مجلس السلم والأمن العربى - يوسف الحسن - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مجلس السلم والأمن العربى

نشر فى : الأربعاء 11 مارس 2009 - 7:18 م | آخر تحديث : الأربعاء 11 مارس 2009 - 7:18 م
متوالية التخندق والخصام فى وطننا العربى، تبدو الآن بليغة وساطعة، وتزداد مخاطرها يوما بعد يوم، مع اقترابنا من استحقاقات مفصلية فى مجالات السلم والمقاومة، والتنمية ومعضلاتها الراهنة، والتدخل الإقليمى فى الشئون الداخلية، وانكشافنا الأمنى والإستراتيجى.

الخلافات العربية ــ العربية، إن تواصلت، فإن فرص الاستدراك تصبح ضئيلة، وسيتسلل الإحباط إلى دورة الدم الشعبية، عبر هذه الجرعات المتصاعدة من الخلافات. وبخاصة مع ارتخاء مفاصل النظام العربى القومى، ووهن شرايين النظم الإقليمية الفرعية فى الخليج والمغرب العربى.

إن فلسطين والعراق، ليسا وحدهما اللذين يعتصران إلى آخر قطرة، وإنما هناك أقطار عربية عديدة، على وشك الإصفرار فى التقاويم والأوراق.

هل هى غفلة من الزمن؟ أم أنها خفة وهشاشة فى الرؤية والإدارة والقيادة؟ أم تعامل غير جدى مع مخاطر تهدد الإنسان والوطن؟

نعم..ربما هى كل ذلك، حيث تعيش العرب حياتها من يوم إلى يوم، تستغرق فى شجون صغرى، وتفاصيل تجعل العمل العربى المشترك، معادلة مقلوبة، وتبدو كما لو أننا نمشى على رءوسنا، وأبرز الأمثلة ما جرى فى فلسطين المحتلة، من بعث لتراث قابيل وهابيل، وغياب الحديث والعمل من أجل التحرير، لصالح حضور الحاجة للقمة العيش، ورواتب الموظفين وفتح المعابر، وصراع كوميدى حول سلطة لا تملك السلطة.

فى أماكن أخرى، استدعينا كل الاحتياط المذهبى والطائفى والمصلحى الضيق، وصرنا لا نمارس إلا مردود الأفعال، ورحنا نهرب فرادى من «مجالس تعاونه وجامعته وروابطه القومية، إلى من يملك بوصلة الغد بين أصابعه، سواء فى المتوسط أو عبر «الشرق الأوسط الكبير»، الموسع أو المرقط بالأوهام والبوارج أو حتى فى اتجاه مياه المحيط الهندى، وأدغال أفريقيا.

هل نظامنا العربى، الإقليمى والقومى، يدرك الآن أن هذا التشرذم والانشداد نحو فضاءات خارجية، وحتى استدعاء رئيس دولة عربية إلى المحكمة الجنائية الدولية، يحتاج أكثر من اللطم والشجب.. وأكثر من البكاء على اللبن المسكوب؟.
إن ما يجرى فى الوطن العربى مفزع للغاية.. وإذا ما تواصلت المتوالية فى دورانها، فإن الراية البيضاء، على مدننا وشواطئنا، لن ترحم الضعفاء المنقسمين المتذررين، ما دمنا نذود عن أخطائنا ببسالة.

ونظن أن هناك من يفكر نيابة عنا، وننتظر من يصمم لنا منتديات أو روابط موسعة أو متوسطة، لننتسب إليها..حتى لمجرد الانتساب.

ما الذى يضيرنا كعرب، من تفعيل عمل مجلس السلم والأمن العربى، بعد دخوله حيز التنفيذ منذ يونيه 2007؟ ما الذى يمنعنا كعرب، من وضع آلية فعالة للوقاية من النزاعات وتسويتها وإدارتها، أسوة بالمنظمات الإقليمية الأخرى كالاتحاد الإفريقى والاتحاد الأوروبى؟.

لقد تأخرنا كثيرا فى تطوير آليات صنع القرار داخل الجامعة العربية، لمواجهة الاحتياجات الطارئة لتسوية النزاعات العربية ـ العربية، والحيلولة دون تصعيدها. ومازلنا نماطل فى تفعيل مواد نظام مجلس السلم والأمن العربى، بما فى ذلك ما تضمنته الفقرة (6) من المادة الثامنة بوضع لائحة خاصة تنظم تشكيل وعمل قوات حفظ السلام العربية وسبل تمويلها، وما تضمنته المادة التاسعة الخاصة بأجهزة المجلس، كبنك المعلومات ونظام الإنذار المبكر وهيئة الحكماء، وهى الهيئة التى يفترض أن يشكلها المجلس من شخصيات عربية بارزة، تتمتع بالتقدير والاحترام. وتكلف بمهام الوساطة أو التوفيق أو المساعى الحميدة بين الأطراف المتنازعة.

إن كلمة السر، ومفتاح البناء والهدم فى أيدينا لا بأيدى غيرنا، حتى ولو ملك هذا الغير أذرع تستطيل حتى آخر العالم.
إن أمتنا العربية، وبخاصة قواها الحية والفاعلة، على موعد مع لحظات تاريخية حاسمة فى هذه الأيام، يمتحن فيها استقلالها، ويقيس منسوب حضورها الإقليمى والدولى وفاعليتها.

من هو الواعظ الصدوق الذى سيدل العرب هذه الأيام، على ما لديهم من إمكانات واحتياجات إستراتيجية وحضارية واقتصادية وثقافية، بعد أن تخلخلت الثقة فى النفس، تحت الضغوط المتعاظمة للإحباط، والحرتقات الصغرى.
العرب مطالبون الآن بعصامية فذة، لتفعيل ما لديهم من أوراق ونظم وروابط، يهتدون بها إلى خلاصهم فى السلم والحرب والتنمية والتجدد الحضارى. وإلا فإنها بطالة تاريخية سيطول أمدها إلى درجة قد تحذف معها المستقبل.

 

يوسف الحسن  مفكر عربي من الإمارات
التعليقات