بانطلاق حملة الكشف والعلاج المبكر لطلبة المدارس الابتدائية من "أمراض السمنة والأنيميا والتقزم"، تنفيذا لتكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي، تكون مصر قد فتحت صفحة جديدة فى ملف الاهتمام بصحة المصريين الذى يحمل عنوان (100 مليون صحة)، والذى سجل حتى الآن نجاحات ملموسة فى حملة الكشف المبكر عن فيروس سى والأمراض غير السارية، إنهاء قوائم انتظار إجراء الجراحات، وإصدار قانون التأمين الصحى الشامل الذى يشمل جميع المصريين، وجميعها أسفر عن تأكيدات المنظمات الدولية أن المبادرات التي تعمل الحكومة المصرية على تنفيذها كفيلة بتحسين الوضع في مصر، حيث إن لكل مبادرة استراتيجية تحرك واضحة وأهدافا محددة تقوم عليها، محصلتها توفير العلاج الإنسانى والحياة صحيا بأمان.
شعار الحملة "أولادنا أمانة نحميهم ونحافظ عليهم"، يأتى معبرا بصدق عن أهدافها، حيث تستهدف جميع تلاميذ وطلبة المدارس الابتدائية الحكومية والخاصة والمعاهد الأزهرية بالمحافظات المختلفة، من سن 5 سنوات إلى نهاية المرحلة الإعدادية، وقوامهم 1,3 مليون طالب وطالبة، وإجراء الكشف المبكر عليهم من خلال لجان طبية تجوب جميع المدارس الابتدائية، تقديم خدمة طبية متميزة للعلاج والوقاية من أمراض الأنيميا والسمنة والتقزم، توفير التوعية الملائمة لنمط غذائي صحي وممارسة الرياضة، مما يساهم فى الحفاظ على صحة التلميذ والطالب المصرى، وبالتالى تنشئة أجيال من الشباب لا يعانون من أعراض صحية تؤثر على مستقبلهم.
الخطط العلاجية للحملة تم إعدادها على ضوء نتائج البحث والمسح الطبى الذى أجرى على عينة عشوائية، واستنادا على ذلك تم وضع التدخلات التي من شأنها تحسين صحة الطلاب وضمان تحقيق النمو الشامل للتلاميذ ورعايتهم الصحية وخاصة في هذه المرحلة الهامة وتأثيرها عليهم لسنوات عمرهم ، حيث أن الأنيميا وسوء التغذية ناتجة عن مزيج من العوامل التى لا تظهر أعراضها في مراحل مبكرة.
الحملة التى تنفذ وفقا لرؤية "مصر 2030"، تتم على 3 مراحل، الأولى تشمل 11 محافظة هى الفيوم، دمياط، أسيوط، مطروح، بورسعيد، جنوب سيناء، القليوبية، البحيرة، الإسكندرية، الجيزة، وقنا)، والثانية تشمل 11 محافظة أيضا هى القاهرة، السويس، والإسماعيلية، كفر الشيخ، المنوفية، بنى سويف، سوهاج، شمال سيناء، البحر الأحمر، أسوان، والأقصر، بالإضافة إلى 5 محافظات تحتضنها المرحلة الثالثة وهى محافظات الدقهلية، الشرقية، الغربية، المنيا، والوادى الجديد.
"السمنة والتقزم والأنيميا"، مثلث الخطر الذى يهدد صحة أطفال المدارس، وتتسبب هذه الأمراض مستقبلا فى إنتاج جيل ضعيف البنية قليل الإنتاج مصاب بالعديد من الأمراض التى تثقل كاهل موازنة الدولة، والأمراض الثلاثة هى أعراض لسوء التغذية، خاصة أن بعض الأسر مازالت تعتقد أن بدانة الطفل تعنى صحة جيدة، على عكس الحقيقة، حيث تعكس السمنة أن الطفل يتناول طعاما غير صحى يؤثر على الهرمونات التى تؤدى إلى التقزم والأنيميا، وأن سوء التغذية لا يعنى بالضرورة نقص الغذاء فقط، ولكن يعنى أيضا السلوكيات التغذوية الخاطئة مثل الرضاعة الصناعية التى تفضل على الرضاعة الطبيعية وتناول أطعمة غير متوازنة فى الكم أو النوع ولا تناسب العمر، وتناول أطعمة ضارة ببعض الأمراض وإدمان الأغذية الغربية سريعة النمط، والإصابة بالالتهابات المتنوعة.
وبالرغم من أن سوء التغذية نادرا ما يسجل كسبب الوفاة فإنه عامل مهم مشترك فى 50% من الأسباب الأخرى لوفيات الأطفال أقل من 5 سنوات، ومن علاماتها الهزال وظهور أجزاء نحيلة من الجسم مثل الكتفين والذراعين والأرداف والساقين والضلوع، تورم القدمين، نقصان الوزن أو زيادته، وعدم ملاءمة الوزن مع العمر أو طول القامة وشحوب اليدين والقدمين.
وتشمل الحملة الفحص الطبى الشامل وقياس نسبة الهيموجلوبين بالدم للكشف المبكر عن الأنيميا، قياس الطول والوزن لتحديد مؤشر كتلة الجسم ومستوى السمنة والتقزم ومن يثبت إصابته من التلاميذ بأحد هذه الأمراض يتم تحويله لعيادات التأمين الصحي لتلقى الخدمة الطبية بالمجان، وتم توفير كافة الأجهزة والأدوات الطبية المستخدمة على أعلى مستوي لضمان حماية صحة الطلاب.
والأنيميا مؤشر قوى على سوء التغذية واعتلال الصحة، ومن أهم العوامل التى ترمى بالإنسان فى دوامة الأمراض، وتهمل ولا تعالج العلاج الأمثل، وتتكرر لغياب ثقافة الوقاية، وهى مشكلة صحية عامة يعانى منها الفقراء والأغنياء على حد سواء كبارا وصغارا، وتتربع على قائمة المشاكل الصحية التى تعوق تنمية المجتمع، وهى السبب الرئيسى فى شكوتى التعب والضعف العام الشهيرتين، وتتضمن 400 نوع، أبرزها وأكثرها شيوعا أنيميا الحديد، حيث أن معدلات الإصابة بها فى تزايد مستمر فى العالم النامى، وخطورتها تكمن فى أن عنصر الحديد يلعب دورا أساسيا فى تكوين هيموجلوبين الدم والميوجلوبين فى العضلات، ويعتبر كلاهما يحمل الأكسجين إلى الخلايا.
ومن أعراض الإصابة بأنيميا نقص الحديد الإعياء وضيق فى التنفس، شحوب لون الجلد، زيادة اللون الأزرق فى بياض العينين، العصبية، زيادة معدل ضربات القلب، الصداع، التهابات اللسان، صعوبة التركيز، الدوخة، هشاشة الأظافر، تشقق زوايا الفم، وتكرر الالتهابات، والآثار الصحية الأكثر فداحة للأنيميا هى زيادة خطر وفيات الأمهات والأطفال بسبب الأنيميا الشديدة، ومن العواقب السلبية للأنيميا تأخر التنمية المعرفية والجسدية للأطفال، انخفاض الأداء البدنى للأطفال والبالغين، وتم حساب الزمن الضائع للبشر بسبب أنيميا نقص الحديد، وكان ما يعادل فقدان 25 مليون عام سنوياً من أعمار البشر نتيجة الغياب عن العمل أو الدراسة أو الوفاة المبكرة.
وستقوم الحملة بتوفير توعية كاملة للمصابين بالسمنة بالطرق الغذائية السليمة، بالإضافة إلى توفير برامج تغذية لخفض الوزن للأطفال مع المتابعة الدقيقة لهم من خلال الاستشاريين والمتخصصين فى العيادات المختلفة، توفير العلاج للمصابين مع تقديم سبل تغذية سليمة لهم حتى شفائهم، ولأولياء الأمور دور فى متابعة الطلاب حتى انتهاء العلاج للمصابين، ويصاب الأطفال بالأنيميا والتقزم والسمنة نتيجة الرضاعة الصناعية دون الطبيعية، ويتسبب ذلك فى معاناة 42% من أطفال مصر من الأنيميا، و21% من التقزم، بالإضافة إلى أن حمل الأوزان الخاصة بحقيبة الكتب المدرسية، يؤدى إلى توقف نمو الأطفال وعدم السماح لهم بالطول، لتتسبب هذه الأوزان فى تعرض العمود الفقرى لحمل لا يتناسب طرديا مع نموه،عند التحميل عليه، وتصبح حركة الغضاريف والفقرات العنقية والقطنية متوقفة، وبالتالى لا تسمح بنمو الطفل وطوله.
وكانت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان والدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني قد أطلقا يوم السبت الماضي رسميا الحملة القومية للكشف المبكر عن الأنيميا والتقزم والسمنة لطلاب المدارس بجميع محافظات الجمهورية ؛ تنفيذا لتكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي حيث بدأت مرحلتها الأولى من 17 فبراير الجاري وحتى 2 أبريل المقبل وتستهدف حوالي 11.5 مليون طالب وطالبة.
وقالت وزيرة الصحة، في مؤتمر صحفي مشترك عقد بمقر مجلس الوزراء، إن الحملة ستتم على 3 مراحل وتستهدف طلاب المدارس على أن يتم إحالة التلاميذ المصابين بهذه الأمراض إلى اللجان الطبية بالتأمين الصحي للعلاج مجانا دون تحمل أي تكاليف من جانب الطلاب.