أنقذوا صنع الله إبراهيم - سيد محمود - بوابة الشروق
الثلاثاء 6 مايو 2025 11:15 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

أنقذوا صنع الله إبراهيم

نشر فى : الثلاثاء 6 مايو 2025 - 6:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 6 مايو 2025 - 6:35 م

الجميع يعرف صنع الله إبراهيم، ليس فقط لأن اسمه الغريب جلب له الكثير من التعليقات، بل لأن كتاباته ومواقفه ظلت رائدة دائمًا وملهمة.
الروائى المجرب سلك دروبًا لم يسلكها أحد من قبله، واقتحم بجرأة جميع مناطق العتمة فى تاريخنا، وواجه شعار المسكوت عنه فى الأدب والسياسة والمجتمع. لم يترك صنع الله مساحة شائكة دون الاشتباك معها عبر الاقتراب من كل ما هو محظور.
طوال حياته لم تكن مواقفه مجانية وإنما مبدئية، تستدعى سيرته دائمًا رحلة فى النضال من أجل الكرامة والاستقلال والعدالة الاجتماعية بدأت منذ سنوات المراهقة واستمرت معه  إلى الآن، وانعكست فى صلابة ملامحه التى تقدمه لمن يقف أمامه فى صورة (الناسك الزاهد). يؤكد صنع الله فى كل اختبار أن القوة تأتى من الاستغناء وليس من أى شىء آخر.
يتذكر الجميع وقفته الرافضة لجائزة مؤتمر الرواية العربية فى العام 2003، تلك الوقفة التى تحولت بعدها إلى علامة فى مسار العلاقة بين المثقف والدولة وأعادت الاعتبار لمفهوم استقلال المثقف. 
لم يأخذ التباين فى قراءة ذلك المشهد شيئًا من قيمة صنع الله إبراهيم التى ازدادت وهجًا واكتسبت أكثر من معنى، لأنها لم تكن ضد أحد بل كانت ضد نظام ومنظومة متكاملة. ورغم ضخامة القيمة المالية للجائزة آنذاك فإن ما ناله من تقدير أظهر الرسالة التى أرادها.
رغم النجاح الكاسح الذى تحقق لمسلسل (ذات) المأخوذ عن رواية له بنفس العنوان، لم يغير صنع الله من عاداته أو يكسر قوانين عزلته وظل نادر الظهور مثل نور خافت يبدد العتمة ويهزم قوى الظلام.
أنظر إلى السنوات التى عرفت فيها الروائى الكبير وأتأمل المرات التى رأيته فيها خارج بيته، إلى جوار آخرين وأجد أنها كانت كلها مناسبات تضامنية، إما دفاعًا عن حرية الرأى والتعبير أو دعمًا لموهبة رأى أن واجبه يحتم عليه الوقوف إلى جوارها.
أكتب هذه السطور وأنا أتابع الوضع الصحى لصنع الله إبراهيم الذى تعرض لطارئ يهدد حياته دون أن يجد الاهتمام الذى يليق بتاريخه، فقبل نحو شهرين فاجأته أزمة تمثلت فى نزيف مفاجئ فى المعدة، وساعتها تمكنت العائلة من تحمل أعباء الأزمة لأن أقصى ما كانت تحتاجه هو الحصول على أكياس دم نادرة وفرها وزير الصحة مشكورًا بعد اتصال من وزير الثقافة استجاب فيه لمناشدات من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى.
مؤخرًا تفاقمت الأزمة وتضاعف أثرها بحيث أصبح فى حاجة إلى إجراء جراحة نادرة بالمنظار لتحديد مصدر النزيف، وقد تضاعف أثرها بعد تعرض صنع الله لكسر جديد فى الحوض أوقف جهود الأطباء لمعالجة آثار النزيف.
وبفضل تدخل عاجل من الزميل العزيز هانى يونس، المستشار الإعلامى لرئيس الوزراء، تم نقل الروائى الكبير إلى معهد ناصر هذا الأسبوع لتلقى العلاج وإلى الآن لا تعرف الأسرة ما هو الإجراء التالى.
رغم ما ينشر من أخبار فى غالبية الصحف والمواقع الإخبارية حول حالة صنع الله، فإن اتحاد الكتاب يتجاهل المشهد بشكل غريب ويتعامل بـ«ودن من طين وودن من عجين».
أعلم أن أصدقاء كثرًا فى مدن العالم على استعداد لمساندة صنع الله فى محنته الصحية، كما أعلم أن عائلته الصغيرة لا تزال قادرة على الوفاء بأى التزام، لكن ما أتوقعه أن تتدخل الأجهزة المعنية لتؤدى دورها فى علاج مبدع صاحب تجربة فريدة ومواطن يبدو أن مشكلته الوحيدة أنه عاش متعففًا وشريفًا.