أغراب فى أوطانهم - خولة مطر - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 8:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أغراب فى أوطانهم

نشر فى : الأحد 11 يونيو 2017 - 10:05 م | آخر تحديث : الأحد 11 يونيو 2017 - 10:05 م
عند ضفاف الخليج تشتعل النيران، تبدأ بتلك الشرارة التى أشعلت الغابة يوما ما وهى نفسها التى امتدت وامتدت وتصور الجميع أن النيران لا تزال بعيدة فراح يرقص «العرضة» رقصة الحرب التى لم يخضها منذ معركة بدر!
وهناك فى مدينة بعيدة بالشرق الأمريكى يواصل ذاك لعبته على الكمبيوتر، وبين حين وآخر يتابع ما يجرى فى الشرق البعيد الذى لا يعرف كيف ينطق باسم البلد أو حاكمها بل البلدان وحكامهم، وهو الذى لا يعرفهم إلا عندما تكون الصفقات قد وصلت على الطاولة وكلها لطائرات وأسلحة لا تستطيع أى بلد من هذه استيعابها أو حتى استخدامها، وهى فى مجملها صفقات بأسعار مضاعفة لنفس الطائرات والدبابات وحاملة الجنود التى تباع بربع الثمن لجيوش ودول أخرى!
بين مياه الخليج الساخنة وسانت لويس الأمريكية حيث شركة «بوينج» التى لا تصنع فقط الطائرات التى تنقذ الخليجيين من غيض صيفهم إلى ربوع أوروبا، بل هى الأخرى التى تقف فى انتظارهم ليوفروا صفقات بالملايين وعلى أقله 15 الف وظيفة فى ولاية ميسورى. بين ميسورى وهنا الكثير من المسافات، هناك حيث لا يعرف ذاك الجالس الذى يرسم لصفقاته نطق اسم البلد أو اسم حاكمها، فقط يراقب عن كثب كم سينقذ بمالهم ونفطهم وغازهم اقتصاده ويرسم الخطوط فوق الرمال للتقارب مع أصدقائه غير البعيدين!
***
فيما كل ذلك يستيقظ الخليجى عند صلاة الفجر لينذهل إلى ما وصلت اليه الأمور، وفيما هو يسجد إلى الله ليتقبل صيامه يدعوه حتما ليحفظ بيته وأهله المنتشرين فى المدن المتناثرة والذين كانوا قبل ذاك الصباح الرمادى أهلنا وأشقاءنا.. نفس تلك المحطات التى نقلت له الأخبار المتتالية هى هى كانت ولسنوات تردد العبارات السمجة «البيت الواحد» والعائلة حتى أصبح تكرار مثل هذه العبارات شىء من قبيل المزحة التى لا تضحك.. هو المواطن العادى الجالس فى هذه المدينة أو تلك، هذا الذى كان لا حول له ولا قوة.. هو الذى لا يعرف كيف توضع الميزانيات ليس العلنية منها ولكن تلك الأخرى تحت بنود الخانات السرية... هو نفسه الذى لا يعرف لِمَ صفقات الطائرات هنا أعلى بأسعار مضاعفة عن نفسها التى تباع لدول اخرى.. هو الذى يدرك أن كثيرا من هذه الطائرات والدبابات وحاملات الجنود قد تتحول إلى «سكراب» من قلة الاستعمال أو القدرة على الاستيعاب.. هو الذى يشقى فى يومه الطويل ليوفر بعض كرامته التى راحت تهدر بعد أن تقرر أن تفرض الضرائب تدريجيا تحت مسميات عدة.. وهو المحسود كما يقول أهل الخليج «على موتة الجمعة» لأن بعض أهله فى البعد العربى يحسدونه على هذا الرفاهية المفرطة حتى وصل الأمر إلى أن توفر له حكومته كل شىء بما فى ذلك السعادة!!
هو الذى قسمته فضائياتهم إلى أقسام وشعوب متناحرة فى معركة حيث راح يرسل المقالات المتكررة والمقابلات الصحفية على الواتس أب بحثا عن السبب؟ والأسهل فى الأمر لزيادة التقسيم والتعاطف أن يزج بموضوع العلاقة بذاك العدو الذى كان.. كم من السهل أن تكال الاتهامات المتشابهه لكل طرف والعدو واحد يتفرج من بعيد ربما مبتسما، ربما ضاحكا حد القهقهة!
***
يبقى قلبك على أهلك وهم قلوبهم مبعثرة بين الهنا والهناك.. تبقى خائفا من القادم الذى تعرف تماما أنه ليس بعيد فيما خطابات البطولة تبعثرها الرياح والفضاءات.. تبقى لتقول أين العقل والحنكة التى خلعتها العواصف المتتالية..
كل هذا الخوف هنا وذاك الجالس فى سانت لويس أو تل أبيب يلعب على جهاز الكمبيوتر ويرسم ملامح لدويلات قادمة فيجزئ المجزأ ويقسم المقسم ويفتت الجميع فيصبح العرب كل العرب لاجئين فى مدن الكون أو أغراب فى أوطانهم أو ما تبقى منها!

 

خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات