الآنسة بوسة - محمود قاسم - بوابة الشروق
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024 1:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الآنسة بوسة

نشر فى : الجمعة 13 سبتمبر 2024 - 8:20 م | آخر تحديث : الجمعة 13 سبتمبر 2024 - 8:20 م

ظللت أبحث لسنوات طويلة عن المصادر الأجنبية للفيلم المصرى «سبع أيام فى الجنة» إخراج فطين عبد الوهاب 1969 بطولة حسن يوسف ويوسف فخر الدين ونجاة الصغيرة، وحتى الآن لم أكتشف اسم الفيلم الأصلى ضمن العروض الأمريكية الخفيفة التى برع فى إخراج مثيلتها فرانك كابر وغيره، فالفيلم تدور قصته حول عازف بيانو فقير يتجول فى شوارع مدينة الإسكندرية ويعزف لابنته التى تغنى للناس، ويكسب الاثنان النقود من هذه المهنة، إنها واحدة من مهن الفقراء، وفى الفيلم يأتى مندوب من شركة تأمين ويعرض على الأب وابنته أن يتظاهرا بأنهما من الأثرياء لمدة أسبوع واحد فتتغير وقائع الحياة تماما؛ حيث يحاط الاثنان بالكثير من النصابين والباحثين عن المال حولهما ويتوددوا للزواج من ابنته، كما تتقرب إليه امرأة جميلة طموحة كى تتزوج منه، وفى نهاية السبعة أيام يتم اكتشاف الأمر ويعود كل منهما إلى أصله، بالأمس فقط اكتشفت أن هناك نقاط تماس بين الفيلم المذكور وفيلم آخر قديم أخرجه وشارك فى كتابته نيازى مصطفى عام 1945 باسم «الآنسة بوسة»، وشارك فى كتابة السيناريو أبو السعود الإبيارى الذى عرف بمهارته فى العثور على النصوص العالمية الكوميدية كى يحولها إلى أفلام مصرية، لكن هناك فواصل واضحة بين الفيلمين، فالآنسة بوسة هى فى الأصل فتاة ثرية تتحدث إلى أبيها أنها تخشى المتملقين من الرجال، وتفضل أن تكون فتاة فقيرة يحبها شخص لشخصها وليس لمالها، ويتفق معها أبوها على أن يتركا عالم الثراء، وأن يتحول إلى عازف على الطريق تمشى هى إلى جواره لتغنى، الفيلم القديم بطولة نور الهدى وبشارة واكيم، وقام بدور الشاب الذى يقع فى حبها محمود ذو الفقار، الذى كان فى تلك الآونة غارقا فى ثنائيات عاطفية مع زوجته النجمة عزيزة أمير. كل ما حدث فى الفيلم الجديد هو عكس القصة القديمة لكنه انقلاب تم فنحن الآن أمام الثرى وابنته وقد اختارا طواعية أن يلعبا دور الفقيرين، فيسكنان فى بيوت ضيقة، ويلبسان الثياب الرثة، ويشعران بالحرية وهما يسعدان الناس بموسيقى وألحان جيدة، إذا ليس هناك أى خلاف بين القصتين، وسوف يحدث تحول لدى البنت التى كانت خائفة من الرجال، فتطمئن إلى ذلك الشاب الفقير الذى حام حولها وأراد الاتجار بها، وفى النهاية يتنافس الشاب مع زميل له على عواطفها.

هكذا كانت السينما تأتى بالفيلم القديم وتتعامل معه على أنه سترة بدلة فيتم قلبها وتغيير حجمها لتصبح لائقة للشكل الجديد الذى اختاره الثرى وابنته، كما نرى فإننا أمام أعمال غنائية موسيقية، فى الفيلم القديم غنت نور الهدى، وفى الفيلم الجديد كانت هناك نجاة الصغيرة، أى أنه من الأفضل صياغة مثل هذه القصص فى إطار غنائى كوميدى لتسلية المتفرج ولا مانع من اختيار عنوان هزلى مثل الآنسة بوسة، فكم كانت هناك أفلام فى الأربعينيات تحمل مثل هذه التسمية، بعضها من بطولة محمود ذو الفقار ومنها «قبلنى يا أبى»، وأفلام أخرى كثيرة، وفيما بعد اعتبر مثل هذا العنوان ماجنا وليس كوميديا خاصة فى نهاية القرن الماضى وحتى الآن، يجب محاولة المقارنة بين اثنين من صناع الكوميديا فى مصر، تنافسا طيلة رحلة كل منهما على تقديم الكوميديا الغنائية وأيضا الأفلام الفانتازيا، وقد تخصص فطين عبد الوهاب فى الكوميديا فى المقام الأول، أما نيازى مصطفى فقد اتجه إلى أفلام الحركة وملأ بها الشاشة لدرجة الإشباع، وكان لكل منهما مذاقه وكفاءته فى أن يجذب أنظار المتفرجين وعمل كل منهما حتى اللحظة الأخيرة من حياته بدون توقف، وكان هذا شاهدا على خصوبة بعض صناع الكوميديا الذين قدموها فى أجمل أثوابها.

التعليقات