ملاحظات فى التحرش - الأب رفيق جريش - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 7:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ملاحظات فى التحرش

نشر فى : السبت 6 يناير 2018 - 8:40 م | آخر تحديث : السبت 6 يناير 2018 - 8:40 م

إن التحرش الجنسى يتخذ أشكالا متعددة ومنها العنف النفسى والجسدى، وهو سلوك غير إنسانى وتكتمه النساء إما خجلا او خوفا من تحميلهن المسئولية، كما إن التحرش يؤدى إلى اضطرابات نفسية خطيرة. قد تمتد لسنوات طويلة أو طول العمر.

قضية مكافحة التحرّش الجنسى فى أمريكا قد اكتسبت زخما جديدا، بدخول مئات النساء النافذات فى هوليوود بقوة على الخط، من خلال مبادرة « انتهى الوقت» لدعم العاملات والمستضعفات فى كل أفرع الصناعة وفى كل أماكن العمل وفى العام قبل الماضى فى رأس السنة قامت هوجه من التحرش أمام محطة قطار كولون مما جعل المستشارة ميركل تقول إنه شيء يخجل كل ألمانى، وكانت ظاهرة لأن المجتمع الأوروبى منفتح ومتحرر.

ممثلات من الصف الأول، أمثال ريز ويذرسبون وجيسيكا تشاستين وناتالى بورتمان وإيما ستون وآشلى جود وإيفا لونغوريا، وغيرهن من العاملات فى صناعة الأفلام والترفيه فى أمريكا من مخرجات وكاتبات ومنتجات ووكيلات أعمال، رفعن أصواتهن عاليا ضد التحرّش وأعلنّ تضامنهن مع ضحاياه، ووقّعن على «رسالة مفتوحة» إلى «أخواتى العزيزات» نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» فى إعلان على صفحة كاملة فى أول أيام السنة.

فى صلب هذا التحرك تم مبادرة أولى «أنا أيضا» ME TO ضد التحرش والثانية «انتهى الوقت» التى تتضمن توفير صندوق رأسماله 15 مليون دولار من التبرعات للدفاع عن النساء اللواتى لا يملكن المال لتوكيل محام، مثل الممرضات وعاملات النظافة والمزارعات والعاملات فى المصانع والمطاعم والفنادق. فى الوقت ذاته، تسعى المبادرة إلى تقنين عقوبات على الشركات التى تتسامح مع التحرّش وتعمل على إسكات ضحاياه، والدفع نحو المساواة بين الجنسين فى استوديوهات هوليوود ووكالات المواهب.

ولتسليط الضوء على المبادرة ورفع مستوى الوعى بقضية التحرّش، دعت الموقعات عليها كل الفنانات المشاركات فى حفلة «غولدن غلوب» الأحد المقبل إلى الاتشاح بالسواد واستعمال السجادة الحمراء للتعبير عن رأيهن ضد انعدام المساواة العرقية وبين الجنسين. ونُقل عن الممثلة إيفا لونغوريا قولها: «هذه لحظة تضامن، وليست لحظة عرض أزياء»، مشيرة إلى أن الممثلات اللواتى سيحضرن الحفلة وتم الاتصال بهن، وافقن على ذلك.

وكتبت الممثلة ناتالى بورتمان الحائزة جائزة «أوسكار» على «إنستغرام»: «انتهى الوقت بالنسبة إلى الصمت، انتهى الوقت بالنسبة إلى الانتظار والتسامح مع التمييز والتحرّش والإساءة». كما غرّدت الممثلة جيسيكا بييل: «فلنأخذ قرارا لهذا العام: لا مزيد من التحرّش الجنسى وعدم المساواة فى العمل وتقبل الأمر على أساس أنه طبيعى. إنه ليس طبيعيا».

وجاء فى «الرسالة المفتوحة» التى نشرتها الصحيفة الأمريكية: «إلى كل امرأة تعمل فى الزراعة وكان عليها إبعاد التحرّش الجنسى غير المرغوب فيه من مديرها، وإلى كل مدبرة منزل حاولت الهرب من ضيف معتد، وكل عاملة نظافة مضطرة إلى البقاء ليلا فى بناية مع مشرف معتد، وكل نادلة وضع زبون يده عليها ويُتوقع منها أن تضحك بوجهه، وكل عاملة فى مصنع ملابس... وكل لاجئة... إلى كل النساء اللواتى يتعرضن، فى أى صناعة، لانتهاك كرامتهن وسلوك مسيء ويضطررن إلى تحمله بسبب الحفاظ على رزقهن: نحن نقف إلى جانبكن. نحن ندعمكن».

التحرش يعتبره البعض طبيعة بشرية واحدة ولكن القيم والمبادئ والمتوارثات والثقافات مختلفة، فهو ظاهرة مجتمعية قديمة، شأنها شأن مختلف المظاهر المرتبطة بسلوك البشر وحياتهم، تطورت مع تطور الحياة وطبيعة المجتمعات، وموجودة فى كل المجتمعات وإن اختلفت طريقة التعامل معها، ففيما يعاقب المجتمع الغربى الجانى بفضحه فى أقل حالات العقاب وقد يصل الأمر إلى حبسه وطرده من وظيفته، يلوم المجتمع العربى الضحية. إذ إن الرجال ذوو النفوذ عن مضايقة وترهيب النساء فى جميع المجالات فى جميع أنحاء العالم.

إننا بحاجة ماسة لمراجعة المنظومة القيمية والأخلاقية للمجتمع يجب التركيز من جديد على دور الأسرة فى التربية وضرورة مراقبة أبنائها وبناتها، فالحرية المطلقة التى ينادى بها أتباع الغرب، لا يعرفها مجتمعنا ولا تقبلها قيمنا وأخلاقنا الأصيلة، من الضرورى أن تستعيد المؤسسات التعليمية والروحية دورها التربوى، فقد كان لهذه المؤسسات دور أصيل فى التربية فى الأجيال السابقة، وخرجت لنا رجالا ونساء يعرفون القيم والأخلاق جيدا، حتى وإن كان هناك قصور فى الجانب التعليمى، ويجب رفع القيود التى تكبل أيدى القائمين على المؤسسة التعليمية عن القياد بدورهم التربوى، مع ضرورة تأهيلهم تأهيلا جيدا، حتى يقوموا بدورهم على أكمل وجه.

كذلك نحن بحاجة إلى إعلام من نوع آخر، إعلام يحترم العادات والتقاليد والقيم والأخلاق ويدعو للتمسك بها والحفاظ عليها ويحترم المرأة وجسدها وكذلك الإعلانات التى لا تتفق مع قيم وعادات وتقاليد المجتمع المصرى، وبها إسفاف كبير ولا تؤدى الغرض المطلوب منها والغرض منها الربح فقط دون أن يرسخ الإعلان المُثُل والقيم الطيبة، لابد للإعلام أن يبنى ولا يهدم، فالإعلام مكون أساسى لثقافات الشعوب وقيمه.

الأب رفيق جريش الأب رفيق جريش
التعليقات