خبرتك ومهاراتك».. إلخ

نعود للبقالة ولك باعتبارك بائع الزيتون الذى يرغب فى الحصول على صفقة توريد لبضاعته. هذه فرصتك لتتحدث عما ترغب فى بيعه. وفى السياق الذى نحن بصدده وهو تقدمك لوظيفة، ينبغى عليك أن «تبيع نفسك» لا أن تبيع المؤسسة!

مهمتك أن تشعر لجنة الاختيار أن فريق العمل الذى ستنضم له سيكون شيئا آخر بعد انضمامك. تحدث عما يميزك، عن خبراتك الخاصة، عن اهتماماتك التى ترى أنها تصب فى أهداف المكان .

تحدث عما يمكنك تحقيقه وإنجازه بما يفيد المؤسسة التى تسعى للعمل فيها. ركز على ما يميزك ويجعلك مختلفا. أذكر أمثلة مما حققته وترى أنه يثبت مهارتك بالدليل العملى. اختر شيئا ما تقوم به المؤسسة أو تقدمه مثل برنامج أو منتج، وتحدث عما يمكن أن تفعله لجعله أفضل أو أكثر رواجا وانتشارا. لا تفرط فى نقده أو نقد المسئول عنه (ربما يكون جالسا أمامك) ولكن تحدث عما يمكن أن تفعله لتطويره ليكون أفضل بالشكل الذى تعتقد أن المؤسسة تسعى إليه.

جميل أن تبدى حماسا للمؤسسة وتقديرا لقيمتها واسمها. هذا يثبت حماسك ولكنه لا ينبغى أن يزيد عن عشرة فى المئة من محتوى إجابتك على السؤال والوقت المخصص لذلك.
تذكر دائما أنك هنا لتبيع الزيتون لا لتبيع البقالة.. لصاحبها!

اقرأ:
الجزء الأول من دليل الشاب المجتهد
الجزء الثانى من دليل الشاب المجتهد

التعليقات