لينكر وقضية حرية التعبير.. - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:11 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لينكر وقضية حرية التعبير..

نشر فى : الثلاثاء 14 مارس 2023 - 8:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 14 مارس 2023 - 8:50 م
** فى قضية الـ«بى. بى. سى» مع النجم والمحلل الرياضى الشهير جارى لينكرلا يجب أن تختصر المسألة فيما يبدو ظاهرا وهو «التناقض بين احترام قواعد مؤسسية وبين حرية الرأى والتعبير». فقد قال لينكر رأيه بعيدا عبر صفحته الشخصية على تويتر، بشأن الهجرة غير الشرعية ووصف السياسة المقترحة لوزارة الداخلية البريطانية فى التعامل مع الهجرة بأنها قاسية وأنها لا تختلف عن تلك السياسة التى طبقتها ألمانيا فى الثلاثينيات من القرن الماضى. ونتيجة لهذا الرأى الخاص أوقف لينكر وبرنامجه لأيام قبل أن يعود، وكانت أزمة كبيرة شهدت جدلا سياسيا ووجهات نظر متباينة وتضامنا من زملاء لينكر معه ورفضهم الظهور على الشاشة.
** ربما كان الأمر سيكون مقبولا من «بى بى سى» لو أدلى لينكر بهذا الرأى عبر برنامجه المخصص لمحتوى تحليل مباريات كرة القدم. أقول ربما، احتراما لقواعدها الصارمة بشأن الحيادية كما تقول، أو لعدم تداخل السياسة فى الرياضة، وفى المقابل رأت بى بى سى أن لينكر كسر قواعدها، أوما يسمى بـ«مبدأ الحياد الواجب» فهل فى تعاقد بى بى سى مع لينكر ما يشير إلى هذا المبدأ وتطبيقه على جميع منصات التعبير الخاصة سواء تويتر أو فيس بوك وإنستجرام وغيرهم؟ وماذا عن حرية التعبير كحق إنسانى مشروع، خاصة أنه لم يكن على شاشة بى بى سى؟، وهل المفروض على المحلل الرياضى تجاهل كل ما هو سياسى وعام وإنسانى لمجرد أنه رجل رياضة ولا يجب أن يدلى برأيه فى غير ذلك؟، ولماذا يسمح للمهندس والطبيب ورجل الأعمال والصناعة مثلا بالإدلاء بأى رأى فى كل هذا وفى الدين والفقه والعقيدة أيضا؟
** نحن أمام عالم يكذب ويلوك الكذب. ومن ذلك فى عالم الرياضة على مستوى أعلى المؤسسات والهيئات الرياضية مثل الفيفا والويفا واللجنة الأوليمبية الدولية رفعها شعار لا سياسة فى الرياضة، بينما حين تعارض الأمر مع مصالح الغرب اختفت الراية، لدرجة أن فرنسا كانت طالبت بمشاركة الرياضيين الروس فى أوليمبياد باريس 2024، وأن توماس باخ رئيس اللجنة الأوليمبية ارتدى ثوب الشجاعة وأكد هذا المعنى، ثم اجتمعت دول غربية واسيوية وصوتت على تلك المشاركة ورفضت السماح للرياضيين الروس بالاشتراك فى الألعاب الأوليمبية.
** ولعلنا نذكر موقف بطل الإسكواش المصرى على فرج الذى طلب منه مذيع بريطانى فى لحظة تتويجه ببطولة «أوبتاسيا» فى لندن، توجيه رسالة بشأن الأزمة الروسية الأوكرانية، فرد على فرج قائلا: «أعلم أن ما سأقوله سيسبب لى المشكلات، فجأة أصبح ممكنا الآن خلط الرياضة والسياسة فقط لأن هذا ليس على هوى الإعلام الغربى، ولكن الآن بما أن الجميع يتعاطف مع أوكرانيا فيجب أن نذكر فلسطين أيضا.. الفلسطينيون يعانون منذ أكثر من 70 عاما ولا أحد يتكلم، دعونا نتكلم عن فلسطين أيضا».
وحظى هذا الرأى بتصفيق حاد من جموع الحاضرين للحظة التتويج احتراما للبطل المصرى ولرأيه وشجاعته.
** إن حرية التعبير حق إنسانى أصيل، ولقد كان الفيلسوف البريطانى القديم جون ستيوارت من أوائل من نادوا بحرية التعبير عن أى رأى مهما كان هذا الرأى، وقال: «إذا كان كل البشر يمتلكون رأيا واحدا وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأيا مخالفا فان إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بنى البشر إذا توفرت له القوة».
** كان الحد الوحيد الذى وضعه جون ستيوارت ميل لحدود حرية التعبير هو إلحاق الضرر بشخص آخر. وحتى اليوم، منذ القرن الثامن عشر مازال هناك هذا الجدل عن نوعية الضرر. فما هو الضرر الذى أصاب الإنسانية والمجتمع نتيجة رأى جارى لينكر عن المهاجرين غير الشرعيين وكيفية معاملتهم إنسانيا؟!
حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.