واقعية كاملة أبو ذكرى.. الأمل حاضر دائمًا - خالد محمود - بوابة الشروق
الإثنين 13 مايو 2024 4:19 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

واقعية كاملة أبو ذكرى.. الأمل حاضر دائمًا

نشر فى : السبت 19 نوفمبر 2022 - 8:35 م | آخر تحديث : السبت 19 نوفمبر 2022 - 8:40 م
تدهشنا المخرجة كاملة أبو ذكرى، التى منحها مهرجان القاهرة السينمائى جائزة التميز، بسينما واقعية لها خصوصيتها، بصورتها وعمق تفاصيلها، وأسلوب سردها، على الشاشة، كما الحياة تُبحر فى وجدان شخصياتها قابضة على لحظات يأس تتبخر شيئا فشيئا، بينما الأمل حاضر دائما حتى وإن طالت لحظة خصامنا مع الدنيا التى توائم خصالنا وطباعنا.. هواجسنا ومخاوفنا.. أحلامنا ما ظهر منها وما بطن.. هكذا كانت فى «ملك وكتابة»، و«واحد صفر»، أيضا «يوم للستات».
«مكنتش شايف ولا خايف أشوف» جملة قالها دكتور محمود عبدالسلام لتلخص حال بطلها فى «ملك وكتابة» فى مشهد يزلزل كيان ما بين حياة تعيشها وحياة تعيشك، صورته باقتدار كاملة أبو ذكرى كمرأة حقيقية لكل من يبحث عن معنى لوجوده، عن صورة جديدة تمحو بورتريه حصاره وانطوائه وعزلته.. عن لحظة يتنفس فيها نفسه بلا أقنعة.
شكلت ملامح وحياة هذه الشخصية وحياتنا وحملت فكرا وأسلوبا جديدا.
محمود عبدالسلام شخصية من الشخصيات التى تستحق الوقوف عندها كثيرا، أستاذ التمثيل الذى يخشى مواجهة الكاميرا، فيواجه حياته كلها فى شريط يستدعى لحظة مؤلمة، لكنها فارقة لأيامة القادمة، بفضل هند، تلك الشخصية التى عاشت معه لحظات قدره، وكأن كل واحد منا يحتاج لهند فى حياته ليسلك مسار مصالحة مع النفس.
والحقيقة أن الشخصية مرسومة بدقة فى عالميها الداخلى والخارجى.
ومن دراما الفرد لدراما مجتمع بأسره جابت بنا كاميرا ورؤية كاملة أبوذكرى فى فيلم «واحد صفر» الذى قدمته مع المؤلفة مريم نعوم، حالات صادقة فى غضبها وتمردها، بسيطة فى أحلامها وقد نسجتها فى خضم حلم كبير لوطن بجرأة كبيرة ولغة سينمائية مدهشة بتلاقيها الإنسانى، كان الفيلم حقا مساحة للبوح بالحلم من خلال التعمق فى دواخل الشخصيات والإحساس بروحها وليس مجرد سرد للحالة الاجتماعية فقط.
ففكرة الفيلم ذكية كون أحداثه تدور فى مساحة زمنية معينة بسيطة حيث ينتظر الجمهور المصرى مباراة نهائية للمنتخب للفوز بكأس أفريقيا، يسود الشارع التوتر وترتبط الشخصيات بهذا الحدث العام بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وتصبح بعض مصائرها معلقة بالفوز أى النصر الكروى.
فى الفيلم نحن أمام نماذج نسائية متعددة امرأة مسيحية تحلم بالأمومة والزواج ممن تحبه، فتاة محجبة ومتدينة تبحث أيضا عن الحب والأمان، فتاة تختار طريقا آخر كى تقاوم الفقر وتبيع جسدها للسيد وللناس جميعا، من خلال أغانٍ هابطة والجميع يستمتع بها ويكسب من ورائها، وهى الخاسر الوحيد كونها فقدت حبيبها واحترام أهل حارتها.. وامراة قامت بتربية ابنها وتعمل ليلا ونهارا لتأمين لقمة العيش وفى النهاية يتركها الابن لتحقيق حلم شخصى والهروب من ماضى الآلام.. نماذج تعرفها والرابط بينها البحث عن الحب ومحاولة الشعور بالأمن والسلام.. فى الجانب الآخر نرى نماذج رجالية ليست قادرة على فهم إحساس النساء بالحب، أحدهم المشهور والذى ينعم بخير السيدة ما إن يعرف أنها حامل منه حتى يتخلى عنها ليعلن العصيان، وهو الذى عاش سنوات يتمتع بنعيمها وخيرها وجسدها، وشاب آخر يعمل كوافير ويطمح أن يكون له محله الخاص يكاد يضرب أمه ويهددها بقتل أى رجل آخر يدخل البيت وهو قد خسر حبيبته التى ذهبت لحضن رجل آخر يملك المال، ولكنها تظل بحاجة إليه وتحس به وحتى فى اللحظة التى رآها تُهان أمامه وتُضرب لم يستطع فعل شىء، ولم يستيقظ ذلك الحب القديم، وفى النهاية نرى جميع الشخصيات والنماذج ترقص من الفرح للانتصار الكروى الذى تحقق «واحد صفر»، وترفع العلم الوطنى، تاركة تساؤلات كثيرة فى خضم اللحظة الرائعة والصورة الكبيرة!!
خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات