ما ينبغى على الحكومة أن تقلق منه - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما ينبغى على الحكومة أن تقلق منه

نشر فى : الجمعة 16 يونيو 2017 - 9:10 م | آخر تحديث : الجمعة 16 يونيو 2017 - 9:10 م
لا أعلم هل تعلم الحكومة بحجم الغضب والإحباط والاستياء الموجود لدى قطاعات واسعة من المصريين خلال الفترة الماضية التى سبقت ورافقت مناقشة قضية تيران وصنافير فى البرلمان، حتى تم إقرارها فى أقل من اربعة أيام فقط؟!
كنت أتمنى حدوث معجزة توقف تمرير الاتفاقية، لكن وبما أنها صارت أمرا واقعا للأسف الشديد، فعلينا أن نسأل: هل أجهزة الدولة تعرف كيف يفكر عموم المصريين بشأن هذه القضية؟!.
أسوأ افتراض ممكن هو أن تتصور الحكومة أن الخطر يكمن فقط فى منع التظاهر أمام نقابة الصحفيين أو ميادين طلعت حرب والتحرير ومحيط مسجد مصطفى محمود.
كتبت كثيرا عن سوء الإخراج منقطع النظير لهذه الأزمة منذ الإعلان عن ترسيم الحدود بين الحكومتين فى ٨ ابريل عام ٢٠١٦ وحتى تصويت البرلمان على الاتفاقية يوم الأربعاء الماضى.
كنت أعتقد، أن الحكومة ستتعلم من درس التوقيع قبل ١٤ شهرا، لكن للأسف، أصرت على الصدام مع الرأى العام، طالما أنها لم تفسر سر سلوكها الغريب.
ستقول الحكومة إن هناك معلومات سرية، لا يمكن إطلاع عموم الناس عليها. حسنا لنفترض ذلك، ولنفترض وجود صفقات كبرى ومواءمات إقليمية أو دولية، لكن ما فائدة أن تكسب الحكومة ود هذه الدولة الإقليمية أو الدولية، وتخسر ثقة غالبية الشعب؟!. هذا سؤال جوهرى ينبغى على أن الحكومة أن تجيب عليه.
على سبيل المثال هل تدرك الحكومة خطورة نقص المعلومات الفادح لدى المواطنين بشأن هذه القضية، وأن بعضهم توجه لوسائل إعلام اقليمية ودولية فى الولايات المتحدة وبريطانيا، بل وفى إسرائيل، التى كشفت صحفها أخيرا العديد من التحركات السياسية الكبرى المتعلقة بما يسمى «صفقة القرن»؟!.
مرة أخرى، قد تفرح الحكومة أن الأمور مرت بأقل الخسائر، وأن المظاهرات لم تخرج والاحتجاجات لم تعم البلاد. حسنا وحتى إذا كان ذلك صحيحا، فإن الخطر هنا لم يكن المظاهرات، بل تزايد حالات الغضب والقهر والإحباط فى نفوس المواطنين، وهو الأمر الذى عبر عنه بمهارة فائقة الكاتب الكبير عبدالله السناوى فى عدد «الشروق» يوم الخميس الماضى.
أتمنى أن تكون الحكومة استمعت لما يدور فى الشارع بشأن هذه القضية وتداعياتها الخطيرة.
أفهم أن تستغل جماعة الإخوان بانتهازية شديدة القضية لتحقق أى مكاسب. لكن المقلق ليس هو انتقادات الجماعة أو حتى بعض احتجاجات النخبة المحاصرة والمأزومة، بل لدى قطاعات شعبية عادية جدا، كانت إلى حد كبير هى مخزون التأييد الشعبى لرئيس الجمهورية وحكومته.
قبل تمرير الاتفاقية، كنت أسمع أنينا مكتوما وتحذيرات خجولة. وبعد التمرير تحول الهمس إلى صرخات تجهر بالانتقاد الموضوعى حينا والتطرف الحاد ضد الحكومة فى أحيان كثيرة.
نماذج كثيرة من هذه العينة قابلتها فى أماكن كثيرة بالقاهرة فى الأيام الماضية، ومعظمها لا صلة له بالسياسة من قريب أو بعيد، وبالتالى يصعب، إن لم يكن يستحيل اتهامه بأنه « إخوان أو معارضة متمولة أو حاقدة». هؤلاء مواطنون عاديون جدا ويعيشون فى حالهم، ولا يرجون إلا ستر الله ولا «يسيرون جنب الحيطة بل داخلها وأحيانا أسفلها»!!.
غالبية المواطنين منهكون ومتعبون وعاجزون، لكنهم محبطون. وما لا تدركه الحكومة، أن هؤلاء المحبطين اليائسين داخلهم مخزون كبير من القهر والإحباط، قد ينفجر فى أى لحظة وبطريقة عشوائية، خصوصا فى ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتلاحقة.
نرجو أيضا أن تتعظ الحكومة من شحها الإعلامى فى هذه القضية. حيث إن كثيرا من المواطنين لم يجد أمامه إلا الشائعات والتسريبات والتكهنات، التى تتناول كل ما يمكن ولا يمكن تخيله فى هذا الصدد، وكلها قصص وحكايات جارحة وتسىء لمصر وللمصريين.
على الحكومة أن تقلق بشأن الآثار والتأثيرات والتداعيات والندوب التى سيتركها تمرير الاتفاقية على عموم المصريين، والتى توفر بيئة خصبة لكل خصوم الوطن واعدائه، وهو ما تسببت فيه هذه الاتفاقية.
الموضوع مهم ومقلق وينبغى أن يخضع لدراسات معمقة لدى كل من يهمهم الأمر.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي