خطة ميدانية لاحتلال الشركات - محمد موسى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 6:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خطة ميدانية لاحتلال الشركات

نشر فى : الأربعاء 11 مارس 2015 - 9:50 ص | آخر تحديث : الأربعاء 11 مارس 2015 - 1:20 م

هذا أسبوع المؤتمر الاقتصادي، والأرقام القياسية في التفجيرات، والقائد الملهم للعنف في مصر، شانون موريس سابقا، شهيد بولسين حاليا.

"كاتب وناشط سياسي أمريكي، وكبير محللي الحملة العالمية لمقاومة العدوان، وهي منظمة حقوق إنسان مقرها لبنان، ومقيم حاليًا في اسطنبول"، هكذا يقدم شهيد كينج بولسين نفسه في مقالاته الراديكالية المحرضة، بينما وصفته نيويورك تايمز قبل أيام بأنه "يكتب من مكمنه في استنبول داعيا المصريين لشن هجمات فورية على مطاعم كنتاكي والبنوك وشركات المحمول، ومقرات الشركات الكبرى".

وهو منظر إسلامي بنكهة يسارية يدهش متابعيه البسطاء، بالحديث عن الإمبرالية المتنكرة في هيئة "النيو ليبرالية"، وضرورة استهداف الشركات والبنوك التي "تنقل كل الثروات والمصادر القومية للدولة، بما فيها الأيدي العاملة، إلى المستثمر الأجنبي"، كما كتب في مقال بعنوان "مرسي والسيسي وجهان لعملة صندوق النقد الدولي".

وتجد أفكار شهيد بولسين رواجا بين شباب الإسلاميين في مصر بسبب "تنامي الإحباط من حالة العجز الواضحة، منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان"، كما قالت نيويورك تايمز، في التقرير الذي جاء بعنوان "الرجل الأمريكي الذي يحرض على العنف في مصر".

وقائع "عجيبة" في دبي

اسمه الأصلي شانون موريس، مولود بولاية كولورادو عام 1971، ونشأ على التعاليم المسيحية الكاثوليكية، اهتم بالقراءة عن الزعماء مثل غاندي ومارتن لوثر كينج، وبلغ إعجابه بالأخير إلى استعارة اللقب في اسمه بعد اعتناقه الإسلام: شهيد كينج بولسين، واعتنق الإسلام 1997 لأنه "كريم مع الفقراء"، كما كتب مرة.

وفي أوائل عام 2006 كان شهيد قد انتقل إلى دبي، في مغامرة لأكل العيش، انتهت بجريمة قتل.

وضع صورة خادمته على فيسبوك، وحرر البروفايل على أنه "امرأة تعيش في دبي وتبحث عن علاقة جنسية مع رجل غربي"، واستدرج المهندس الألماني مارتن شتاينر إلى منزله، ثم قتله. أمام الشرطة قال شهيد إن القتيل حاول الاعتداء على الخادمة، وعوقب بالسجن لسبع سنوات "في قضية عجيبة، اختلطت فيها دعاوى عرض خدمات جنسية للبيع، وجرعة زائدة من مخدر الكلوروفورم"، كما كتبت نيويورك تايمز. وشهدت الخادمة في وقت لاحق أنه بعد مقتل شتاينر، قال لها بولسين: "لا داعي للقلق، ولكن قولي: الله أكبر، لقد مات الكافر"

لكنه في حواره مع المدون سامر عودة، حكي رواية مختلفة.

"رأيت رجلا يهوديا ألمانيا يحاول إغواء مسلمة ليزني بها، فأثار ذلك غضبي، فذهبنا لشقتي وطلبت منه التوقف عن ذلك فثار جدال بيننا تطور لعراك، فقتله الله".

محاولة غواية، ثم بعدها ذهبنا (الثلاثة) إلى شقتي، فقتله الله؟.

سمسم، أحد المعلقين على مدونة عودة، سأل من دون أن يشك في مصداقية شهيد: معلش هو الراجل قـُتل منه لنفسه؟.

سمسم يبحث عن اكتمال المعجزة على يد الأمريكي المتحول، "رجل ترك دين عباد الصليب". سمسم مثل العشرات الذي يردون على تهويمات شهيد وأوهامه بكلمات من نوع "بوركت، ونصرك الله، فهم ثاقب ورؤية عجيبة"، إلخ.

وسمسم مثل الذين اعتبروا إية إشارة لجريمة دبي "شغل عيال وكيد نسا"، على رأي عمر الشابوري.

الاقتراب من دائرة الإخوان

رأت المحكمة أن القتل لم يكن متعمدا، ودفع شهيد الدية، وغادر الإمارات مباشرة إلى تركيا، ليصف أهل دبي من هناك بأنهم "بعيدون عن الإسلام".

ومن تركيا، قرر شهيد أن يصبح العقل المدبر لإسقاط الرئيس السيسي، من خلال استهداف الشركات متعددة الجنسيات، لتكبيدها خسائر تجبرها على سحب دعمها للسيسي. " ويمكن القول إن الخطاب الراديكالي، والإستراتيجية المتطرفة لبولسين يلقيان التأييد الضمني من جماعة الإخوان المسلمين، التي استضافته مرتين على قناة مصر الآن التابعة لها، كما أهملت الجماعة، بشكل فاضح، إدانة الهجمات التي قام بها الشباب المصري بناء على أفكار بولسين وكتاباته"، كما كتبت فورين بوليسي، قبل أيام في تقرير ترجمه موقع نون بوست، وهي تحذر من أن فكرة استهداف الإسلاميين للسلاسل التجارية "الفرنشايز" تبشر باتجاه مشؤوم قد يؤدي للمزيد من القتلى المدنيين.

لكن شهيد اقترب عمليا من دائرة الإخوان، عندما وقع في غوايته محمود فتحي، مؤسس حزب الفضيلة السلفي، وأحد مؤسسي التحالف الوطني لدعم الشرعية، الذي يقوده الإخوان من 2013. كانا يعيشان في شقة واحدة بعد وصولهما إلى تركيا، ومن غير المعروف كيف تقابلا في البداية.

التحالف مع حزب الفضيلة

أمس الأول أطلق فتحي على صفحته بفيسبوك، بيانا بعنوان الخطة الميدانية لاحتلال الشركات والمؤسسات، والتدوينة تقدم وصفا تفصيليا لاحتلال الشركات، من خلال مجموعات تقوم بالاستطلاع والتأمين ثم الاقتحام، مع جاهزية "للتعامل مع أي وحدات أمنية".

الفضيلة، أول حزب سلفي تأسس بعد الثورة، وشارك في الحملة الرئاسية للشيخ حازم أبو إسماعيل قبل رفض أوراقه. وبعد سقوط الإخوان انضم الحزب إلى تحالف دعم الشرعية، وفر محمود فتحي إلى تركيا، ليبدأ حملة تحريض مجرمة تدعو لقتل الجنود ورجال الشرطة. ويعتقد المتابعين أن سر حماسه الكبير لأفكار بولسين، هي أنها تسد فراغا في التنظير السياسي والميداني في العمل الإسلامي، وتقدم استراتيجية واضحة لإسقاط النظام المصري باستهداف الشركات، حدد تكتيكاتها بدقة، بل "وفر معلومات حول استهداف هذه الشركات، بما في ذلك العناوين وأرقام الهواتف"، كما كتبت مجلة فورين بوليسي.

الأسبوع الماضي كتب رئيس حزب الفضيلة أنه دعا إخوانه من قبل لمتابعة الأمريكي : شهيد بولسين ، "وأنا اليوم أعلن بكل وضوح أنني سحبت هذه الدعوة وإن توافقنا في بعض الأفكار الاقتصادية، فلا أرتضي اليوم فكره أو شخصه".

اتفقتما زمان على بعض الأفكار "الاقتصادية"؟، والآن ترفض فكره وشخصه، فهل عناوين الوفاق والخلاف سرية على رعاياك وأتباعك؟.

الدعوة للعصيان المدني

لا يفرق المحرض الأمريكي في خطته التخريبية بين أرزاق الناس وبين مصالح النظام، فشركات الجيش لا تخص سوى المؤسسة العسكرية، ولا يوجد من تتوقف حياتهم عليها. "يمكنك تدمير شركات الجيش، هذا الأمر أكبر جدوى وواقعية بكثير، بل أكثر حكمة من تدمير الجيش نفسه. ومع ذلك، ستظل تواجه الليبرالية الجديدة من الصليبيين". هكذا كتب بولسين قبل أيام، في لغة طائفية ضد المسيحية، لا يخجل من استخدامها في خطاب مفروض أنه ثوري اقتصادي. أما الأخطر فهو تعبير "تدمير الجيش".

عبارة تشرح الهدف من كل ما يثرثر به بولسين.

يصل شهيد بولسين إلى ذروة نضالية أخرى، بالدعوة للعصيان المدني ضد الشركات المتعددة الجنسيات، مثلا منع تسليم الشاحنات؛ وإيقاف تشغيل المنفذ التجاري، واحتلال مصنع؛ إلخ، ثم تصوير تلك الأعمال ونشرها على الإنترنت، لمضاعفة الضغوط على الشركة. "الرد سيكون أمنيا بالعنف المفرط، وهذا سيكشف حقيقة تعاون هذه الشركات مع النظام الوحشي. وهي دعاية سلبية بالنسبة للشركة، ويمكن أن تؤثر ذلك على سمعتها في السوق، مما يؤثر على قيمة حصتها".

وعلق شهيد على حريق مركز المؤتمرات قائلا: إذا كانت الحادثة متعمدة، أفترض أن الثوار لم يقصدوا التسبب في ضرر بدني لأي شخص، ليغفر لهم الله.

يعني متعمدة، لكنهم لا يقصدون، من يشرح لنا ما يقول شهيد؟

وبعد انفجار المحلة منذ أيام كتب يدس السم في العسل: العنف أمر غير مشروع وينزع شرعية النضال الشعبي. أنا حقا أتساءل عما إذا كان هذا فعلا عملا ثوريا، أم فعل الأجهزة الأمنية على وجه التحديد لتشويه سمعة الثوار.

رحب المعلقون بالتفسير المدلس، الذي يستبيح سفك الدماء، فقال الكورس: أكيد فعل مخابراتى لأن التفجيرات خارجة عن نطاق الأهالى البسطاء.

وعلق أحد متابعيه: يقينا اي تفجير او اعمال عنف لا يصاب فيها مدنيون فهي غالبا من فعل الثوار، أما إذا استهدفت مدنيين فهي فعل الأجهزة الأمنية حتى ان ما حدث في الهرم لشركات موبينيل واتصالات كان قبل وقت العمل، حتى لا يصاب أحد لكن جيد شهيد ان تنوه عن الموضوع.

هل هناك انسجام أكثر من ذلك بين المركز في تركيا والأطراف في مصر؟ أفكار شهيد عن استهداف الشركات لتخريب الاقتصاد وإسقاط النظام تجد هذا المتحمس، الفخور بأن الهجمات وقعت قبل وقت العمل.

حركة المقاومة الشعبية التي ادعت المسئولية عن بعض الهجمات في نهاية يناير، استعملت بعض أفكار بولسين، وزعمت أنها قامت مع زميلتها في الإرهاب جماعة العقاب الثوري، "بإحراق مبانٍ حكومية وتفجير قطارات وخطوط سكة حديد ومحطات توليد كهرباء وأبراج هواتف محمولة ومحطات مياه، وكذلك قطع عشرات الطرق الرئيسية بمختلف المحافظات. ولاقت تلك العمليات "النوعية" ترحيبا واسعا من رافضي الانقلاب على مواقع التواصل الاجتماعي"، كما زعم موقع الجزيرة في احتفالية مفضوحة، تروج إعلاميا لأفكار شهيد بولسين "النوعية".

وهو المفكر متعدد الجنسيات

يقر شهيد بولسين بأن الجزء الأكبر من كتاباته "حقائق بشأن هيمنة الشركات في مصر وتأثير سياسات الليبرالية الجديدة على المجتمع. أناقش سلاسل ملكية الشركات، وأهمية مشاركة القيم، وما إلى ذلك، وأقترح تكتيكات مواجهة بدون عنف لتتسبب في اضطراب للربحية، وليس لدي اتصال مباشر مع أي شخص يشارك بالفعل في النضال الثوري".

إذا صدقنا أن الرجل لا يتصل بمن يعملون في التخريب على الأرض، كيف نفهم أن معظم كتاباته تختص بالأوضاع في مصر، وهو الأمريكي، المتزوج من فلسطينية، الهارب من بلد غير متدين في الإمارات، والمحلل بمركز حقوق إنسان في لبنان، والمقيم الآن في تركيا؟.

كيف نفهم أن غاية خطته هي تدمير جيش مصر، ولمن يعمل هذا الرجل برعاية كل هؤلاء المتعاطفين والرعاة الرسميين، مثل الفضيلة، والضمنيين، مثل الإخوان.

•••

شهيد نفى قبل أيام أن يكون دعى إلى العنف في مصر، "لم أدعُ إلى استهداف دجاج كنتاكي أو فودافون، أو أيَّ موقع آخر هاجمه المتمردون. كتبت عن تلك الشركات بعد أن استهدفها المتمردون". وهنا سأله أحد متابعيه، وهو إبراهيم الجزار: يعني انت طول الوقت بتحرض على المصالح الاقتصادية، وساعة الجد تتبرأ؟.

محمد موسى  صحفي مصري