من أوجاع الموازنة - محمد مكى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من أوجاع الموازنة

نشر فى : السبت 6 أبريل 2019 - 11:45 م | آخر تحديث : السبت 6 أبريل 2019 - 11:45 م

من الاخبار المبهجة فى السنوات العجاف التى تجاوزت «سبع يوسف الصدِّيق»، زيادة مخصصات الأجور فى موازنة ما بعد يونيو المقبل، فقد تقرر رفع الحد الأدنى لأجور العاملين فى القطاع الحكومى من 1200 إلى 2000 جنيه، ليصل إجمالى مخصصات الأجور فى الموازنة الجديدة إلى 300.5 مليار جنيه، الخبر فى صورته الأولية، وبعيدا عن من يشكك فى وقته، وربطه بالاستفتاء على الدستور ورفع شعار «رشوة انتخابية» أو من يقول إنها حماية مؤقتة لعواصف الأسعار بعد تطبيق تعهدات صندوق النقد قبل صرف الدفعة الاخيرة من قرض الـ12 مليار دولار، وموجة التضخم المرتقبة، أو حتى من يقول إنها رد للجميل وتحمل لصعوبات اقتصادية كان صانع القرار يرى استحالة رفعها، واعتبارها مطالب فئوية فى فترات سابقة ــ فإن موازنة العام الجديد وما نشر عنها من داخل أروقة البرلمان يشير إلى أننا لم نتعاف، وما زالنا نبحث عن المسكنات، فاتورة فوائد الدين فقط تلتهم 36% من الإنفاق، ليظل الإنفاق على فوائد الدين، حسب مشروع الموازنة أكبر الأبواب على الإطلاق، ويجعل من يتكلم عن هيكلة الدين الحكومى كمن يحرث فى الماء، فالإجراءات التى تنتهج لا تتضمن دخول أموال طازجة إلى أوصال الاقتصاد، وتؤكد استمرار السير فى ذلك المسلك الذى يرهق أى اقتصاد وقدرته على التعافى. ففوائد الدين تستقطع ما يعادل 70% من الحصيلة الضريبية فى موازنة 19/20.
ومن الغرائب التى تجعلنا لا نتفاءل بتغير هذا النهج أن عددا من المسئولين وصانعى القرار يرون أن حصول مصر على أموال من الخارج فى شكل قروض تؤكد على قوة الاقتصاد، دون النظر إلى الاستثمار الحقيقى الذى يضيف إلى الاقتصاد، فقد تراجع صافى الاستثمار الاجنبى المباشر إلى نحو 24.4% خلال النصف الأول من العام الحالى، مع وصول العجز فى ميزان المدفوعات الكاشف لتعاملات مصر مع الخارج قرابة 2 مليار دولار، فكيف تفكر الدولة فى هيكلة الدين، وترفع الرواتب ــ وهى حق مشروع ــ وهناك عجز ودين يتفاقم، ومن لديه أدنى دراية بالاقتصاد يدرك أن زيادة الاستثمار المباشر الذى يخلق فرص عمل مرتبط بتعافى الطلب المحلى وزيادة الاستهلاك، لكن فى مصر وخلال العامين الماضيين هناك تراجع فى الطلب نتج عنه تخفيض الطاقة الإنتاجية لكثير من الشركات والمصانع، وأصبح الاقتصاد مقتصرا على قطاع العقار المؤهل للانفجار. وتحاول أجهزة الدولة مؤخرا أن تمنع ذلك البعبع من خلال مبادرات لها تكلفتها والتى حتما سوف يظهر أثرها قريبا. وإن كان التحرك الحكومى قد يبعدنا بعض الشيء عن ما يفعله ذلك القطاع المسبب لأزمات اقتصادية ليست بعيدة فى دبى وأمريكا وغيرها.
إن كنا نحاول الخروج عن جد من عملية الأرقام الجوفاء فعلينا التحول الحقيقى من سياسة الضبط المالى التى كان لصندوق النقد دور كبير فيها، إلى اتباع سياسة انتاجية تظهر فى السياحة والصادرات والتشغيل، نحتاج افتتاح مصانع وتوسعات وأعمالا تجلب موارد جديدة تقلل من العجز، والذى من المتوقع أن يصل فى موازنة العام الجديد إلى 439.6 مليار بما يعادل 7.2% من الناتج المحلى المستهدف.
ومن الإنصاف القول إن بعض القطاعات تحسن أداءها منها البترول الذى سجل فائضا لأول مرة منذ أربع سنوات، كما أن الصادرات المصرية إلى دول العالم ارتفعت إلى 14.3 مليار دولار، خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر من السنة المالية الحالية 2018 ــ 2019 وهو ما نأمل أن ينعكس على القطاعات الأخرى، فى ظل تراجع تحويلات المصريين بالخارج، بما يقرب من مليار دولار، وما يشكله ذلك من ضغوط على العملة الوطنية والموازنة، ومن قبلها على ميزانية عدد غير قليل من بيوت المصريين طالما أوجعتهم قرارات ما بعد يونيو.

التعليقات