خسرنا سامر فى وقت صعب - ريم سعد - بوابة الشروق
الخميس 7 نوفمبر 2024 10:49 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خسرنا سامر فى وقت صعب

نشر فى : الأحد 5 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 5 مايو 2013 - 8:00 ص

كان سامر سليمان سيتم عامه الخامس والأربعين فى 2 مايو 2013 لولا اختطفه الموت فى 23 ديسمبر 2012 بعد صراع قصير مع مرض شرس. كانت وفاة سامر خسارة شخصية لى ليس فقط لكونه زميل عمل فى الجامعة الأمريكية ولكنه كان فى مرتبة ابن الخال حيث ربطت بين والده محروس سليمان ووالدتى وداد مترى رحمهما الله زمالة وصداقة عمر أثناء عملهما معا فى التربية والتعليم، وقد تصادف وجود والدتى فى باريس أثناء مناقشة رسالة الدكتوراه الخاصة بسامر فحضرتها كاملة وهى لا تعرف الفرنسية ولكنها كانت اعتبرت نفسها مندوبة عن العائلة فى ذلك اليوم المهم وكان فخرها به لا حد له.

 

امتلأت قاعة الكنيسة عن آخرها يوم وداع سامر وفاض الجمع حتى امتلأ الفناء الخارجى وكان وداعه مهيبا ومؤثرا للغاية ولم يكن ذلك بالأمر الغريب على شخص ناجح ومحبوب اختطفه الموت فى قمة شبابه وعطائه. ألقت زوجته مارى شنودة يومها كلمة موجعة ذكرتنا اننا نودعه فى ذات الكنيسة التى تزوجا فيها منذ سنوات قليلة وتحدثت عن حبهما وقدمت العزاء لأصدقائه وحين تحدثت عن حبه لمصر انتابت الجميع حالة من النشيج الجماعى.

 

●●●

 

طبيعى إذا أن نحزن لكنى اعترف وبرغم كل ذلك أننى وجدت بعض الحيرة فى تفسير درجة الحزن والصدمة التى احدثتها وفاة سامر والتى لم تقتصر على أقاربه واصدقائه بل طالت أيضا من لم يكن لهم به معرفة شخصية وإنما عرفوه من خلال كتاباته وإسهاماته العديدة والتى كانت بالمناسبة اكثر كثيرا مما بدا لنا إذ كان سامر على الدوام جزءا من مجموعات تفكر سويا وتنتج كتابات هى بمثابة أفعال غاية فى الأهمية والكثير منها لم يكن ممهمورا بإمضاءات صانعيها. كان التخصص الأكاديمى لسامر هو الاقتصاد السياسى وأكثر أعماله شهرة هو كتاب «النظام القوى والدولة الضعيفة» وكان سامر ممن أسهموا فى رفع مستوى النقاش العام وكانت إسهاماته عابرة للتخصصات الضيقة وتميزت بوضوح عن اسهامات المحللين السياسيين التقليديين بمزجه بين السياسى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى وباتساع نطاق اهتماماته ومشاركاته فى قضايا مثل الطائفية والمرأة فضلا عن الديمقراطية والدولة المدنية والعدالة الاجتماعية. كان سامر مفكرا حرا وجادا كما كان حادا أيضا فى كثير من الأحيان فكانت معاركه الفكرية والسياسية مع أصدقائه قبل خصومه.

 

الصدمة الشديدة لوفاة سامر لها علاقة بالثورة ــ ربما لم تكن صدمة بقدر ما كان شعورا بخسارة فادحة لأشد ما تحتاج الثورة الآن وهو التفكير وتشكيل الرؤى. وقد أعادت الثورة الاعتبار لدور المثقف ولأهمية التنظير والذى كان حتى وقت قريب يعد وصفا سلبيا ينم عن ممارسات عديمة الجدوى يدلل بها على حالة من الانفصال وخلو البال.

 

●●●

 

«خسرنا سامر فى وقت صعب»، هكذا كتب عمرو عادلى الباحث المتألق وصديق سامر وأحد المشاركين معه وآخرين فى تأسيس مجلة «البوصلة» فى تعليق له على صفحة صديق أعاد نشر مقدمة العدد الأول من المجلة والذى صدر فى يونيو 2005 وهو المشروع الذى أسس لتيار الديمقراطية الجذرية وفتح آفاقا مهمة للتفكير و العمل السياسى فى مصر بما لا يتسع المجال هنا لعرضه وأرجو ان تسنح الفرصة لذلك فى وقت لاحق. بالفعل خسرنا سامر فى وقت صعب، ففى زمن سابق كانت الشكوى من كثرة الكلام والتنظير وقلة الحركة أما الآن ونحن فى آتون الزمن الثورى نلهث مدفوعين رغما عنا فى حركة دائمة على أرضيات هشة ومتحركة يكون دور المفكر الثورى الذى يستطيع التفكير أثناء الحركة فى غاية الأهمية ويكون فقدان أى فرد لديه هذه القدرة خسارة حقيقية.

 

فى ذكرى ميلاد سامر كتبت مارى على صفحتها على الفيس بوك عن بدايات قصة حبهما وتصادف أن كان ذلك فى لقاء يوم عيد ميلاده سنة 2009 وحكت كيف أن مقاله عن المرأة فى مجلة البوصلة كان السبب الحقيقى وراء زواجهم: «من أجله تركت يد والدى قبل أن أدخل من باب الكنيسة لزفافنا فلست مجرد «تسليم بضاعة» من رجل لرجل ولكن إنسان كامل يتخذ القرار الجنونى بالارتباط بأول رجل يحدثنى عن الحرية ولا يتحدث قط عن الحب».

 

 

 

باحثة مصرية

التعليقات