حرية البحث العلمي والأكاديمي - عمرو هاشم ربيع - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 7:02 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حرية البحث العلمي والأكاديمي

نشر فى : الخميس 22 يونيو 2023 - 8:15 م | آخر تحديث : الخميس 22 يونيو 2023 - 8:15 م

يوم الأحد الماضى كان الحوار الوطنى على موعد مع قضية حرية البحث العلمى والأكاديمى، وهو موضوع ناقشته لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان.
موضوع حرية البحث العلمى والأكاديمى يرتبط أشد الارتباط بالمجال العام فى البلاد، بمعنى أنه إذ ما وجدت انفتاحا فى هذا المجال خاصة فى شأن وضع الجامعات ومراكز البحث العلمى ودور النشر لعرفت أن هذا البلد يتمتع بحرية رأى وتعبير مقدرة، والعكس صحيح تماما.
فى مصر وعندما وضع دستور 2012 المعدل عام 2014 أقر بالحرية الكاملة للبحث العلمى، إذ إن الدولة تكفل استقلال الجامعات والمجامع العلمية واللغوية.. وتعمل على تطوير التعليم الجامعى، وتلتزم بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم الجامعى لا تقل عن 2% من الناتج القومى الإجمالى.. وتلتزم الدولة بضمان جودة التعليم فى الجامعات الخاصة والأهلية.. (م21). وأشارت المادة التالية مباشرة إلى أن تكفل الدولة تنمية الكفاءة العلمية والمهارات المهنية للمعلمين وأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم، ورعاية حقوقهم المادية والأدبية.. (م22). وتكفل الدولة حرية البحث العلمى.. وترعى الباحثين والمخترعين، وتخصص نسبة من الإنفاق الحكومى لا تقل عن 1% من الناتج القومى الإجمالى.. (م23).
من هنا بدأ النقاش بالحوار الوطنى، والذى رصد مشكلات كثيرة يعانى منها البحث العلمى عامة والجامعات ومراكز البحوث خاصة بسبب بعض التضييق على تلك المؤسسات، بما لا يتيح لها ممارسة دورها الرائد فى المجال العلمى والتربوى والبحثى والابتكارى، ناهيك عن أن الدولة تسعى إلى أن تكون تلك المؤسسات سندا وداعما لصانع القرار، من خلال دراسة واستشراف الشأن السياسى والاقتصادى والاجتماعى على الصعيدين الداخلى والخارجى، بما يكفل رقى الدولة ورفعتها.
واحد من الأمور المهمة التى ترتبط بتقييد حرية البحث العلمى، هى حالة العوز الشديد التى تعانى منه البحوث العلمية، بسبب عدم تطبيق النسب الدستورية فى الموازنة والخاصة بالتعليم والتعليم العالى والبحث العلمى. كما أن تلك الحالة الصعبة للبحث العلمى ترتبط بالتضييق على المنح الخارجية التى توجه للبحث العلمى من مؤسسات تمويل ذات السمعة المعتبرة، والتى لها مكاتب مشروعة ومقننة فى مصر، وهى مؤسسات تعرف جميعها حساسية التدخل والمساس بالسيادة الوطنية فى هذا المضمار. خذ على سبيل المثال، مكتب الأمم المتحدة الإنمائى بالقاهرة الذى أغلق عام 2015، رغم أنه كان يتعاون مع اللجنة العليا للانتخابات ومركز الأهرام فى إصدار بعض التقارير المعنية بالانتخاب، وإمداد لجان الانتخاب على مستوى مصر: بالحبر الفسفورى، وسواتر الاقتراع، والصناديق الشفافة، وقمصان للموظفين.
أمر آخر يتصل بأعضاء هيئة التدريس والذى يطلب منهم للترقى شروطا تضعها لجان الترقى، وتلك الشروط تتباين بين لجان الترقى التى تتبدل هى الأخرى من وقت لآخر، ما يجعل هناك إرباك للأساتذة بسبب إلغاء شروط وإضافة شروط أخرى للترقى. أيضا، وفيما يتصل بالترقى، فإنه دائما ما يشترط له سفر الأستاذ إلى الخارج لكسب المهارات، وكذلك النشر فى دوريات أجنبية. هذا السفر يقابل بمعوقات كثيرة للغاية، إذ إنه على المسافر الحصول على عدة موافقات من جهات شتى قبل السفر بثلاثة أشهر على الأقل، ما يكون المؤتمر محل السفر قد ولى، وهذا الأمر أصبح يصم الجامعات المصرية، حتى إن الأولى عزفت عن توجيه الدعوات للأساتذة المصريين، خشية إلا يلبوا الطلب بسبب تلك التعقيدات.
نفس الأمر يتعلق باستقبال الضيوف الأجانب بالجامعة وهو أيضا يحتاج لعديد الموافقات المسبقة، رغم أن تلك الزيارات لا يمكن الإعداد لها إلا قبل أيام قليلة جدا. نفس الأمر بالنسبة للموافقات بشأن استقبال الطلبة الأجانب لعدة أسابيع فى الجامعات المصرية، وهم من مسجلى الدراسات العليا فى الجامعات الأجنبية، ويقوموا بذلك كى يقفوا على الحالة المصرية بالدراسة والفحص، وهو أمر متبادل ومتعارف عليه بين الجامعات الدولية.
وبالانتقال إلى التعيين فى المناصب وشروطه، خاصة لعمداء الكليات، فقد ألغى الانتخاب واستبدل بالتعيين، بعد أن كان الانتخاب هو الأصل، وهو أمر أيضا كان له إيجابياته لو أحسنت شروط الانتخاب وقواعد الاختيار بين الأساتذة.
أخيرا وليس آخرا، هناك المؤتمرات العلمية التى تعقدها الكليات المتصلة بالعلوم الاجتماعية ككلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وهى عادة مؤتمرات رغم أنها تعالج قضايا عامة، إلا أنها كثيرا ما تقابل بالرفض أو على الأقل التحفظ.
كل هذه الأمور وأمور أخرى، يجب إعادة النظر فيها ومعالجتها حتى نرتقى بالبحث العلمى، ويكون لمصر مكانة رفيعة بين دول العالم.

عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية
التعليقات