مأزق حركة التغيير - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 3:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مأزق حركة التغيير

نشر فى : الأربعاء 9 يونيو 2010 - 9:37 ص | آخر تحديث : الأربعاء 9 يونيو 2010 - 9:37 ص

 أحدثت الشروخ العميقة التى ظهرت فى صفوف الحركة الوطنية للتغيير، موجة واسعة من خيبة الأمل لدى الكثيرين ممن علقوا آمالا كبيرة أو متواضعة على ما يمكن أن تقدمه دعاوى التغيير من إسهام حقيقى فى تحريك المياه العفنة الراكدة فى الحياة السياسية المصرية. وقد بدا منذ بداية تشكيل الحركة أن الحماس للتغيير من جانب القائمين عليها، أكثر من القدرة على صنع أسبابها وحشد العوامل الكفيلة بنجاحها.

كما بدا أن التفكير الفردى والاعتماد المطلق على قائد أو زعيم يتولى المسئولية ويضع الخطط يمثل آفة فى السياسة المصرية يصعب التخلص منها. حتى بين النخب المثقفة والعقول السياسية التى تعرف أن صنع السياسة فى المجتمعات الحديثة يظل جهدا جماعيا إبداعيا. يتلمس طريقه للخروج من كثافة الغابة المحيطة ويبحث عن نقاط الالتقاء والقواسم المشتركة.

ما حدث بالنسبة لحركة التغيير أن الجماعات المتناثرة التى ظهرت على سطح المجتمع، تدعو للإصلاح السياسى وتعبر عن سخطها من حالة الجمود والفساد واحتكار السلطة، مثل حركة «كفاية» و«الحملة ضد التوريث» و«من أجل انتخابات حرة نزيهة» وغيرها من التيارات السياسية من اليسار إلى اليمين، وجدت فى شخصية البرادعى لدى ظهوره على الساحة قادما من أجواء غير ملوثة.

محملا بنوازع وأفكار واضحة وقوية للإصلاح السياسى والاجتماعى، ما جعلها تلتف حوله بحثا عن زعامة قوية تقود الشارع السياسى إلى مواجهة الأوضاع المهترئة والمدمرة التى طال عليها العهد وتجذرت وتجمدت واستعصت على التغيير.

وربما كانت هذه هى نقطة الخطأ. فالرجل لم يكن على استعداد لتشكيل جمعية من أجل التغيير يرأسها أو يقفز منها إلى منصب الرياسة كما روج خصومه. وقد فوجئ باقتراح تشكيل الجمعية وكان مترددا ــ كما يقول حسن نافعة ــ وأى مراقب منصف للمشهد من أوله، كان يدرك أن شخصية البرادعى القادم من الكواليس الدولية ودهاليز الدبلوماسية، ليس من الطراز الذى ينزل إلى الشارع ليقود الجماهير ويتعرض للقمع والملاحقة الأمنية التى يتقنها زبانية النظام..

وقد أفهمه كتاب السلطة أن صفته الدولية وشخصيته العالمية والاحترام المظهرى الذى استقبل به، لن تمنع من وضعه تحت الرقابة ولن تمنع الهجوم عليه والإساءة إليه. فلا كرامة لنبى فى وطنه. كما أن الإصلاح فى أرض خراب يحتاج أضعاف أضعاف ما يحتاجه من جهد فى أرض مستصلحة فعلا. خصوصا فى غياب الآليات والوسائل التى يمكن التحرك من خلالها.

وأظن أن الجمعية الوطنية للتغيير قد اكتشفت أنها لن تستطيع أن تضفى شرعية على الجمعية، ولن تجد الطريق معبدا لتسجيلها فى وزارة التضامن كجمعية حقوقية مثلا. ولا يبقى أمامها غير أن تسلك الطريق الحزبى وإلا اعتبر أى نشاط لها تكديرا للنظام والأمن العام. ومن الواضح أن الطريق أمامها سوف يزيد وعورة فى ظل الظروف الاستثنائية والانتخابات التشريعية والرياسية التى تلهب أعصاب النظام.

وهكذا يبدو أن البرادعى قد اختار طريقا مختلفا للوصول إلى التغيير، غير الطريقة التى تسير عليها الجمعية حتى وإن اتحدت الأهداف. وإذا كانت قيادات الجمعية قد وجدت فى سفره وغيابه المتكرر، عائقا يحول دون الاستدامة. فالأرجح أنه يرى أن محاضراته والتزاماته الخارجية، تضفى على نشاطه من أجل الإصلاح درعا يحميه تحت وطأة ظروف غير مضمونة ولا مأمونة.

ومع ذلك يبقى من الضرورى أن نلاحظ ما لاحظه عدد من المراقبين المحايدين. وهو أن البرادعى مطالب على الأقل فى المرحلة الراهنة، بأن يقدم هو وحلفاؤه فى جمعية التغيير استراتيجية للإصلاح تجيب عن عدد من الأسئلة الجوهرية. وقد لا يبقى أمامه غير أن يؤسس لحزب وبرنامج يحدد أجندته السياسية، حتى إذا سنحت فرصة لخوض انتخابات كان للتوقيعات التى يجرى جمعها أرضية صلبة. بغير ذلك سوف تظل دعوة الإصلاح بغير مضمون، ويكون أنصار الجمود والتخلف قد كسبوا الجولة الأولى!!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات