يتظاهر حاليا آلاف الأشخاص فى شوارع الولايات المتحدة الأمريكية خاصة واشنطن ــ ونيويورك معقل الحرية – أقصد تمثال الحرية ــ وبوسطن ولوس أنجلوس وغيرها للتعبير عن غضبهم وخوفهم مما وصفوه بأنه عودة إلى الوراء بعد تسريب مسودة قرار للمحكمة العليا ينص على إلغاء تشريع فيدرالى سُن منذ ٥٠ عاما يعطى حق النساء فى الإجهاض كما تشهد عدة ولايات حملات مرتبطة بحقوق الإنجاب وتسعى الولايات التى يقودها جمهوريون إلى تشديد القيود، وفى بعض الأحيان منع الإجهاض بعد مرور ستة أسابيع على الحمل، فالجنين فى هذه المرحلة يكون قد بدأ يتكون وتظهر ملامحه الإنسانية.
ومن هذه الولايات أوكلاهوما التى أعلن حاكمها الجمهورى أنه وقع قانونا يحظر إجراء أى عملية إجهاض بعد ستة أسابيع من الحمل، فى تشريع يُعتبر من الأكثر صرامة فى البلاد.
وفى إطار الجدل حول هذه القضية، دعا الرئيس جو بايدن الأمريكيين إلى التصويت فى الانتخابات التشريعية فى الخريف بما يضمن الدفاع عن الحق الذى وصفه بـ«الأساسى» فى الإجهاض، إذا شككت فيه المحكمة العليا للولايات المتحدة.
والرئيس الأمريكى الذى من الحزب الديمقراطى مع نانسى بلوسى رئيسة مجلس الشيوخ يحرضان الشعب ضد المحكمة العليا فى الولايات المتحدة وأحكامها لأنها مكونة من أعضاء محافظين وينوون الحكم ضد حق الإجهاض. هذا الرئيس الذى يقدم ذاته كمتدين كاثوليكى والذى يدافع عن حقوق الإنسان هنا وهناك ونحن بدورنا نسأله عن «حق الجنين فى الحياة» أليس أول مبادئ حقوق الإنسان أن هذا الجنين الذى خلقه الله ونفخ فيه روح الحياة من حقه أن يعيش ويخرج إلى الحياة خاصة أن كل الشرائع اليهودية والمسيحية والإسلامية وغيرها من الأديان ذات القواعد الأخلاقية ترفض بتاتا «الإجهاض» بكل صوره إلا إذا هدد حياة الأم وهذا المبدأ حتى الآن غير مستقر، ويؤمنون أن الخلق هو حق الله وليس من حقوق الإنسان أو من حقوق المرأة. والإجهاض تجرمه كثير من الدول الغربية والعربية والإسلامية وكذا ربما أكثر من نصف الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها التى يحكمها حكام من الحزب الجمهورى المحافظ.
هذا وقد أعلن رئيس المحكمة الأمريكية العليا جون روبرتس، أن مسودة القرار الذى سربه الموقع الالكترونى «بوليتيكو» بشأن انتواء المحكمة العليا من إلغاء حق الإجهاض «صحيحة» لكنها لا تعكس الموقف النهائى لهذه الهيئة من هذه القضية.
وكانت «بوليتيكو» ذكرت أن المحكمة الأمريكية العليا تعتزم إلغاء الحكم التاريخى الذى أصدرته فى ١٩٧٣ واعتبرت فيه أن حق النساء فى الإجهاض مكرس فى دستور الولايات المتحدة.
وهكذا ورغم قلة مواردنا فى مصر وإفريقيا ودول أخرى فقيرة نحترم «الحق فى الحياة» وتستطيع بدورها أن تعطى دروسا أخلاقية لغيرها من الدول الغنية التى تجعل من جسد المرأة سلعة استهلاكية وبالتالى حقوقا للترويج لهذه السلعة ونضم صرختنا إلى الصرخة الصامتة لأى جنين يتعرض للموت ولا حول ولا قوة له.