شكرًا للأخ العقيد - فهمي هويدي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 2:12 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شكرًا للأخ العقيد

نشر فى : الأربعاء 22 ديسمبر 2010 - 9:17 ص | آخر تحديث : الأربعاء 22 ديسمبر 2010 - 9:18 ص

 وحده العقيد معمر القذافى يمكن أن يفعلها: أن يدعو إلى عقد اجتماع لمجلس الدفاع العربى المشترك. ذلك أننى لاأعرف زعيما عربيا يمكن أن يخطر على باله أنه لايزال فى العالم العربى كيان أو مؤسسة باسم مجلس الدفاع المشترك.

وإذا افترضنا جدلا أن بين أولئك الزعماء من احتفظت ذاكرته باسم المجلس، فإننى أشك كثيرا فى أن «يتهور» واحد منهم ويدعو أعضاءه للاجتماع فى ظل الظروف الراهنة.

وإذا وجد من يغامر بذلك، فلدى شك كبير فى أن تلقى الدعوة أى ترحيب من جانب أغلب الحكومات العربية، لسبب جوهرى هو أن ملفات هذا «الشغل» انتقلت إلى عواصم أخرى بعيدة لا علاقة لوزراء الخارجية والدفاع العرب بها، الاستثناء الوحيد الذى يمكن أن يخرج على ذلك المألوف هو الأخ العقيد، بوصفه الزعيم العربى الذى يتعذر التنبؤ بتصرفاته، وقد عود الجميع على مفاجآته.

ليس لدىّ أى تحفظ أو استنكار للدعوة، وإنما العكس هو الصحيح. حيث اعتبرها من مفاجآت العقيد المنعشة والسارة. ولست أخفى أننى أتمنى أن يؤخذ الأمر على محمل الجد، بحيث يصبح العمل العربى المشترك حقيقة نعيشها، وليس حلما يداعب خيالاتنا، وألا يقتصر التعاون العربى على اجتماعات وزراء الداخلية وتبادل معلومات الأجهزة الأمنية.

كما أتمنى أن يكون لوزراء الخارجية والدفاع العرب كله فى قضايانا المصيرية، بدلا من المشهد المهين والمزرى الذى صرنا إليه، منذ قيل لنا إن 99٪ من أوراق اللعبة السياسية فى يد الولايات المتحدة الأمريكية.

الدعوة لتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك جاءت من ليبيا باعتبار أنها ترأس القمة العربية فى الوقت الراهن. وقد فوجئت بها الأمانة العامة لجامعة للدول العربية منذ ثلاثة أسابيع حين تلقتها ضمن مذكرة بعثت بها الخارجية الليبية، التى اقترحت عقد الاجتماع المفترض فى مدينة «سرت» فى الفترة ما بين 15 و20 ديسمبر الحالى.. لم تشر المذكرة إلى سبب توجيه الدعوة وعلاقة ذلك بالظروف التى تمر بها الأمة العربية، لكنها أشارت إلى أن الهدف هو تفعيل معاهدة الدفاع التى وقعت بين الدول العربية فى سنة 1950، وتنشيط مؤسسات العمل العربى المشترك وذلك من خلال دراسة السبل الكفيلة بتنفيذ نصوص المعاهدة المذكورة، ومواكبة التطورات فى مجال الدفاع على المستوى الوطنى العربى، بما يحقق الأهداف والغايات المرجوة من إنشائه.

لغة المذكرة تمتص شحنة الحماس التى يستشعرها المرء لأول وهلة حين يتلقى الخبر، حيث تعطى انطباعا بأن الهدف منها هو مجرد تفعيل آليات المجلس، وليس شيئا آخر مما يخطر على بال الذين يبحثون عن عرب حقيقيين يدافعون عن عرض الأمة المستباح، أو حتى الغيورين على العمل العربى والحالمين به.

وأغلب الظن أن الذين أعدوها كانوا مدركين لحدود حركة وسقف الإرادة العربية. ولذلك فإن أمانة الجامعة العربية تعاملت معها بهدوء يليق بحدودها المتواضعة، فوزعتها على الدول الأعضاء التى لم تأخذها بدورها على محمل الجد، إذ لم تقبلها ولم ترفضها، لكنها فوتت الموعد المقترح، وطلبت أغلب الدول دراسة الموضوع دراسة وافية بما يعنى إحالة الاقتراح إلى المستقبل المجهول.

هذا الذى حدث ليس مستغربا، لأن مجلس الدفاع العربى لم يجتمع منذ أكثر من 40 عاما، وكانت آخر اجتماعاته قبل حرب 67 وبعد عبور الجيش المصرى إلى سيناء عام 73.

وبعد انتقال الجامعة العربية إلى تونس عقد المجلس دورة طارئة عام 81، لم تحضرها مصر التى كانت قد وقعت اتفاقية الصلح مع إسرائيل عام 1979. وبعد ذلك الاجتماع مباشرة اجتاحت إسرائيل لبنان واحتل العراق الكويت ودمر العراق فى وقت لاحق وتواصل الانقضاض الإسرائيلى على فلسطين، وظلت الحكومات العربية متفرجة على ما يجرى، دون أن يحرك فيها كل ذلك شيئا.

شكرا للأخ العقيد لأنه ذكرنا بما نسيناه، وأخرج اتفاقية الدفاع المشترك من مدفنها لكى تطل علينا فى خبر منشور، قبل أن تعود إلى كفنها مرة أخرى.

فهمي هويدي فهمى هويدى كاتب صحفى متخصص فى شؤون وقضايا العالم العربى، يكتب عمودًا يوميًا ومقالاً اسبوعياً ينشر بالتزامن فى مصر وصحف سبع دول عربية اخرى. صدر له 17 كتابا عن مصر وقضايا العالم الاسلامى. تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1961 ويعمل بالصحافة منذ عام 1958.