مبادرة مجموعة العشرين لتخفيف الديون ليست كافية - قضايا إفريقية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 10:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مبادرة مجموعة العشرين لتخفيف الديون ليست كافية

نشر فى : الأحد 19 يوليه 2020 - 6:50 م | آخر تحديث : الأحد 19 يوليه 2020 - 6:50 م

نشر مركز Institute for security studies مقالا للكاتب «بيتر فابريكيس»، تناول فيه مبادرة مجموعة العشرين G20 بتعليق خدمة ديون 73 دولة تقريبا وذلك للسماح لهذه الدول بمحاربة آثار كوفيدــ19 مما ستحرره هذه المبادرة من أموال... نعرض منه ما يلى:

تتعرض مجموعة العشرين G20، وهو نادٍ عالمى لأغنى وأهم اقتصادات العالم، فى الآونة الأخيرة للكثير من اللوم والانتقاد. فسُمعتها آخذة فى التضاؤل منذ النجاح الذى حققته فى أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008. الآن، تعثرت جهودها بشدة من قبل القوى الدولية ولا سيما فى ظل المواجهة العدائية المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين، وها هى تكافح من أجل تقديم أى مساهمة ذات مغزى لمعالجة المشكلات العالمية.
كما تم انتقادها لفشلها فى حشد استجابة عالمية منسقة ومتماسكة لوباء كوفيدــ19. لكن المجموعة أسفرت عن نتيجة واحدة ملموسة وذلك فى قمتها الافتراضية فى 15 إبريل الماضى. حيث قررت تعليق مدفوعات خدمة ديون أقل البلدان نموا فى العالم إلى الدائنين الرسميين (الحكومات) فى الفترة من 1 مايو حتى نهاية عام 2020. وأعطتهم ثلاث سنوات لتسديد هذه المبالغ، وذلك بعد فترة سماح مدتها عام واحد. وأعلن قادة مجموعة العشرين أن هذه الخطوة ستوفر أموالا كثيرة للدول لمكافحة كوفيدــ19، سواء بشكل مباشر لدعم التدابير الصحية أو لتحسين التداعيات الاقتصادية. لكن هل سيحدث ذلك فعلا؟!
فى البداية، تتم إدارة مبادرة تعليق خدمة الديون (DSSI) التابعة لمجموعة العشرين بالاشتراك مع نادى باريس ــ المنتدى غير الرسمى لـ 22 دولة دائنة فى الغالب من الدول الغربية لإعادة هيكلة الديون الرسمية الثنائية. لكن قادة مجموعة العشرين ناشدوا أيضا الحكومات الدائنة غير التابعة لنادى باريس وكذلك الدائنين من القطاع الخاص والبنوك المتعددة الأطراف للانضمام للمبادرة.
ووفقا للبنك الدولى، هناك 73 دولة حول العالم مؤهلة للحصول على تعليق خدمة الديون، منها 37 دولة إفريقية. ولدى هذه الدول الـ 37 مجتمعة التزامات خدمة ديون تصل إلى 5,275 مليار دولار أمريكى فى الفترة من 1 مايو إلى 31 ديسمبر 2020. أكبر هذه الالتزامات على الإطلاق من نصيب أنجولا المثقلة بشكل دائم بالديون، حيث تبلغ التزاماتها 2,645 مليار دولار من التزامات خدمة الديون فى تلك الفترة ــ أو 3,1٪ من إجمالى الناتج المحلى. وإذا استطاعت الحكومات الإفريقية تعليق 5,275 مليار دولار أمريكى من خدمة الديون هذا العام، فهذا سيساعدها بالتأكيد على محاربة كوفيدــ 19 وتداعياته. لكن الواقع أكثر غموضا. حتى الآن دائنى نادى باريس هم فقط الملتزمون بتعليق خدمة الديون، وهم يمثلون 5٪ فقط من الديون الخارجية لإفريقيا... ولذلك من المهم انضمام الدائنين من خارج نادى باريس، وخاصة الصين، التى تمتلك 17٪ من الديون الأفريقية، ومقرضو القطاع الخاص، الذين يمثلون 31٪ من هذه الديون.
ولكن تشير إليزابيث ساديروبولوس ــ المديرة الوطنية لمعهد جنوب إفريقيا للشئون الدولية (SAIIA) ــ إلى أنه على الرغم من أن الصين عضو فى مجموعة العشرين وأظهرت دعمها الصريح لمبادرة تعليق خدمة الديون، إلا أنها حتى الآن لم تحدد أى تفاصيل، أو أرقام، بشأن التزامها بالمبادرة.
وتقول إن السبب يرجع إلى أن الصين لم توضح بعد البنوك المقرضة التى تعتبرها عامة وتلك التى تعتبرها خاصة. لكن يميل الغربيون إلى اعتبار جميع بنوك التنمية الصينية (وربما جميع الشركات الصينية فى حد ذاتها) رسمية. وهذا ما لا تريده الصين. وتضيف إليزابيث أن بكين تكافح من أجل جمع كل القروض الأجنبية من بنوك الدولة المختلفة. كما تفضل الصين إعادة التفاوض على القروض بشكل ثنائى، وليس متعدد الأطراف. كل هذا يجعل من المستحيل التنبؤ بكمية الأموال التى قد تحررها الصين.
لكن هناك عوامل أخرى تنتقص من الفوائد المحتملة لمبادرة تعليق خدمة الديون فى إفريقيا.. أولا: اختيار العديد من البلدان التى تتمتع بمقدرة أكبر على الوصول إلى الأسواق، مثل نيجيريا وكينيا وغانا ورواندا، عدم المشاركة فى هذه المبادرة لأنها تخشى أن يؤدى ذلك إلى الإضرار بجدارتها الائتمانية. بينما اختار البعض الآخر عدم الانضمام لأن أحد شروط المشاركة هو أن البلدان قد لا تحصل على قروض أخرى بشروط ميسرة طوال مدة المبادرة.
ثانيا: من غير الواضح أيضا ما إذا كان العديد من الدائنين من القطاع الخاص سينضمون للمبادرة. بالرغم من أن معهد التمويل الدولى ــ الرابطة العالمية للصناعة المالية ــ قد وعد بتقديم الدعم، ولكنْ هناك شك فى أن يقدم المستثمرون الخاصون على تقديم أى تخفيف كبير للديون.
ثالثا: تحجم بعض البلدان المؤهلة للحصول على تعليق خدمة الديون عن مطالبة دائنيها من القطاع لخاص بالانضمام إلى المبادرة لأن وكالات التصنيف الائتمانى حذرت من أنها قد تخفض تصنيفها إذا فعلت ذلك. ويقول البنك الدولى إن «وكالة موديز» على سبيل المثال وضعت بالفعل إثيوبيا وباكستان تحت المراقبة وتم تخفيض تصنيفهما لهذا السبب. وفى الوقت نفسه، لا يزال البنك الدولى وصندوق النقد الدولى يفكران فى المشاركة، ولكن يبدو أنهما قلقان أيضا من فقدانهما تصنيفاتهما فى الدرجة الأولى فى مجال الائتمان إذا حدث ذلك.
رابعا: من الواضح أن بعض «الدائنين الرسميين» قلقون من أنه إذا لم ينضم «الدائنون من القطاع الخاص»، فستستخدم الدول المدينة الأموال المحررة من خدمة الديون الرسمية لسداد الديون الخاصة.
***
كلفت مجموعة العشرين البنك الدولى بمراقبة سير عمل المبادرة لضمان أن الدول المدينة تستخدم الأموال فى محاربة الوباء وعواقبه، ولكن من غير الواضح كيف ستقوم بذلك بكل فعالية. فى ضوء هذه الصعوبات، يحث الكثيرون على تخفيف المزيد من الديون.
كما ظهرت دعوات تطالب بتمديد مبادرة تعليق خدمة الديون إلى ما بعد 2020 لتشمل جميع الدول الإفريقية. بينما يذهب تيم جونز، رئيس السياسة فى حملة اليوبيل لتخفيف الديون، إلى أبعد من ذلك. فيقول: «نظرا لأنه لابد من دفع هذا الدين بين عامى 2022 و2024، فإنه يؤدى بذلك إلى تفاقم أزمة ديون أكبر فى المستقبل». وقال لصحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست «يجب إلغاء مدفوعات الديون بدلا من تعليقها».
لا يبدو أن نادى باريس ومجموعة العشرين يفكران فى إشراك البلدان متوسطة الدخل فى مبادرة تعليق خدمة الديون. لكنهم يخططون للاجتماع فى أكتوبر لتقرير ما إذا كان سيتم تمديد البرنامج حتى عام 2021 أم لا. وتضيف أن بعض الدائنين يدركون أنه قد يتعين عليهم تجاوز مسألة تعليق خدمة ديون البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، والنظر فى إعفاء بعض ديونهم بدلا من تأجيلها فقط. وتحذر حملة اليوبيل لتخفيف أعباء الديون من أن هناك خطرا حقيقيا حيث تعمل تعليق خدمة الديون على إطالة أمد المعاناة للعديد من البلدان.
فى النهاية، هل يجب على الدائنين والمدينين أن يتحملوا بطريقة أو بأخرى المزيد من المسئولية عن الأموال التى يقرضونها ويقترضونها لمنع ظهور هذه المشكلات فى المقام الأول؟ أم أن هذه كارثة لا تتكرر إلا مرة واحدة فى الجيل؟

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد

النص الأصلى
https://bit.ly/394Chb6

التعليقات