التفاتة إلى سد النهضة! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 1:52 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التفاتة إلى سد النهضة!

نشر فى : الجمعة 17 مارس 2023 - 8:50 م | آخر تحديث : الجمعة 17 مارس 2023 - 8:50 م
التصريحات المصرية الأخيرة التى تميزت بالحدة والقوة بشأن سد النهضة الإثيوبى، تمثل التفاتة مهمة جدا حتى لو كانت متأخرة بعض الشىء للأزمة التى تستحكم حلقاتها يوما بعد يوم لتتحول إلى كابوس، مع مواصلة أديس أبابا إجراءاتها الأحادية مثل عمليات الملء المتتالية والتشغيل من دون اتفاق مع دولتى المصب، وهو ما قد يهدد الحياة والاستقرار فيهما.
فبعد شهور طويلة من المواقف الدبلوماسية الهادئة، والداعية إلى ضرورة التوصل لاتفاق قانونى وملزم بشأن السد الإثيوبى، استعادت مصر لغة خطابها الشهير فى شهر مارس عام ٢٠٢١، عقب تمكنها من تعويم السفينة الجانحة فى قناة السويس، وأصدرت تصريحات تعبر عن مواقف غاضبة من التسويف والمماطلة وتضييع الوقت الذى دأبت عليه إثيوبيا منذ سنوات طويلة مضت.
أول التصريحات جاء من الرئيس السيسى الذى قال خلال مؤتمر صحفى الأسبوع الماضى مع رئيسة وزراء الدنمارك ميتا فريدركسن، إن «مصر الدولة الأكثر جفافا فى العالم، وليس لديها فرصة لتحمل أى نقص من المياه فى أى وقت من الأوقات»، مشيرا إلى أننا «بذلنا 10 سنوات من الجهد والحرص من جانبنا لإيجاد حل مناسب من خلال التفاوض، ونتفهم التنمية فى إثيوبيا ونقول ذلك فى كل مناسبة، ومستعدون للتعاون معهم فى ألا يؤثر على المواطن المصرى بأى شكل من الأشكال».
وزير الخارجية سامح شكرى، تحدث بقوة كذلك عن الأزمة، وأكد قبل أيام قليلة مضت خلال لقاء مع نظيره الكينى، على «تمسك مصر بضرورة التوصل لاتفاق قانونى ملزم لقواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى»، مشددا على أن «الدولة المصرية ستدافع عن مصالح شعبها وستتخذ من الإجراءات ما يقود إلى ذلك».
لا شك أن غياب مثل هذه التصريحات والرسائل والمواقف الحادة والخشنة من جانب القاهرة فى أزمة سد النهضة، خلال الشهور الماضية، ساهم إلى حد كبير فى الوصول إلى ما نحن عليه اليوم، حيث تتجاهل أديس أبابا الحقوق التاريخية لمصر فى مياه النيل، وتضرب عرض الحائط بكل قواعد القانون الدولى، بل وتخرق التزاماتها فى إطار إعلان المبادئ الموقع عام 2015، عبر تشغيل وإنتاج الكهرباء من السد، مثلما حدث فى شهر فبراير من العام الماضى، وكذلك الاستعداد لعملية الملء الرابع، المرجحة فى صيف هذا العام.
هذه المواقف الجديدة للدولة المصرية، تؤشر إلى أننا أمام تصعيد مرتقب للأزمة، بعدما فاض الكيل من التسويف والمماطلة الإثيوبية، وهو ما قد بدأ فعليا باعتماد مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، الأسبوع قبل الماضى، قرارًا بشأن سد النهضة بالإجماع، يدعو أديس أبابا لإبداء المرونة فى القضية، فضلا عن طرح الأزمة كبند دائم على جدول أعمال مجلس الجامعة. دخول الجامعة العربية على الخط أثار غضب أديس أبابا، حيث ردت وزارة الخارجية الإثيوبية على هذه الخطوة، وقالت فى بيان إن أديس أبابا «ماضية فى ملء سد النهضة»، مؤكدة تمسكها بحل «أفريقى» للأزمة.
لجوء القاهرة إلى الجامعة العربية، يعد أولى الخطوات التى تعتزم اتخاذها فى الفترة المقبلة، وربما تتبعها خطوات أخرى مثل الذهاب مجددا إلى مجلس الأمن، لحلحلة الأزمة التى تزداد المخاوف بأن تظل تراوح مكانها، فى غياب أى اختراق حقيقى، يحمى ويحافظ على حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل، وهو ما يحولها مع مرور الوقت إلى أزمة منسية، نظرا لغياب الضغوط الحقيقية التى تجبر أديس أبابا على سلوك طريق التفاوض الجاد للوصول إلى تسوية عادلة تحقق الفائدة للجميع.
لذلك لا ينبغى أن يتركز الحديث الآن أو ينصب على الماضى، والأخطاء التى وقعت فيها مصر فى تعاملها مع أزمة سد النهضة وطرق معالجتها، وإن كان هذا الأمر مطلوبا حتى لا ندور فى حلقة مفرغة، ولكن يجب أن نتحرك سريعا إلى الأمام من أجل توضيح خطورة الموقف على الأمن والاستقرار الإقليمى، ومخالفة أديس أبابا قواعد القانون الدولى بشأن إقامة السدود وتشغيلها، وضرورة توقفها عن اتخاذ إجراءات أحادية، ومراعاتها مصالح دولتى المصب من خلال الوصول إلى اتفاق قانونى ملزم بشأن السد.
التعليقات