هل تصل الرسالة لإثيوبيا؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل تصل الرسالة لإثيوبيا؟

نشر فى : الثلاثاء 17 سبتمبر 2019 - 11:00 م | آخر تحديث : الثلاثاء 17 سبتمبر 2019 - 11:00 م

ما قاله وزير الخارجية السفير سامح شكرى، يوم الأحد الماضى، بشأن سد النهضة الإثيوبى، أمر فى غاية الأهمية ينبغى تعزيزه بوسائل مختلفة، حتى تصل رسالة قوية وواضحة لإثيوبيا بأن مصر لن تقبل تحت أى ظرف من الظروف الإضرار بأمنها المائى بأكثر من استطاعتها.
ومن الواضح أن صبر مصر قد بدأ ينفد من اللعبة الإثيوبية الماكرة منذ إبريل ٢٠١١.
نتذكر جميعا أن إثيوبيا أعلنت عن نيتها بناء السد وبدء الخطوات الإجرائية فيه فى أبريل ٢٠١١، مستغلة انشغال مصر الكامل فى الأحداث التى تلت ثورة ٢٥ يناير من نفس العام. ويوم السبت الماضى كشف الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مؤتمر الشباب أنه قبل ٢٠١١ لم تكن هناك سدود يتم بناؤها على النيل. والمعنى الواضح من هذا الكلام أنه ما كان يمكن لإثيوبيا، أوغيرها التفكير فى بناء سدود، والتأثير على حصة مصر، لولا تراجع القوة الشاملة لمصر، التى كانت إثيوبيا تعمل لها ألف حساب.
ما قاله الرئيس صحيح إلى حد كبير، والأمانة تقتضى أن نضيف أن ضعف موقفنا التفاوضى فى هذا الملف بدأ يضعف بالتدريج قبل سنوات من ثورة ٢٠١١.
فقد ظللنا لسنوات قبلها نقول إن مفاوضاتنا مع دول حوض النيل نجحت بنسبة ٩٩٪، ثم فوجئنا أن نسبة الـ١٪ المتبقية هى بناء السد، ونسف اتفاقية ١٩٢٩ واستبدالها باتفاقية عنتيبى عام ٢٠٠٩ التى جردتنا من كل نقاط قوتنا، خصوصا موافقتنا المسبقة على بناء السدود والاحتفاظ بحصتنا التاريخية. ونتذكر ان دول حوض النيل اعلنت عن ذلك خلال اجتماع شعير لوزراء رى المجموعة فى الاسكندرية ثم شرم الشيخ عام 2009!!.
اعتقد أننا دفعنا ثمنا فادحا لسياسة حسنى مبارك بعد فشل محاولة اغتياله فى أديس أبابا عام ١٩٩٥، حينما أعطينا ظهرنا تماما لإفريقيا، وهو ما نحاول تصحيحه الآن.
مصر حاولت فى السنوات الأخيرة بناء جسور الثقة مع إثيوبيا ودول حوض النيل. وكتبت كثيرا فى هذا المكان مشيدا بهذا التوجه، ومحاولة تعزيزه. لكن بالطبع بشرط جوهرى أن يؤدى هذا التوجه إلى حل مشكلة سد النهضة، بما لا يؤثر على أمننا المائى.
توقيع اتفاق المبادئ مع إثيوبيا والسودان كان مهما عام ٢٠١٥، وخطاب السيسى فى البرلمان الإثيوبى، كان أكثر أهمية فكلها خطوات مطلوبة لبناء الثقة، لكن مرة أخرى شرط أن تقابلها خطوات أخرى من الجانب الإثيوبى.
ومن الواضح أن أديس أبابا مارست معنا سياسة شديدة الخبث بشراء الوقت وفرض الأمر الواقع تحت حجج متباينة، مرة بأن هناك اضطرابات داخلية فى إثيوبيا تواجه رئيس الوزراء الجديد آبى أحمد، وأخرى بحجة الاضطرابات ثم الثورة فى السودان وبينهما العديد من «التلكيكات» المتنوعة!.
تصريحات السفير سامح شكرى عقب لقائه مع وزيرة خارجية كينيا يوم الأحد الماضى، كانت الأكثر حدة ووضوحا بأن صبر مصر قد بدأ ينفد. الرجل قال كلاما موزونا وعاقلا بأن مصر مستعدة للوصول إلى نقطة توافق بخصوص مفاوضات سد النهضة، وأن مصر تراعى وتحترم حق إثيوبيا فى التنمية، ما دام ذلك لا يؤدى إلى وقوع أضرار جسيمة على مصر، مكررا كلام الرئيس السيسى بأن مصر سوف تتحمل فى كل الظروف أضرارا من وراء السد، لكن شرط أن تكون قابلة للتحمل، بحيث تحفظ حقوق الشعب المصرى. أهم ما قاله الوزير فى تصريحاته هو أنه إذا تجاوزت الأضرار ما يمكن لمصر أن تتحمله، فإن الأمر سوف يخرج تماما عن قواعد القانون والعرف الدولى الذى يحكم العلاقة بين الأنهار العابرة للدولة.
فى اليومين التاليين كانت هناك اجتماعات وزراء الرى فى مصر والسودان وإثيوبيا بالقاهرة، ومن الواضح أنها تحقق النتيجة التى كانت تريدها مصر، طبقا لبيان وزارة الرى المصرية، السبب فى ذلك ان إثيوبيا تمارس لعبة خطيرة هى محاولة إغراقنا فى التفاصيل الإجرائية، وليس مناقشة الجوانب الفنية وأهمها الاتفاق على قواعد ملء السد والمدى الزمنى لذلك، وهو ما يفترض أن يتم فى الاجتماع المقبل بالخرطوم نهاية هذا الشهر.
هذه المفاوضات ستكون طويلة وشاقة، وتحتاج إلى نفس طويل، لكن إذا كنا قد جربنا سياسة حسن النية مع إثيوبيا وإعادة بناء جسور الثقة مع شعبها وحكومتها، ولم يؤد ذلك إلى نتائج ملموسة، فقد حان الوقت إلى البحث فى بدائل اخرى تحفظ حقوقنا.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي