امرأة ترسل قدمها للريح - خولة مطر - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:15 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

امرأة ترسل قدمها للريح

نشر فى : الثلاثاء 4 مارس 2014 - 6:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 14 مايو 2014 - 4:38 م

أن تجلسى على حافة الحياة هكذا يراد لك، ثم تتقدمى انت وحدك أو ربما مع مجموعة منكن وبعض منهن تكونى فى المقدمة أو ربما تخلقى الحدث إنت.. تبدئيه بخطوة لأنك رضعت الصبر والانتظار الطويل.. تتقدمى الحشد أو الحشود.. تصرخين كثيرا وترفعين صوتك عاليا.. بعضهم يترصد بك انت قبل الآخرين، إنت الواقفة هناك الخارجة إلى الفضاء العام فهذا ليس مكانك.. ولكنك تستمرين وتتقدمين ترفضين تقسيم الأدوار دوما والفضاءات أحيانا، كما ترفضين التمجيد عندما تقف احداهن لتحقق انجازا هنا أو هناك.. ترددين مرارا لنا جميعا أن لا قيمة له.. يأتى يوم فى العام أو ربما ايام يشيدون الاحتفالات ويكثرون من الحديث المطول والمنمق!! تجلس تلك على مساحتها المعتادة من رصيف الأثرياء، تبيع بعض الخضار الذى اشترته فى ساعات الصباح الأولى من ذلك البائع الذى يوجه لها نظرات لا تعجبها، ولكنها لم توقفها عن «العمل الشريف»، كما تسميه أم عبدالله.. من يقول لها إن التقرير الذى سيعرض هنا أو هناك هو عنها أو ان تلك الأغنية ستطعم أطفالها غدا أو بعد غد.

•••

عندما يعلو الكلام تكونين هناك وعندما يكثر الدم أيضا لم تتوقفى، لم تخافى، لم تتراجعى، وعندما استباحوا اجسادهن جميعا، كل من تخرج إلى الفضاء العام فهى لى أو لنا نعمل ما نشاء بها، نفرغ امراضنا وكبتنا وبعض ما سمعناه من تفكير متخلف ينسب أحيانا للدين أيضا، عندما مزقوا روحك قبل جسدك، مسحت الدمعة والدم معا وانطويت بعض الشىء، ثم ما لبثت وأن عدت لترددى هذا المكان لى بل كل الأمكنة.. من رسم ذاك الخط الرفيع أو الغليظ.. من وقف هناك وأعطاهم جميعا صلاحية أن يرسموا لى مساحات اتحرك فيها كبعض الحيوانات فى أقفاص القتلة!

غدا قالوا لك ستكونين معنا كما أنت اليوم. ويأتى الغد وتتكون الفرق وتتقدم الأسماء كلها، إلا أسماء الإناث منهم تبقى واقفة فى الصف الخلفى أو ربما ما بعد بعد الخلفى! يتفتت الوطن وتقفين أنت فقط حاملة بعضا من الحكمة التى علمتها لك الأيام، وكثيرا من صبرها الأقوى من صبر أيوب!! تعرفين أنك تكملين مشوارا طويلا كلما تقدمن فيه، كلما حاول البعض بل الكثيرون إعادتكن إلى الوراء.. تبتسمين بعض الشىء بكثير من السخرية أحيانا لأنك وحدك تعلمين أنه لا دوران إلى الخلف لك، بل إنك لا تعرفين خط الرجعة!

•••

عندما يذكرونك تكونين مزينة لتقرير لهم، كل إنجاز قمت به يضاف إلى قائمة طويلة من قوائمهم، التى هى فقط شكل من أشكال الماكياج لكثير من أهل الحكم هنا وهناك.. يتساوون جميعا رغم أنهم مختلفون، فهم مجتمعون على وضعك خارج الفضاء أو عند حافة الحياة.. عندك فقط يتوحد اليمين مع اليسار والشرق مع الغرب والشمال مع الجنوب، ليكونوا جميعا ليسوا معك حتما أو ربما معك بالأقوال الكثيرة والمشاريع الطويلة! يطعمون وفودهم وحكوماتهم وفرقهم وبرامجهم بك، ربما من أجل المنظمات الدولية وتقاريرها «المزعجة» حول التمكين، أو ربما حتى يقال إنهم «متحضرون» جدا حداثيون أيضا، وأنهم كما يحبون أن يكرروا يستثمرون فى البشر كما الحجر عجبى!!

•••

هى كانت دوما ليست منهم كما كتب صديقى على صفحته فى فيس بوك بالأمس «لا تبحث عنى لست بينهم لست منهم.. أنا منى ومنك حين تجدك.. تلقانى!» هى ليست واحدة تسير فى الركب أو خلف القافلة كالقطيع المدجن.. رفضت ذلك منذ الساعة الأولى فى اليوم الأول، ربما لأنها قرأت كثيرا عن هدى شعراوى وجميلة بوحيرد وغيرهما.. ربما لأنها نتاج لتلك المرحلة التى انتشرت فيها كلمة «لا» لتبهر الكون كله.. ربما وبقيت كذلك عالقة خارج السرب أى قطيع كان.. ثم تفاجأ بأن اسمها مضاف إلى قائمة من الأسماء لنساء كلهن من حملة المباخر محترفات المؤتمرات والصالونات للحديث عن المرأة وتمكينها!! ضحكت كثيرا من أعماق العقل ثم حزنت لحالها.. حالهم.. حالهن.. بل حال الأنظمة الخائفة من رجفة امرأة.. من كلمة لامرأة.. من امرأة ترسل قدمها للريح.. بل من امرأة تحلق فى الفضاء كالفراشة ولكنها تأبى أن تحترق.

خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات