الساحل الإفريقى.. مخاطر اضمحلال دول - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 6 ديسمبر 2024 5:47 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الساحل الإفريقى.. مخاطر اضمحلال دول

نشر فى : الأحد 22 سبتمبر 2019 - 9:50 م | آخر تحديث : الأحد 22 سبتمبر 2019 - 9:50 م

نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب عبدالله محمدى نعرض منه ما يلى:

يبدو الوضع كارثيا والأمل فى إحداث تغيير سريع محبطا لآلاف الجنود من جنسيات مختلفة، انتشروا فى صحراء إفريقيا الكبرى، معظمهم فرنسيون، ومعهم مئات الآليات الحديثة من طائرات ودبابات ومركبات وجهد استخباراتى واسع، كأن هذا كله لا يستطيع إحداث التغيير المنشود لوقف الخطر الداهم، حتى القواعد العسكرية التى أقامها الأمريكيون فى المنطقة يبدو كل ذلك عاجزا عن وقف تقدم خطر الإرهاب فى منطقة تحولت خلال سنوات قليلة إلى ساحة حرب مفتوحة.
فالإرهاب فى منطقة الساحل الإفريقى يبنى له موطنا جديدا فى كل مرة ببلدان الساحل، خصوصا مالى والنيجر وبوركينا فاسو، وإذا أضفنا ما تُحدثه «بوكو حرام» فى دول بحيرة تشاد كالكاميرون ونيجيريا وتشاد، لَقُلنا إن الخَطْب بات أشد والكرب أعظم.
التقى رؤساء دول غرب إفريقيا فى واغادوغو، وحولهم مديرو أجهزة استخبارات وقادة جيوش ووزراء دفاع لبحث السبل الكفيلة بوقف الخطر الذى بات يتمدد إلى دول إفريقية أخرى مثل بنين وساحل العاج، مما ينذر كل يوم بوضع أصبح لا يطاق.
قرى بأكملها هُجّر أهلها، وأصبحت موطنا للأشباح، آلاف المهجرين الذين لا يلوون على شيء، مدارس أُغلقت ومستوصفات سُدت أبوابها، والأخطر من كل ذلك أن الجيوش الوطنية أصبحت عاجزة أمام الإرهاب الذى يتمدد من بلد لآخر.
طُرحت الأسئلة على طاولة الرؤساء وخلال اللقاءات الخاصة.. وتم التساؤل عن القدرة على تجميع مواطن قوة البلدان الإفريقية التى تواجه هذه المشكلة؟ وما مساهمة المجتمع الدولى فى هذا الكفاح من أجل التهدئة فى منطقة الساحل؟ وإلى أى مدى يمكن أن تتجاوز المساعدة ما هو قائم اليوم؟
وبين حديث قادة الجيوش ووزراء الدفاع ومسئولى الاستخبارات تسلل القائمون على اقتصاديات هذه البلدان ليطرحوا السؤال الأهم: هل تتحمل ميزانية هذه الدول الإنفاق المستمر على الدفاع على حساب جوانب التنمية الأخرى مثل الصحة والتعليم؟ وإذا استمر تمدد الإرهاب بهذه الطريقة هل تبقى للدول الهشة أصلا قدرة على البقاء؟
يبدو الأمر خطيرا لثلاث دول هى: مالى والنيجر وبوركينا فاسو. وفى الآونة الأخيرة كان تأثر بوركينا فاسو بشكل خاص كبيرا وأصبح يهدد الدولة فى صميمها، حيث لا يمر يوم دون أن تضرب الجماعات المسلحة هنا أو هناك، لا سيما فى منطقتى الساحل والشمال الأوسط.
وفى مواجهة هذا التدهور الواضح للوضع الأمنى فى منطقة الساحل، تكافح الجيوش الوطنية من أجل القيام بدورها، والسعى إلى تجميع ألوية من جيوشها فى جيش واحد، ونعنى هنا دول الساحل الخمس: موريتانيا ومالى والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، لكن هذه القوة العسكرية المشتركة لا تزال دون المأمول، فهى تفتقر إلى استراتيجية عسكرية مُحكمة، خصوصا التمويل اللازم لعملياتها المكلفة جدا فى محاربة فلول أتقنت فن حرب العصابات وخبرت الصحراء، والأخطر أنها وجدت حاضنة قوية من المجموعات العرقية والقبلية المحلية، التى لطالما كانت تعيش مشكلات كبيرة فى التعايش مع الدولة الوطنية فى هذه البلدان، وبعضها تعرض للتهميش ولديه مظالم اجتماعية، وينتشر فيها الفقر والمرض والجهل، الخصال التى تفتح أبواب هذه المجتمعات للمسلحين الذين يَعِدونهم بالجنة.
الأمم المتحدة تملك قوة عسكرية قوامها 15 ألف رجل فى دولة مالى، ولكنهم عاجزون عن أداء مهامهم، ويكلفون ميزانية ضخمة، ومع ذلك يرفض مجلس الأمن الدولى وضع جيش الساحل تحت البند السابع للأمم المتحدة، وبالتالى منحه صلاحيات أكثر وحماية قانونية، ولكن الأهم منحه تمويلا أمميا سيحل الكثير من مشكلاته.
ومن الصعب إعادة الذى مزّقه مقاتلو «داعش» و«القاعدة» الذين يجدون فى ليبيا المفككة قاعدة خلفية مريحة وأرضا خصبة للتدريب والاتجار بجميع أنواعه؛ وهذا يبرر تشاؤم الاستراتيجيين العسكريين الفرنسيين الذين لا يروْن تهدئة منطقة الساحل لمدة قد تصل إلى 20 سنة.
ويبقى الطموح الكبير، من خلال معالجة مسألة الأمن فى منطقة الساحل، هو وضع الأساس لتوسيع منطقة الساحل من مجموعة الخمس إلى مجموعة الـ10 أو حتى مجموعة الـ12. فبالإضافة إلى بوركينا فاسو ومالى وموريتانيا والنيجر وتشاد، التى شكّلت بلدان خط المواجهة، يمكن أن تشمل المجموعة الموسعة أيضا بنين وتوغو والسنغال وغانا والكاميرون وكوت ديفوار ونيجيريا. وباختصار، فإن مؤتمر القمة الاستثنائى فى واغادوغو يمكن أن يكون خطوة نحو مجموعة الخمس الموسعة من أجل التصدى على نحو أفضل لحرب طويلة الأجل من أجل إحلال السلام فى منطقة الساحل.
ولكن الإحساس بالخطر والمساهمة فى محاولة الوقوف فى وجهه لم تكن مقتصرة على هذه الدول وحدها، فالمغرب الذى شارك فى القمة بوفد حكومى رفيع المستوى، كان ينظر بكثير من القلق إلى ما يجرى فى بلدان كثيرا ما شكّلت عمقه التاريخى وأصبحت مؤخرا منطقة نفوذ اقتصادى له، فساند المغرب بقوة تشكيل تحالف دولى من أجل مكافحة الإرهاب فى منطقة الساحل وغرب إفريقيا.
ورغم النيات الحسنة ودعوات الجميع للسعى المشترك، وتعهدات الدول الأوروبية بالمساعدة والأمل فى جمع مليار دولار، فإن المتابعين يأملون ألا تذهب كل تلك الوعود للأدراج السفلية فى مكاتب القادة.

التعليقات