مفاوضات لإنهاء كل الحروب فى السودان - قضايا إفريقية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مفاوضات لإنهاء كل الحروب فى السودان

نشر فى : السبت 23 نوفمبر 2019 - 11:10 م | آخر تحديث : السبت 23 نوفمبر 2019 - 11:10 م

نشر موقع Institute for security studies تقريرا حول الدور الذى يلعبه الاتحاد الإفريقى فى المفاوضات الجارية لإنهاء الحرب الأهلية فى السودان، والتهديدات التى تواجه عملية السلام وكيفية مواجهتها.. ونعرض منه ما يلى:
بدأت الحكومة الانتقالية فى السودان محادثات سلام فى سبتمبر 2019 مع جماعات مسلحة فى أجزاء من البلاد تعانى من صراعات طويلة الأمد، لا سيما فى النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور. كما يتعين على الاتحاد الإفريقى، الذى كان له دور فعال فى الوساطة بين المجلس العسكرى الانتقالى والمدنيين عقب إقالة الرئيس عمر البشير فى وقت سابق من هذا العام، أن يستمر فى لعب دور حاسم فى عملية السلام. فهو له دور كوسيط وضامن للاتفاق الذى سينبثق من المفاوضات الحالية. ووفقًا لاتفاق تقاسم السلطة الموقع فى أغسطس 2019 والمحدد له فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات على الأقل، فإن الحكومة الانتقالية أمامها ستة أشهر لاستكمال اتفاقات السلام مع جميع الجماعات المسلحة فى السودان.
استضاف رئيس جنوب السودان «سلفا كير» محادثات السلام فى جوبا وأسفر عن إعلان يهدف إلى بناء الثقة بين الأطراف المتفاوضة. كما وفر إعلان جوبا إطارا لمزيد من المفاوضات. حيث ألغى الإعلان التهم الجنائية ورفع حظر السفر الذى فرضه البشير ضد العديد من قادة الجماعات المسلحة. كما ألزم الموقعين على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. ووافقت الجماعات المسلحة بدورها على إنشاء «ممر إنسانى» لتوزيع المساعدات.
حددت المزيد من المحادثات التى دارت بين المتمردين والحكومة الانتقالية فى أكتوبر القضايا الأساسية للتفاوض، والتى سيتم مناقشتها عندما يتوقع استئناف المفاوضات فى منتصف أو أواخر نوفمبر.

من سيقود عملية الوساطة؟
إن التوصل إلى اتفاق سلام ناجح مع الجماعات المسلحة سيتيح الفرصة لوضع خارطة طريق للأهداف التالية المتمثلة فى بناء السلام وبناء الدولة فى السودان. وإن كان لابد من تحقيق ذلك، فإن الالتزام المستمر بعملية السلام من قبل جميع أصحاب المصالح أمر بالغ الأهمية.
كجزء من دور الوساطة، طلب الموقعون على إعلان جوبا من الاتحاد الإفريقى «إصدار تفويض جديد بشأن مفاوضات السلام فى السودان». بعد ذلك، طلب مجلس السلام والأمن (PSC) فى اجتماع عُقد فى 10 أكتوبر من رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى تقديم اقتراح فى هذا الصدد فى أقرب وقت ممكن. على أن يوضح الاقتراح من سيقود عملية الوساطة، ويوضح بالتفصيل الدعم الفنى الذى سيقدمه الاتحاد الإفريقى لعملية السلام الجارية.
يجب أن يجعل الوسيط بناء الثقة أولوية للتغلب على عدم الثقة بين الأطراف المتصارعة، والتى قد تعيق المفاوضات. كما يجب أن يتابع مجلس السلام والأمن عن كثب عملية السلام، مع تقديم إحاطات منتظمة من جانب الوسيط للاتحاد الإفريقى.

***
من بين القضايا التى طرحتها الجماعات المسلحة للتفاوض هى كيفية معالجة الأسباب الجذرية للصراع. وتشمل هذه الأسباب التهميش السياسى والاجتماعي ــ الاقتصادى، والافتقار إلى الحرية والعدالة، وهيمنة المركز على المناطق المحيطة بالبلد (الأطراف)، والفشل فى إدارة التنوع العرقى والدينى. المسألة الرئيسية الثانية المطروحة للمناقشة هى ترتيب عملية تقاسم السلطة. لقد أجلت الحكومة الانتقالية إنشاء المجلس التشريعى الانتقالى وتعيين سلطات الدولة فى محاولة لإشراك الجماعات المسلحة فى تشكيل هذه الهياكل الحكومية. فمن المتوقع أن تدعو الجماعات المسلحة إلى إعادة تشكيل مجلس الوزراء، مع تخصيص ثلاث وظائف للمعينين من المناطق المحيطة بالبلد، وإدماجهم فى مناصب المجلس وترشيحهم لمناصب حاكمة فى مناطقهم.
المسألة الثالثة المطروحة للمناقشة هى نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة وتسريحها وإعادة إدماجها، بما فى ذلك القوات شبه العسكرية مثل ميليشيات الجنجويد وقوات الدعم السريع RSF. سوف تتناول المفاوضات أيضًا إصلاح قطاع الأمن (SSR) وإنشاء جيش موحد ومحترف. حيث تتوقع الجماعات المسلحة من عملية إصلاح قطاع الأمن حل جهاز الاستخبارات والأمن الوطنى وإعادة دمج جنودهم. كما أُعتبر حجم الجيش والعلاقات المدنية ــ العسكرية والرقابة الديمقراطية قضايا إضافية يتعين الاتفاق عليها.
الأحكام الاقتصادية هى أيضا محل للتفاوض. والجدير بالذكر أن التقاسم العادل للعائدات من استخراج الموارد الطبيعية مثل الذهب واليورانيوم وخام الحديد والنحاس والنفط، والتى توجد فى الرواسب العالية فى دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، سيصبح من ضمن القضايا التى سيتم التفاوض بشأنها أيضا.
من المتوقع أن تتناول محادثات السلام أيضًا إدارة العدالة الانتقالية وفقًا لمشروع الميثاق الدستورى. كما طالب عدد من الجماعات المسلحة بتسليم البشير وغيره من المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية إلى المحكمة الجنائية الدولية، وإجراء تحقيق مستقل فى هجمات 3 يونيو على المحتجين.

