عندما يفرح المصريون - جورج إسحق - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:37 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عندما يفرح المصريون

نشر فى : الجمعة 9 أبريل 2021 - 9:20 م | آخر تحديث : الجمعة 9 أبريل 2021 - 9:20 م
إن الفرح قيمة تجلو القلوب من الهموم وهو احتياج إنسانى مهم فى حياة البشر، فنحن فى مصر فى الآونة الأخيرة شهدنا أحداثا كثيرة لم تتح لنا فرصة للفرح، فهناك الفرح الشخصى والفرح الأسرى والفرح الجماعى. والفرح الجماعى مهم جدا لبناء دولة سعيدة ومستقرة، والفرح قوة دافعة للإبداع، والفرح دافع للأمل، والفرح لا يأتى فجأة ولكنه يأتى من خلال أحداث متواكبة. فالفرح الفردى يفرح فيه الشخص بنجاحاته وأحلامه الشخصية، والفرح الأسرى يفرح فيه الشخص لأحد أفراد الأسرة الذى حقق نجاحا معينا فى الحياة العامة والخاصة، ولكن فرح الشعوب فى الأوطان هذا هو مربط الفرس.
كان القدماء المصريون يعرفون هذا جيدا وعملوا على إسعاد الشعب المصرى القديم. فكانت هناك مهرجانات الحصاد وارتفاع منسوب النيل وكانت هذه المواكب تظهر الفرح وتعمل على إسعاد الناس. وفى الأيام الأخيرة شهدت مصر أحداثا جساما، فعندما وقعت حادثة القاطرة التى أقفلت قناة السويس وضع المصريون أيديهم على قلوبهم منتظرين تعويم السفينة ورجوع السفن إلى مجرى القناة مرة أخرى، وعندما نجح المصريون فى ذلك فرحوا جميعا فرحا عظيما. ولكن فى نفس الوقت حزن المصريون كثيرا على ما حدث فى حادثة القطار فى الصعيد وفقدان العشرات حياتهم، ولسوء الحظ فى نفس الوقت سقطت عمارة فى جسر السويس فحزن المصريون جميعا.. وهنا يجب أن نستفيد من هذه التجارب بشكل إيجابى، فالذى حدث فى تعويم السفينة فى قناة السويس شىء مبهر ويجب أن نتعلم منه دروسا كثيرة أولها أن العمل الجماعى هو الحل الوحيد لمشاكل مصر وليست رؤية شخص واحد، وتحمل المسئولوين فى هيئة قناة السويس المشكلة بكل دقة وإتقان ومتابعة حتى نجحوا فى هذا. أما فى حوادث القطار وعمارة جسر السويس فكان الإهمال والتسيب والفساد هو سيد الموقف، ولذلك يجب أن نراجع أنفسنا. هل نستطيع بالإنجاز الذى حدث فى تعويم القاطرة وعودة المجرى أن نطبق ذلك فى تنظيم التطعيم الذى تسوده الفوضى وعدم وجود المعلومات واستمرار كبار السن فى الانتظار فترات كثيرة أكثر من 8 ساعات؟! هل نستطيع أن نتعلم الدقة فى العمل كما حدث فى تعويم السفينة حتى نستطيع أن نفرح جميعا؟!
***
وفى وسط هذا كله فرح المصريون كثيرا بنقل مومياوات ملوك وملكات الفراعنة من المتحف المصرى إلى متحف الحضارة فى الفسطاط فى جو مبهر أسعد المصريين جميعا وظلوا يتابعون ما يجرى على أجهزة التليفزيون من كل فئات الشعب، وكنت أتمنى أن يسمح للشعب برؤية المسيرة بالوقوف على الجانبين ولكن تحرك الموكب وحيدا دون رؤية الموكب على الطبيعة، وكذلك كنت أتمنى أن يكتب أسماء الملوك والملكات باللغة المصرية القديمة ثم اللغة العربية ثم اللغة الإنجليزية. ومن أجمل الأشياء التى حدثت فى هذا الاحتفال هو الأوركسترا الذى قاده الموسيقار المبدع/ نادر عباسى والمطربة الجميلة نسمة محجوب والمبدعة رضوى البحيرى التى أسعدتنا بطريقتها فى ضبط الإيقاع أثناء إلقاء الكورال أغانى من كتاب الموتى للفراعنة باللغة الهيروغليفية، وكان هذا اللحن ممتعا إلى أبعد الحدود بأداء رضوى البحيرى.
وكانت من أمتع لحظات الاحتفال لهذا اليوم ولكن لم يشرح أحد ماذا يغنى الكورال ولا بأى لغة وهذه يجب أن تراعى فى الاحتفالات المستقبلية. وسأل ابن أحد الذين يعملون معى «ما هذا الذى يحدث أمامه؟» وعجز الأب عن شرح ما يحدث ولكنه كان سعيدا بما يحدث، هنا يجب أن نتنبه إلى أن نعلم أولادنا هذه الثقافة الفرعونية الراقية التى أعطتنا الكثير فى مجالات متعددة فى الزراعة والثقافة ونظم الحكم. والغريب فى الأمر أن الأطفال الذين يزورون مصر لزيارة الآثار مع ذويهم يملكون معرفة قوية بتاريخ الفراعنة الذى نفتقده نحن فى مصر.
الشىء المهم فى هذه الاحتفالية كان يجب أن يكون نهر النيل وهو هبة الحياة للمصريين، كان يجب أن يشار إليه فى هذه الحفلة وخاصة أننا لدينا مشكلة مع أثيوبيا فى هذا المجال، فكان يجب أن يدعى من إفريقيا كل دولة لها علاقة بنهر النيل ليروا ماذا فعل القدماء المصريين ولماذا نحتفل بهؤلاء الملوك والملكات. وكذلك كنت أتمنى أن يحضر الاحتفالية الوزير السابق فاروق حسنى لأن مشروع متحف الفسطاط كان هو صاحب الفكرة فيه منذ سنة 2002. وإن كنا نختلف أو نتفق مع فاروق حسنى فهو فنان تشكيلى مثقف وصاحب فكرة المشروع، وإن الانبهار الذى حدث كان بأيادٍ مصرية خالصة ماعدا بعض الاستثناءات. هذا دليل على أن مصر تملك خبرات غير قليلة تستطيع بالعمل الجماعى أن تفعل أشياء كثيرة وأننا يجب أن نراعى العبقريات الصغيرة مثل سلمى التى عزفت منفردة على آلة الكمان فى هذا الاحتفال العظيم وهى فى سن الثامنة عشرة.
***
يجب أن نستفيد مما حدث فى هذه الأحداث كلها وأن نرعى المواهب التى ظهرت وأن نعمل بشكل جماعى وأن نشارك المجتمع بكل طوائفه فى أى حدث يهم جميع المصريين ليكتمل الفرح، أليس من حقنا الآن أن نفرح جميعا وأن نطالب بالإفراج عن كل الذين فى السجون الذين لم يستخدموا العنف وخاصة مع دخول شهر رمضان ليقضوا هذا الشهر مع محبيهم وأهلهم؟! إن حدث هذا فإن فرح المصريين سيزداد وينعم الجميع بالهدوء والأمن والاستقرار وخاصة في ظل ما نواجهه من تعنت إثيوبي ومحاولاتها حرمان مصر من حقها في مياه النيل.
إن كل الشعب المصرى وراء المطالبة بحقوق مصر فى مياه النيل، وعلينا أن ندع كل الناس والمصريين خاصة الشباب منهم يقفون وراء الدولة فى هذا الحق، ولا يستطيع أحد أن يتخلى عن دوره فى الوقوف ضد محاولات إثيوبيا، هل نستطيع أن نحقق ذلك ليفرح كل فئات الشعب المصرى؟ أتمنى ذلك وأتمنى الفرح لكل المصريين فى هذه البلد الجميلة.
جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات