«المرتزقة» فى العراق وأفغانستان: نظرة داخل القوى العسكرية غير المرئية - العالم يفكر - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 7:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«المرتزقة» فى العراق وأفغانستان: نظرة داخل القوى العسكرية غير المرئية

نشر فى : الثلاثاء 9 أبريل 2019 - 10:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 9 أبريل 2019 - 10:50 م

نشر موقع «Defense one» مقالا للكاتب «أورى سويد» تناول فيه موضوع استخدام الولايات المتحدة للمرتزقة فى حروبها خارج أراضيها. وطرح مشكلة نقص المعلومات حول عن هذه الصناعة، وعن حق الرأى العام فى معرفة المزيد من المعلومات عن هؤلاء الذين ينفذون سياسات الولايات المتحدة خارج أراضيها. وحاول الباحث معرفة المزيد من المعلومات عن هذه الفئة، حول خلفيتهم وظروف عملهم.
يتزايد النقاش حول خصخصة الحرب فى أفغانستان مرة أخرى، حيث تعهد المشرعون الديمقراطيون بإنهاء ما يسمى بـ«الحروب الأبدية». فى حين أن العامة بدأوا فى استيعاب التكاليف الخفية للحروب. فى عام 2016، كان واحد من كل أربعة موظفين عسكريين أمريكيين جندىَّ مرتزقةٍ خاصًّا. وهذا ما كان يعنى أنه بالفعل يُستعان بمصادر خارجية فى الحرب، ولكن مازال العلماء ووسائل الإعلام والعامة لا يعرفون شيئا عن هذا.
ولأن المرتزقة يعملون فى السر، وبدون إشراف عام فعال، فهذا يسمح لصانعى القرار بالتظاهر بالانسحاب من الحروب، مع إبقاء قوات المرتزقة فى المسرح. والسؤال المطروح هنا هو: من هم المرتزقة الذين ينفذون السياسات الأمريكية إذن؟ هل هم مجهزون ليقوموا بهذه المهمة الخطيرة؟ وما هو نوع المهام الخطيرة التى من الممكن للولايات المتحدة أن تطلبها منهم؟
الحقيقة هى أن هناك القليل من البيانات الموثوقة حول هذه الصناعة. وبدون هذه البيانات، لا يمكن للعلماء طرح حتى الأسئلة الأساسية حول ما إذا كان استخدام المرتزقة يمثل بديلا أفضل عن أفراد القوات العسكرية أو القوة المحلية أو ما إذا كانت ليس لها فائدة على الإطلاق.
***
من الصعب الحصول على بيانات حول المرتزقة العسكريين، وهذا بالأساس يرجع إلى طبيعة سرية العمل. وعلى الرغم من أن هذه الشركات تعمل باعتبارها وكيلا للدولة، فإنهم ليسوا ملزمين قانونيا بمشاركة معلومات عن أنشطتهم أو تنظيمهم أو ما يمتلكونه من القوى العاملة مع الرأى العام.
بالنظر إلى كيفية مشاركة الشركات العسكرية الخاصة فى نقاشات السياسة الخارجية الأمريكية فى الآونة الأخيرة، فعلى الأغلب يفترض الأمريكيون أن صانعى القرار لديهم فهم مفصل حول القوى العاملة للمرتزقة. فما يمثل النقطة المهمة فى هذا الشأن هو إمكانية قياس مزايا الخدمات التى يقدمها المرتزقة مقارنة بالخدمات التى تقدم من قبل من يرتدون الزى الرسمى من الجنود، والذين يمثلون الفئة التى يعرف الرأى العام عنها الكثير من المعلومات.
ولكن لا يبدو أن الحال هكذا على أرض الواقع. فلا يوجد بينات مفصلة حول ممارسات الصناعات العسكرية الخاصة أو عما لديهم من قوى عاملة أو ما لديهم من عقود. وعند ملاحظة هذه الفجوة فى 2008، أصدر الكونجرس الأمريكى تعليمات إلى وزارة الدفاع للبدء فى جمع البيانات حول المرتزقة.
وعلى الرغم من هذا، فإن هذه البيانات محدودة، حيث يمثل مرتزقة الأمن من 10 إلى 20 بالمائة فقط من مرتزقة وزارة الدفاع فى أفغانستان والعراق. والباقى يوفرون المهام الأساسية للبعثة مثل الهندسة والاتصالات والنقل وغيرها. وهذه المهمات تتم فى مناطق النزاع وتضع المرتزقة فى نفس مستويات الخطر التى يكون فيها الجنود.
وبما أنه من المستحيل تقديم بيانات مباشرة حول إجمالى عدد المرتزقة الأمريكيين والبريطانيين الذين خدموا فى العراق، فقد حاولنا البحث عن عينة يتوافر عنها معلومات ــ هذه العينة تمثل من ماتوا وتم تسجيل وفاتهم فى سجل الوفيات. إنهم موتى حروب هذه الشركات. إنها ليست عينة ممثلة، نظرا إلى أن بعض المهن وبعض الأفراد من المرجح أن يتعرضوا لخطر الموت فى القتال أكثر من غيرهم، ولكن حيث إنه لا يوجد هناك أى معلومات موثوقة فهذا يقدم لمحة عن القوى العاملة فى هذه الصناعة.

الديموغرافيا الأساسية
قمنا بجمع البيانات من موقع iCasualties، وهو موقع يقوم بتجميع البيانات الأساسية حول الخسائر فى الأرواح من الجنود والمرتزقة. باستخدام هذه البيانات قمنا بجمع معلومات ديموغرافية من سجل الوفيات والمقالات الإخبارية، عن 238 جندى مرتزقة لقوا حتفهم فى العراق بين 2006 و2016.
لقد علمنا أن المرتزقة فيما لدينا من عينة فى الغالب يكونون رجالا بيضا فى الأربعين من عمرهم، اختاروا هذه المهنة لتكون مهنة ثانية لهم، ومعظمهم من قدامى المحاربين ذوى الخبرة العسكرية الكبيرة.
من بين المرتزقة الذين كانوا من قبل أعضاء فى الخدمة العسكرية، الكثير منهم كانوا ضباط سابقين وما يقرب من نصفهم من قدامى محاربى القوات الخاصة. وفى الغالب يكون معهم شهادات جامعية بالمقارنة مع نظرائهم فى الخدمة.
وهم يأتون من أجزاء من الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة ذات معدلات بطالة عالية وفرص عمل قليلة – وليس من المناطق التى بها تقاليد قوية للخدمة العسكرية.

كيف مات جنود المرتزقة؟
كيف يكون الحال عندما تصبح من الجنود المرتزقة فى العراق؟ من العينة التى لدينا حول وفيات حروب هذه الشركات، معظم عملياتهم كانت قصيرة، تتراوح بين أسبوع وشهر. الكثير من المرتزقة تعاملوا معها كمهنة مؤقتة، تأخذ جولات قليلة.
معظم الأشخاص فيما لدينا من عينة كانوا يعملون فى مجال الأمن، وهو ما يعد مجالا خطرا. وبالفعل، هؤلاء المرتزقة كانوا معرضين للقتل بفعل أنشطة العدو أكثر من أعضاء الخدمة الأمريكية الذين عملوا معهم.
بالطبع، جميع أعضاء العينة لدينا ماتوا. وواجه المرتزقة خطر الموت فى أماكن مختلفة مقارنة بأعضاء الخدمة الرسميين. والكثير منهم ماتوا فى بغداد أو على الطرق أكثر من الذين ماتوا فى العمل أو فى القاعدة.
وهذا يعد أمرا منطقيا إذا أخذنا فى الاعتبار أن جنود المرتزقة يفتقرون فى كثير من الأحيان إلى الدعم من الوحدات الأخرى. فعند حدوث تهديدات لم تكن فى الحسبان، يصبح دعمهم أقل تنظيما وفاعلية. كما يتم تكليفهم بشكل روتينى بأنواع مختلفة من المهام: أعمال قتالية أقل، والمزيد من الخدمات اللوجستية أو الصيانة أو أعمال الحماية. هذه الأنواع من المهام ــ على سبيل المثال، قيادة شاحنات المعدات من وإلى القاعدة ــ أقل حماية ولديها إجراءات روتينية من السهل على المتمردين اكتشافها.
ثراء النقاش
لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن هل وكيف يمكن خصخصة الالتزامات العسكرية المستقبلية، يحتاج الرأى العام على الأقل إلى فهم عام لهؤلاء المرتزقة المكلفين بتنفيذ الخطط الأمريكية فى الخارج.
موتى حروب الشركات فى الصراعات المستقبلية من المحتمل بشكل كبير أن يشمل أمريكيين خدموا بلادهم سابقا بالزى العسكرى. وهؤلاء لا ينبغى الاستهانة بحياتهم وينبغى النظر إليهم كجنود أو بحارة أو طيارين.
مساهمتنا فى الجدل الدائر حول المرتزقة مهمة، لكنها متواضعة. فتمثل عينتنا أقل من ربع إجمالى عدد المرتزقة العسكريين ولا يزال الرأى العام لا يعرف شيئا تقريبا عن المرتزقة العسكريين أو المنظمات التى ينتمون إليها.
هناك تباين كبير بين المرتزقة فى الخبرة والتدريب والقدرات وهو تباين غير مفهوم. معظم المرتزقة غير غربيين، بل من دول العالم الثالث يتم تجنيدهم من العراق وأفغانستان. والكثيرون منهم يكونون من قدامى المحاربين من دول أخرى مثل بيرو وكولومبيا وفيجى وأوغندا. وبعض منهم لديهم خبرة مؤسسية قليلة، فهذه الصناعة تقوم بتجنيد الأطفال الذين كانوا جنودا سابقين فى سيراليون ومقاتلى حروب العصابات من القوات المسلحة الثورية الكولومبية.
ولا تزال بعض الأسئلة المهمة تفتقر إلى الإجابة.. هل المرتزقة أفضل أم أسوأ من الجنود فى تحقيق الغايات السياسية لبلد ما فى الخارج؟ هل تستخدمهم الولايات المتحدة بفاعلية، وتستفيد إلى أقصى حد مما يقدمونه وتخفف من المشكلات التى قد تنتج عنهم؟ ما هى العواقب التى قد تحدث ولم يحسب لها حساب والمرتبطة بحقوق الإنسان والآثار القانونية وسوء الإدارة والمساءلة والتى قد تنتج عن الاعتماد على المرتزقة.
لا تملك الشركات العسكرية والأمنية الخاصة حافزا حقيقيا لمشاركة هذه البيانات، ولكن المصلحة العامة واضحة: الرأى العام يحتاج إليها.

التعليقات