فرص السلام
ظهرت عدة فرص للسلام خلال الانتفاضة التى أطاحت بالبشير من منصبه.
إحدى الفرص الرئيسية هى أن قوات المقاومة المدنية، وهى جزء حاليًا من الحكومة الانتقالية، والجماعات المسلحة بدأتا فى التعاون أثناء الانتفاضة. وأدى ذلك إلى خلق علاقة عمل سمحت لهم بالالتقاء للمفاوضات رغم تحفظات الجماعات المسلحة على أحكام الإعلان الدستورى الانتقالى وتحفظات المدنيين على إعلان جوبا.
ومن ضمن الفرص الأخرى للسلام هى العملية الحالية للتفاوض وصنع السلام بين الجماعات المسلحة التى قُوضت فى الماضى وحارب بعضها بعضًا فى بعض الأحيان. كما أن التغييرات السياسية الرئيسية فى السودان جعلت الصراع «مهيأً» للمفاوضات. يوجد حاليا ضغوط كبيرة من داخل السودان وخارجه على الجماعات المسلحة لإنهاء النزاع. إذا فشلوا فى ذلك، فإنهم يخاطرون بفقدان الشرعية السياسية ومواجهة عقوبات إضافية من الاتحاد الإفريقى. ومن جانبه، حذر مجلس السلام والأمن من أنه سيفرض عقوبات على المخربين وأولئك الذين فشلوا فى المشاركة فى عملية السلام.

تهديدات ملحّة لعملية السلام
تواجه عملية السلام الحالية العديد من التحديات التى ستظهر مع استمرار المفاوضات. التحدى الأكثر الحاحًا هو انعدام الثقة بين أصحاب المصلحة الرئيسيين، الذين لا يعتقدون أن نظراءهم يتفاوضون بحسن نية. حيث اتهم عدد من الجماعات المتمردة الحكومة الانتقالية بأن القوات العسكرية تهيمن وتسيطر عليها والتى ظلت تقاتلها منذ عقود. وبالتالى، فهم غير مقتنعين بأن عملية السلام الحالية تختلف عن عدد من الاتفاقيات السابقة التى يقولون إن حكومة البشير فشلت فى تنفيذها.
وهناك أيضا انعدام ثقة عميق داخل الجماعات المسلحة وفيما بينها. تاريخيا، انقسمت الجماعات المسلحة والائتلافات، ووقعت الجماعات المنشقة صفقات منفصلة مع الحكومة. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بين المدنيين من أن الجماعات المسلحة قد لا تسعى لتحقيق السلام كهدف رئيسى. حيث يخشى المدنيون من أن تنتهز الجماعات المسلحة عملية السلام محاولةً تعظيم مكاسبها السياسية والاقتصادية الضيقة.
إن انعدام الثقة فى هذه المرحلة من المفاوضات سيؤدى إلى إمكانية عرقلة بناء التوافق فى الآراء بشأن القضايا الموضوعية التى ينبغى معالجتها خلال عملية السلام.
***
من المتوقع استئناف محادثات السلام فى نوفمبر مع مشاركة جميع الموقعين على إعلان جوبا. تشمل الجماعات المسلحة التى وقعت الإعلان الحركة الشعبية لتحرير السودان ــ الشمال (SPLMــN) بقيادة مالك آجار من النيل الأزرق؛ والحركة الشعبية لتحرير السودان ــ الشمال، بقيادة عبدالعزيز الحلو من جنوب كردفان؛ حركة العدل والمساواة؛ حركة تحرير السودان، بقيادة مينى ميناوي؛ حركة تحرير السودان، بقيادة عبدالواحد نور من دارفور؛ حركة تحرير كوش (KLM)؛ مؤتمر البجا؛ والجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة (UPFLJ)، من شرق السودان.
قبل وأثناء المرحلة التالية من محادثات السلام، ينبغى على وسطاء الاتحاد الإفريقى اتخاذ تدابير لبناء الثقة تعالج التحدى الفورى والملحّ الذى تواجهه عملية السلام، وهى قلة الثقة بين الأطراف المتصارعة.
ستساعد تدابير بناء الثقة الأطراف المتصارعة على تقديم تنازلات سياسية ودفع عملية السلام لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع. بالإضافة إلى النخب السياسية، ينبغى أن يشمل بناء الثقة أيضًا الدوائر الانتخابية الأوسع نطاقًا.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى: من هنا

التعليقات