انتصار الديمقراطية - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 3:18 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انتصار الديمقراطية

نشر فى : الإثنين 2 يوليه 2012 - 8:40 ص | آخر تحديث : الإثنين 2 يوليه 2012 - 8:40 ص

من لم يفرح بالأمس بتنصيب أول مدنى رئيسا للجمهورية، فليفرح بانتصار الديمقراطية، من يخاف اليوم من وجود رئيس منتمٍ لجماعة الإخوان، فليطمئن طالما بقيت الديمقراطية، من يبحث عن هدف وسط حالة الاستقطاب التى خرجت بها البلاد مثخنة بجراحها من مرحلة انتقالية صعبة، فلتكن قضيته هى «حماية الديمقراطية».

 

أخيرا انتصرت الديمقراطية فى مصر.. وعندما تنتصر الديمقراطية ليس يهم أسماء المنتصرين وأسماء المخفقين، المهم أن هذا الشعب امتلك آلية للعيش والمشاركة والمساواة وصنع القرار، امتلك حق الاختيار، وعرف الطريق الآمن والحضارى للتغيير والمحاسبة، وأنهى زمن الفراعين بكل ما كان يحمله من استبداد وتأليه، وأيضا زمن الحكام المتقدسين بزعم أنهم وكلاء الله فى الأرض.

 

معركة جولة الإعادة تحديدا بين محمد مرسى الذى كان يمثل التيار الأصولى العريض، وبين أحمد شفيق الذى كان يمثل النظام السابق، كانت أكبر رد اعتبار للديمقراطية، فالمتنافسان اللذان خرجا من مدارس فى أصلها لا تقدر الديمقراطية ولا تقيم لها وزنا، طرف يعتبرها «كُفرا» أو على الأقل اعتبر الأوائل منه التنافس الحزبى والديمقراطى والكفر سواء، وطرف ازدراها وشوهها، وحاول تدجينها والسيطرة عليها فى إطار ديكورى بحت زاعما أن الشعب غير ناضج لممارسة اختياره، لكن الطرفين اضطرا فى محطة تاريخية فارقة، أن يلجآ لصندوق الاقتراع النزيه، وأن يمارسا الديمقراطية الحقيقية التى يكون الحكم فيها للشعب وإرادته، فعبر من عبر إلى مقعد الرئاسة بفارق ضئيل، منهيا أسطورة الـ99%.

 

انتصرت الديمقراطية حتى فى عقر دار خصومها داخل المجتمع.. منحت السلطة لتيار فشل فى الحصول عليها طوال عقود من العنف المسلح والعمل السرى، ولجأ إليها من أطاحت بهم الثورة وتعلقوا بأهدابها لعلها تعيد لهم ما ضاع فمنحتهم شرف المنافسة فى وقت عز فيه ما يتشرفون به.

 

حتى تجارب الحكم الأصولية فى المنطقة.. أنت لا تجزع إلا من تجارب اعتلا فيها الأصوليون الحكم بانقلابات عسكرية أو بعد حروب أهلية، والفارق هائل بين تجربة بدأت بانقلاب فى السودان.. وأخرى بدأت بصندوق اقتراع فى تركيا.

 

فى نظام ديمقراطى ودولة دستورية حديثة أنت لست فى حاجة إلى تطمينات من أحد، فالديمقراطية ليست فقط صندوق اقتراع نزيه، لكنها فى المقام الأول مجموعة قيم أساسية تفرض على المجتمع أن يحترم اختيار الصندوق ويحمى حق الأغلبية فى إدارة الحكم، كما تفرض على الأغلبية حماية حقوق الأقلية فى الاختلاف، وتضمن شكل الدولة ومقوماتها الأساسية فلا تتغير بتغير الأحزاب الحاكمة، وتضمن آليات تداول السلطة، وحماية الحريات العامة بكل ما تندرج تحته من حماية للحريات الدينية والثقافية والاجتماعية وكفالة المساواة الكاملة بين المواطنين دون تمييز على أى معيار دينى أو جنسى أو عرقى وكل مكونات حقوق الإنسان، إلى جانب قوة آليات المحاسبة ونفاذها والسيادة الحقيقية للقانون.

 

الديمقراطية كانت الحل وتبقى دائما الحل للمؤيدين والمعارضين، للمطمئنين والخائفين والمترددين.. هى التى انتصرت يوم تسليم السلطة أمس، ولو لم تجلب الثورة ودماء الشهداء غيرها لكفى بها إنجازا.. احموا الديمقراطية يرحمكم الله!  

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات