لابد من يوليو - أحمد مجاهد - بوابة الشروق
السبت 25 مايو 2024 4:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لابد من يوليو

نشر فى : الإثنين 2 أغسطس 2010 - 10:01 ص | آخر تحديث : الإثنين 2 أغسطس 2010 - 10:01 ص

 تنبأ فؤاد حداد بقيام ثورة يوليو التى حلم بها وسعى من أجلها ووقف إلى جوارها، لكن هذا كله لم يشفع له فى الافلات من الاعتقال السياسى بتهمة الشيوعية، حيث اعتقل مرتين طويلتين: الأولى من 1953 إلى 1956 وأفرج عنه خلالها لمدة شهرين فقط عام 1954، والثانية من أبريل 1959 إلى أبريل 1964.

وعلى الرغم من هذا فإن حداد لم يتراجع قط عن تأييد الثورة والتغنى بمنجزاتها لأنها كانت تتفق مع مبادئه الجوهرية وانحيازاته الطبقية، فظل يتغنى بالفلاحين والعمال:
قادرين على الحق ما يقدر علينا ضلال
بقوة الدم سايل والعرق سيَّال
وبقوة الأرض حامل من ليالى طوال
بقوة الفلاحين وبقوة العمال
وأخذ يتغنى مع كل المصريين كبارا وصغارا بحلم بناء السد العالى:
أنا كنت ماشى فى شارع كله حِنيَّه
جت عَيِّله من يمينى واتعلقت بِيَّه
وكوره طارت ولفِّت من حواليه
وألف عَيِّل جِرِى وقال لك حنبنى السد
كما أنه لم يفته فى العيد العاشر للثورة أن يحتفل بها ويعدد إنجازاتها:
والمَيَّه بِتمِد تمدن
والعلم بيعدى يعدن
حتى الصحارى بتفدن
وكلنا شُعرا وأنفاس
بلادنا خدا على خدٍ
بضلع ريشه وقبضة فاس
وصلب آله بتدندن
لكنه لم يفته أيضا فى القصيدة نفسها أن يشير برقته المعهودة إلى أن مسيرة الثورة تحتاج إلى بعض التقويم:
بنقول نؤمم ونؤمم
وان قولنا خير يعنى نعمم
ونبتدى يعنى نتمم
لابد من يوليه ويعود
مع الليالى ونتعلم
كما أنه يشير بوضوح إلى أن اعتقاله يعوقه عن كتابة الشعر الذى يروج لمبادئ الثورة التى يؤمن بها حتى النخاع:
أيامها كان وحى معايا
دلوقتى من غايه لغايه
باقول واتابع فى رؤايا
والا الحقيقه باحاول أقول
خيالى فى الغابة نقايه
بس اطلقوه علشان يقوى
وقد خلف لنا حداد فى ديوانه «موال البرج» قصائدا متفردة عن تجربة الاعتقال فى سجون العزب بالفيوم وأبوزعبل والواحات، ومن أروعها قصيدته التى تحدث فيها عن وصول طرد ملابسه الشتوية الذى أرسلته له أسرته، حيث يصور مشاعر الطرد قائلا:
يا طرد لما العزب وجيتنى
أول ما شوفتك ملت وناجتنى
بصوت كأنه بعيد رجتنى
خلصنى من قبضة العساكر
ثم يصور مشاعره نحو الطرد الذى يحمل رائحة الأسرة التى يشتاق إليها وتشتاق إليه قائلا:
عرفت ريحتك وعرفت ذوقك
جيتنى حمامه وكان قلبى طوقك
حطيت وقلبى اللى حط فوقك
لما فتحتك قام قلبى طاير
من كتر شوقى وكتر شوقك
طلعت كمام القميص تشاور
كما أنه قد خلف لنا صورا لسدنة التعذيب فى هذه المعتقلات، لعل أبرزها صورة عبداللطيف رشدى أحد المسئولين عن مذبحة طرة للإخوان المسلمين عام 1957، وهو نفسه الذى أمر بتعذيب شهدى عطية الشيوعى حتى الموت عام 1960، حيث يقول حداد:
عبداللطيف رشدى وارث
ابنك فى جملة عبيده
عبداللطيف رشدى سيده
عبداللطيف رشدى فارس
راكب حصان الحكومة
راسم على وشه بومه
تصرخ وراه الكوارث
وتمشى قدامه شومه
والجدير بالملاحظة أن كل هذه القسوة التى تعاملت بها حكومة الثورة مع حداد لم تمنعه من الخروج مع الجموع لمطالبة عبدالناصر بعدم التنحى فى 9 و10 يونيو 1967، حيث يقول فى بداية قصيدة «الوالد»:
أكبر قلب يا قلب الوالد
كلنا خالد.. رايح فين؟
إحنا نشيلك جوه العين
كما أنه لم يفته أن يرثى عبدالناصر فى قصيدة طويلة من جزءين فى ديوان كامل يحمل عنوان «استشهاد عبدالناصر»، حيث يقول:
مع السلامة يا والد يا أحن شهيد
آدى الرقابى ودى الأعلام بتتنكس
فين طلتك فى الدقايق تسبق المواعيد
والابتسامة اللى أحلى م السلام بالإيد
أؤمر لى بحقوقى وهدوم الولاد فى العيد
والمجانية ومرايل بيضا والأناشيد
فهذه هى المبادئ التى آمن بها حداد وعاش مدافعا مستميتا عنها، فهو لا يسمح مطلقا بالتفريط فيها لكنه يتسامح بقلب نبى مع كل من يظلمه فى سبيل تحقيقها.

التعليقات