حماس ليست كل الشعب الفلسطيني - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الإثنين 4 أغسطس 2025 9:48 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

حماس ليست كل الشعب الفلسطيني

نشر فى : الإثنين 4 أغسطس 2025 - 7:10 م | آخر تحديث : الإثنين 4 أغسطس 2025 - 7:25 م

شكلت القضية الفلسطينية اهتمامًا دائمًا للمصريين، واحتلت ركنًا ركينًا من عقل ووجدان كل مصرى، باعتبارها قضية العرب الأولى. وقدمت مصر، عبر تاريخ طويل سبق نكبة عام 1948 وحتى اليوم، تضحيات بمختلف أشكالها دعمًا للأشقاء الفلسطينيين، ودفاعًا عن الأمن القومى المصرى فى آنٍ واحد.‬

وقفت مصر إلى جانب الفلسطينيين فى محطات عديدة من تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى، ولم تتنصل يومًا من مسئوليتها فى مناصرة قضية عادلة، فى مواجهة احتلال استيطانى زُرع بأيدٍ غربية وبحماية أمريكية.‬

خاضت مصر الحروب، وقدم شعبها آلاف الشهداء، وأنفقت المليارات، دون أن تفكر يومًا فى فكّ ارتباطها، الذى وصفه البعض بـ«العضوى»، مع فلسطين. وكانت القاهرة أول الداعمين لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، عند إعلانها برعاية الجامعة العربية فى 28 مايو عام 1964، كمظلة جامعة تمثل الشعب الفلسطينى وتسعى إلى استعادة حقوقه الوطنية.‬

وبالمثل، ساندت مصر حركة «فتح»، التى أُعلن عن قيامها رسميًا فى الأول من يناير عام 1965، وحظيت بدعم ورعاية الرئيس جمال عبد الناصر، الذى مات وهو يحاول منع كارثة «أيلول الأسود» ووقف الاقتتال بين الجيش الأردنى والعناصر الفلسطينية المسلحة، فى واحدة من محطات التاريخ التى لا تُنسى.‬

هذا الارتباط الكبير بين مصر وفلسطين لم ينقطع برحيل عبد الناصر، بل استمر حتى اليوم. صحيح أن العلاقة مع الأشقاء الفلسطينيين شهدت فترات من الشد والجذب، وتوترات خلال عهدى الرئيسين السادات ومبارك، إلا أن ذلك لم يكن يوما عائقا أمام دعم القضية الفلسطينية فى مختلف المحافل. ومن الطبيعى، إذًا، أن تقف مصر إلى جانب أشقائها منذ بدء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة فى السابع من أكتوبر 2023.‬

من قرى مصر خرجت شاحنات المساعدات الإنسانية إلى غزة، وألقى عليها بائع الفاكهة البسيط فى مدينة الحوامدية برتقالاته، فى دلالة رمزية على محبة المصريين، بكل أطيافهم، لأشقائهم الفلسطينيين، واستعدادهم الدائم لنجدتهم. وفى الوقت نفسه، تدفقت المساعدات من المؤسسات الرسمية، وفى مقدمتها الهلال الأحمر المصرى، إلى معبر رفح، سعيًا لتخفيف معاناة سكان القطاع فى ظل الإغلاق الإسرائيلى المتعمد للمعبر من الجانب الفلسطينى.‬

لذلك، لم يتقبل المصريون مواقف بعض الفلسطينيين الذين اختاروا الانحياز إلى جماعة «الإخوان»، وتنكروا لما قدمته مصر، وذهبوا لمحاصرة السفارات المصرية فى الخارج، والتظاهر أمام السفارة المصرية فى تل أبيب، فى مشهد عبثى استنكره القاصى والدانى. فقد استظل بعض «الفلسطينيين» بالعلم الإسرائيلى للهجوم على مصر، بدلا من التنديد بنتنياهو وعصابته من اليمين الصهيونى المتطرف!‬

ارتفعت أصوات جماعة الإخوان مطالبة بفتح معبر رفح أمام شاحنات المساعدات، وهم يعلمون أن جوهر المشكلة يكمن فى الجانب الآخر. ولم تمضِ أيام حتى اعترف المكتب الإعلامى الحكومى فى غزة، التابع لحركة حماس، بأن الاحتلال الإسرائيلى منع دخول أكثر من 22 ألف شاحنة مساعدات مكدسة على المعابر.‬

إذن، ليست مصر هى من تمنع تدفق المساعدات إلى جوعى غزة، وكان من الأولى بمن خرجوا لحصار السفارات المصرية أن يوجّهوا بوصلتهم إلى عدوهم الحقيقى، بدلًا من الانخراط فى مكايدات سياسية أضرت بقضيتهم، وتسببت فى خسارة تعاطف شريحة واسعة من المصريين، فى وقت تشير فيه تقارير الأمم المتحدة إلى أن الوضع الغذائى فى القطاع بلغ مرحلة «كارثية»، واقترب من شبح المجاعة.‬

ارتكب بعض الإخوان من عرب 48 حماقة، وكذلك فعل نظراؤهم فى عدد من العواصم، خصوصا فى أوروبا، لكن الارتباط العضوى بين مصر وفلسطين لا ينبغى أن يتأثر بهذه السقطات، ولا يصح أن يُحمَّل الفلسطينيون جميعًا وزر فصيل بعينه؛ فحماس ليست كل الشعب الفلسطينى، كما أن الشعب الفلسطينى ليس جماعة «الإخوان».. لذا، وجب التنبيه حتى لا تختلط الأوراق فى خضم الغضب، وتتوه البوصلة عن العدو الحقيقى الرابض على الحدود.‬

 

التعليقات