إفرازات نظام واحد - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 9:19 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إفرازات نظام واحد

نشر فى : الإثنين 12 مارس 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 12 مارس 2012 - 8:00 ص

مع فتح باب الترشح لانتخابات الرياسة، تصاعدت حمى التكهنات والشائعات وأنصاف الحقائق، لتغرق المواطن المصرى فى دوامة من التوقعات حول من يدعم منْ؟ وأى الأحزاب والقوى السياسية تدعم هذا المرشح بعد أن كانت تؤيد ذاك؟ ولا توجد مرجعية يمكن الاحتكام إليها لمعرفة ماذا يمكن أن يحدث منذ الآن وحتى موعد إغلاق باب الترشح فى 8 إبريل؟ وهل تتغير مواقع المرشحين واتجاهات الكتل التصويتية يمينا ويسارا؟ نحو الإسلاميين أم نحو الليبراليين أم فى الوسط.. عندما يحين موعد الانتخابات فى آخر إبريل؟

 

وبعبارة أخرى فلابد أن نوطن أنفسنا على توقع مفاجآت غير محسوبة، بدت بشائرها بإعلان منصور حسن فى اللحظة الأخيرة عزمه على الترشح. بينما كان يصر قبل أيام قليلة على أنه لا يفكر فى الإقدام على هذه الخطوة. ثم جرى لقاء غير معلن بينه وبين الفريق سامى عنان أسفر عن ترشحه. وظهر أن حزب الوفد غير موقفه بعد مناقشات ساخنة وضعته قاب قوسين أو أدنى من تأييد عمرو موسى. فانقلب الوفد إلى جانب منصور حسن. بحجة أن موسى محسوب سياسيا على النظام السابق. علما بأن منصور حسن كان بدوره جزءا من النظام الذى أفرز مبارك واحتضنه، وإن لم يكن على وفاق معه.

 

هذه المراوحة فى المواقف بين دعم مرشح والنكوص عنه هو الذى يميز بدوره مواقف الإخوان وحزب النور السلفى. فقد أبدى الإخوان اتجاها نحو منصور حسن دون سبب ظاهر اللهم إلا أن تكون صفقة بين الإخوان والعسكرى. والمثير فى الأمر أنه بمجرد ترشح منصور حسن حتى سارع المرشحون المحتملون الآخرون إلى الزعم بأنها مؤامرة. وقال موسى إنها صفقة تهدد مصداقية الانتخابات.  واعتبرها أبوالفتوح من تدابير المجلس العسكرى.. أما الائتلافات الشبابية التى تمثل الثوار فليس لها مرشح رياسى محتمل، ولا يبدو أنها على استعداد لتأييد أحد منهم بالذات.. بل ربما يكونون قد انصرفوا عن تأييد منصور حسن لأنه اختار عسكريا من النظام القديم هو سيف اليزل نائبا له.

 

فى هذه الأجواء الضبابية المضطربة، تموج مصر بشائعات وتحركات تؤكد أن البلاد تجلس فوق أرض رخوة.. إذ فجأة تراجعت الأغلبية البرلمانية المتمثلة فى حزب الحرية والعدالة عن سحب الثقة بالجنزورى، بعد أن أشبعونا إنذارات وتهديدات على لسان صغارهم وكبارهم بأن حكومة الجنزورى فشلت فى أداء مهمتها كحكومة انتقالية، ولم تنجح فى حل أى مشكلة من المشكلات التى تواجهها البلاد.. وأن الإسراع بتكليف حكومة جديدة تحظى بتأييد الأغلبية بات أمرا ملحا وعاجلا.

 

سياسة «خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الخلف» لا تسحب الثقة من حكومة الجنزورى بقدر ما تسحبها من حزب الحرية والعدالة. وتشيع أجواء من القلق وعدم الاستقرار.

 

إنها نفس حالة الغموض والتردد والتضارب التى لابست مشكلة التمويل الأجنبى والإفراج عن المتهمين فيها. ثم الزج بالقضاء فى فتنة لا يعرف أحد مداها!

 

وعلى خط موازٍ من سباق الصفقات الانتخابية، تبادر بعض العناصر من اتحاد شباب الثورة إلى إذاعة أنباء عن استدعائهم للمثول أمام النائب العام والقضاء العسكرى بتهمة ارتكاب وقائع تحريض وسب وإهانة ضد الجيش المصرى وقياداته. لتزيد الموقف اشتعالا وتشيع وجود مخطط لتصفية شباب الثورة الشرفاء.. ثم تتضح الحقيقة. وهى أنه لا النائب العام ولا القضاء العسكرى لديه علم بشىء من ذلك. بينما تبادر صحف أمريكية مثل واشنطن بوست إلى توزيع الخبر ونشره على نطاق واسع!

 

عندما كثر الحديث عما يسمى باللهو الخفى أو الطرف الثالث، ورددته بعض القيادات ووسائل الإعلام والصحفيين لإضفاء جو من الغموض والسرية.. بدا وكأن الهدف من ذلك هو إنزال الهزيمة بأرواح المصريين وبشباب الثورة لكى تقع البلاد فى حالة من الفوضى والانهزامية. وللأسف فقد وقع كثيرون فى هذا الكمين. وضاعف من خطورته ذلك التردى فى الأداء السياسى الذى تجلى فى سباق انتخابات الرياسة، كما تجلى فى المساومات الخفية التى مارسها حزب الحرية والعدالة مع الجنزورى وضده.

 

فى مصر ــ كما يبدو ــ لا أحد يفضل الخطوط المستقيمة!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات