عصر الكذابين العظام - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 8:00 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عصر الكذابين العظام

نشر فى : السبت 12 نوفمبر 2011 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 12 نوفمبر 2011 - 8:00 ص

يكذب الساسة والزعماء على حلفائهم، كما يكذبون على شعوبهم.. ولكن أكثرهم كذبا هم الذين تنفضح أكاذيبهم على الملأ ويصبح من الصعب التستر عليها.. ولسوء حظ نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل أنه وقع فى شر أعماله، حين تسرب على لسان الرئيس الفرنسى ساركوزى حديثه على انفراد مع الرئيس الأمريكى أوباما فى غرفة مغلقة على هامش قمة العشرين. ولم يدركا أن الميكروفونات الموجودة فى القاعة مفتوحة. مما مكن الصحفيين فى القاعة المجاورة من الاستماع إلى الترجمة الفورية لحديث الرئيسين. انتقد ساركوزى فى حديثه نتنياهو ونعته بالكذاب. وهو يقول لأوباما: لقد سئمت منه ولم أعد أحتمل أكاذيبه. ورد أوباما بقوله: أنت سئمت منه ولكننى مضطر للتعامل معه كل يوم.

 

ويبدو أن أكاذيب نتنياهو كانت موضوع نقاش حول الأسباب التى أدت إلى انهيار الجهود الأوروبية لاستئناف محادثات السلام. كما لعبت دورا فى الموقف الذى اتخذته فرنسا بتأييد عضوية فلسطين فى اليونسكو. وهو ما انتقده أوباما خلال اجتماعه الثنائى مع ساركوزى!

 

غير أن أكاذيب السياسيين الغربيين لم تكن أبدا قصرا على المشكلات التى تلعب فيها إسرائيل دورا أو يكون لها مصلحة فيها. فقد تسببت حملة الأكاذيب والأضاليل التى شنتها إدارة الرئيس السابق بوش ضد العراق بحجة امتلاكها لأسلحة ومنشآت ذرية وقيام صدام حسين بإخفائها والسياسة التى انتهت إلى إعلان الحرب على العراق واحتلاله، لتنتهى إلى كل ما انتهت إليه من كوارث وخسائر فى الأرواح، أفضت إلى حرب أفغانستان التى فقدت فيها أمريكا والدول الإسلامية أعدادا كبيرة من الجنود والمدنيين، ومازالت مستمرة حتى الآن.. وكلها نتيجة لسلسلة الأكاذيب والمبالغات التى ابتدعها رئيس أمريكى مأفون!

 

وتقف منطقة الشرق الأوسط الآن على أبواب مرحلة جديدة من الأكاذيب تقودها إسرائيل وتغذيها أمريكا.. استخدمت فيها وكالة الطاقة الذرية الدولة لإصدار تقرير لم تثبت صحته عن حصول إيران على إنجاز تكنولوجى جديد يجعلها قاب قوسين أو أدنى من صنع سلاح نووى، مما جدد الحديث عن احتمال حرب أخرى فى المنطقة!

 

من جانبنا نحن فى العالم العربى، فلا ينبغى أن نفزع لحصول إيران على إمكانات نووية تجعلها على حافة إنتاج سلاح نووى.. فالترسانة النووية الإسرائيلية التى تمثل تهديدا للسلام فى المنطقة العربية، ظلت ومازالت فزاعة لتهديد وابتزاز العالم العربى. وهو ما صدقته دول عربية كثيرة، أصبحت محاصرة بالتهديد الإسرائيلى من ناحية وبالتهديد الإيرانى من ناحية أخرى.

 

وإذا كانت أكاذيب الساسة والحكومات فى الغرب قد صارت جزءا من الحياة الدولية، ولا تكاد مشكلة أو صفقة أو اتفاق دولى يخلو من عنصر الكذب والخداع.. فقد انتشرت فى العالم العربى عادة الكذب بين الزعماء والقادة بطريقة مرعبة. ولا يحتاج الأمر إلى أجهزة تنصت أو ترجمة لمعرفة ما يدور بين اثنين أو ثلاثة منهم. فمعظم أسرارهم تخرج إلى العلن قبل أن يعرفوا هم أنفسهم. وقد كانت اجتماعات مبارك ونتنياهو تتسرب تفاصيلها إلى الصحف الإسرائيلية والغربية قبل أن يعرفها وزير خارجيته!

 

وفى سوريا أطلق الشعب السورى على بشار الأسد صفة «الكذاب»، بعد سلسلة الوعود والتعهدات التى قدمها لتركيا والجامعة العربية والاتحاد الأوروبى بوقف إجراءات الأمن الوحشية وعمليات قتل الأبرياء فى الشوارع.. ولم ينفذ منها شىء.

وعلى نفس الوتيرة سار على عبدالله صالح رئيس اليمن الذى لفظه شعبه وطالب بإسقاطه. وظل يكذب للمرة العاشرة أو العشرين وهو يعد بتنفيذ مبادرة مجلس الخليج العربى، ثم ينكص على عقبيه دون خجل أمام زملائه ملوك ورؤساء الخليج.

 

وهناك أمثلة عديدة، لم يكن معمر القذافى آخرها.. ولا كان حسنى مبارك غير إمام وزعيم لهم فى خداع شعبه والتآمر على مؤسساته.

 

نحن نعيش فى عصر الكذب والكذابين العظام!!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات