قراءة في تشكيل حكومة نتنياهو وسياساتها وكيفية مواجهتها - قضايا إستراتيجية - بوابة الشروق
الإثنين 6 مايو 2024 11:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قراءة في تشكيل حكومة نتنياهو وسياساتها وكيفية مواجهتها

نشر فى : الثلاثاء 3 يناير 2023 - 8:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 3 يناير 2023 - 8:10 م
نشر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية مقالا للكاتب محمد إبراهيم الدويرى تناول فيه محددات تشكيل حكومة نتنياهو والمشكلات التى ستواجهها على الصعيدين الداخلى والخارجى، مشيرا إلى كيفية التعامل مع تلك الحكومة... نعرض من المقال ما يلى.
الحديث عن أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة «بنيامين نتنياهو» التى صدق الكنيست عليها ومنحها الثقة يوم 29 ديسمبر 2022 تعد أكثر الحكومات المتطرفة فى تاريخ إسرائيل يعتبر من وجهة نظرى حديثا مستهلكا ويأتى من قبيل إقرار واقع أليم وليس به أى جديد.
فى ضوء تشكيل الحكومة والملابسات المحيطة بهذا التشكيل يمكن القول إن أهم ما يميزها ليس فقط أنها شديدة التطرف، بل هناك مجموعة من المحددات الهامة يجب الإشارة إليها على النحو التالى:
المحدد الأول: أن هذه الحكومة رقم 37 جاءت فى أعقاب خمسة انتخابات أجريت خلال أربع سنوات وهو ما عكس وجود أزمة فى النظام السياسى الإسرائيلى، ومن ثم كان هناك حرص من الناخبين الإسرائيليين على أن يقوموا بالمساهمة فى حل هذه المشكلة بأنفسهم من خلال التصويت بنسب عالية (حوالى 72%) فى انتخابات الكنيست الخامس والعشرين حتى يتم تشكيل حكومة قوية ومستقرة يمكن أن تستمر لأطول فترة ممكنة.
المحدد الثانى: أن حكومة «نتنياهو» قد شهدت سن مبادئ جديدة أقرتها بعض التشريعات التى وافق عليها الكنيست منذ أيام قليلة واستهدفت دعم موقف «نتنياهو» خلال مفاوضات تشكيل الحكومة، ومن بين القوانين التى تم تمريرها (إمكانية أن يتولى المنصب الحكومى أى شخص تم الحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ وذلك حتى يمكن لزعيم حركة شاس «أرييه درعى» تولى منصب وزارى – استحداث منصب وزارة الأمن القومى بدلا من وزارة الأمن الداخلى ومنحها إلى «إيتمار بن غفير» مع إعطائه مزيدا من الاختصاصات الأمنية وخاصة فى الضفة الغربية).
المحدد الثالث: أن هذه الحكومة متناغمة فى التوجهات السياسية حيث إنها لم تشرك معها أية أحزاب من خارج التوجهات اليمينية والدينية وذلك بهدف ألا تتعرض إلى مشكلات أو مزايدات من أحزاب صغيرة يمكن أن تؤدى إلى تفكيك الحكومة فى أى وقت.
المحدد الرابع: أن «نتنياهو» كان حريصا على الانتهاء من تشكيل الحكومة بأى شكل أو ثمن ممكن وفى آخر لحظات انتهاء التفويض، ومن ثم فقد وافق على تقديم تنازلات غير مسبوقة لشركائه فى الائتلاف وخاصة لحزب الصهيونية الدينية حتى يقطع الطريق أمام أية محاولات للحيلولة بينه وبين أن يتولى منصب رئيس الوزراء.
المحدد الخامس: منح منصب وزير الدفاع إلى شخصية عسكرية معروفة ومحترفة وهو الجنرال «يوآف جالانت» وهو عضو كنيست عن الليكود وذلك حتى يحول دون رغبة المتطرف «سموتريش» تولى هذا المنصب، إلا أنه تم منح الأخير منصبا جديدا مستحدثا وهو وزير فى وزارة الدفاع بالإضافة إلى منصب وزير المالية.
المحدد السادس: أن «خطاب نتنياهو» فى الكنيست خلال جلسة التصويت على حكومته حدد أولويات الحكومة فى ثلاث أولويات رئيسية وهى منع إيران من امتلاك السلاح النووى ثم تحسين الأوضاع الداخلية الإسرائيلية وأخيرا دعم وتوسيع اتفاقات التطبيع مع الدول العربية.
• • •
من المؤكد أن حكومة نتنياهو سوف تواجه مجموعة من المشكلات على المستوى الداخلى من أهمها تنازع الصلاحيات الأمنية والعسكرية والقضائية بين الحكومة ووزرائها المختصين فى هذا الشأن وبين المؤسسات المعنية بهذه المجالات حيث نجح بعض الوزراء فى الحصول على صلاحيات لم تكن ممنوحة للحكومة من قبل بتشريعات جديدة.
تكتل موقف المعارضة برئاسة «يائير لابيد» رئيس الحكومة السابق وزعيم حزب «يش عاتيد» واعتزامه التحرك المكثف لإسقاط الحكومة مع محاولة تحريك الشارع المعارض للحكومة فى هذا الاتجاه.
وفى مجال التعامل مع الملفات الإقليمية والدولية ففى تقديرنا أن حكومة «نتنياهو» سوف تتحرك فى الأطر التالية:
إسقاط عملية السلام من أجندتها واعتبار أن مبدأ حل الدولتين قد أصبح فى عداد التاريخ.
التصدى لأية محاولات لاستئناف المفاوضات السياسية مع استمرار تضخيم المخاطر الأمنية المترتبة على قيام دولة فلسطينية مستقلة.
تكثيف عمليات الاستيطان فى الضفة الغربية وتهويد القدس بالتوازى مع الاستمرار فى عمليات التهجير والاعتقال والاغتيال وهدم المنازل ومصادرة الأراضى واقتحام المسجد الأقصى.
الحد من التواصل مع السلطة الفلسطينية والرئيس أبو مازن فى ضوء التحركات التى تقوم بها السلطة ضد إسرائيل فى المحافل الدولية وخاصة لجوء الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية.
الحفاظ على التهدئة الحالية مع قطاع غزة مع القيام بالتصدى بقوة مفرطة لأية صواريخ يتم إطلاقها من قطاع غزة فى اتجاه إسرائيل من جانب حركتى حماس والجهاد الإسلامى.
السعى لدعم العلاقات مع الدول العربية الأربع التى سبق وأن نجح «نتنياهو» فى توقيع اتفاقات التطبيع معها (الإمارات ــ البحرين ــ المغرب ــ السودان).
العمل على جذب دول عربية وإسلامية أخرى لتدخل فى إطار منظومة التطبيع الإسرائيلى العربى وخاصة المملكة العربية السعودية من أجل أن يتحقق الهدف الإسرائيلى الأسمى والمتمثل فى الاندماج التام فى المنطقة العربية اقتصاديا وعسكريا وسياسيا.
مواصة التهديد بشن عمليات عسكرية على إيران إذا حاولت المساس بالأمن القومى الإسرائيلى، مع مواصلة عمليات ضرب وكلائها فى المنطقة وخاصة تدمير القدرات العسكرية لحزب الله فى سوريا.
العمل على عدم تصعيد الخلافات مع الإدارة الأمريكية الحالية التى من الواضح أنها لا تتماشى مع بعض السياسات الإسرائيلية خاصة فى الملفين الإسرائيلى والإيرانى.
حرص نتنياهو على محاولة تحجيم شركائه المتطرفين فى الائتلاف من أجل منع تقديم أية مشروعات فى الكنيست لضم الضفة الغربية أو أجزاء منها لعدم إثارة الخلافات مع واشنطن، فى الوقت الذى ستحرص فيه إدارة الرئيس «بايدن» من جانبها على تأكيد استراتيجية العلاقات مع إسرائيل والتجاوب مع كافة مطالبها العسكرية والاقتصادية ولاسيما فى ظل اقتراب موعد بدء الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.
• • •
وفى مجال التفكير فى كيفية قيام الدول العربية بمواجهة هذه الحكومة المتطرفة نشير بداية إلى أن «نتنياهو» وسياساته يعتبر كتابا مفتوحا أمام الجميع؛ حيث إنه لم يقم فى أى وقت منذ توليه رئاسة الحكومة فى منتصف التسعينيات بإخفاء توجهاته المتطرفة المعروفة ورفض إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وبالتالى ففى رأيى أن هناك مجموعة من الخطوات التى يجب على الجانب العربى والفلسطينى انتهاجها فى أقرب وقت ممكن وهى كما يلى:
الخطوة الأولى: تقديم الدعم الكامل للسلطة الفلسطينية وللرئيس «أبو مازن» حيث إن هذا هو الوقت الأكثر أهمية لتقديم هذا الدعم السياسى والاقتصادى والأمنى للسلطة وإشعار الفلسطينيين أنهم ليسوا بمفردهم فى مواجهة هذا التطرف.
الخطوة الثانية: بلورة رؤية عربية لتحقيق السلام الشامل مع إسرائيل حتى لو كانت مبادرة السلام المطروحة منذ عام 2002 ولكن من الضرورى أن تكون أى خطة سلام مشفوعة بآليات عملية واقعية قابلة للتنفيذ يمكن تسويقها للمجتمع الدولى حتى يكون شريكا فيها ومسئولا عنها.
الخطوة الثالثة: البحث عن كافة الوسائل الممكنة التى من شأنها استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية ولاشك أن هذا الأمر يتطلب حركة عربية وفلسطينية مكثفة مع جميع الأطراف الدولية بما فيها إسرائيل.
الخطوة الرابعة: مطالبة إسرائيل بأن تقدم رؤيتها للتسوية السياسية للقضية الفلسطينية مهما كانت طبيعة هذه الرؤية؛ حيث إن هذه الخطوة سوف تساعد على تفهم الحدود الدنيا والقصوى للموقف الإسرائيلى ويمكن استثمار هذه الرؤية فى أية مفاوضات قادمة.
الخطوة الخامسة: أهمية أن تحاول الدول العربية التى لديها علاقات سلام مع إسرائيل أن تؤكد مدى أهمية حل القضية الفلسطينية لتحقيق الاستقرار فى المنطقة وهذا أضعف الإيمان.
تشير كافة المعطيات إلى أننا أمام حكومة شديدة الوضوح فى توجهاتها المتطرفة وتتحرك بصورة علنية فى جميع الملفات التى تمس الأمن القومى العربى ولن تتورع عن القيام بأية خطوات ترى من وجهة نظرها أنها ضرورية حتى لو تعارضت مع المصالح العربية وخاصة فى الملف الفلسطينى.
وفى النهاية سوف أطرح سؤالا هاما مفاده ما هو الفارق بين حكومة «نتنياهو» وحكومة «يائير لابيد» أو بعبارة أخرى ما الفارق بين حكومة إسرائيلية متطرفة مثل الحكومة الحالية وأية حكومة أخرى معتدلة أو أقل تطرفا تجاه القضية الفلسطينية؟ ولاشك أن الإجابة على هذا السؤال سوف تعكس طبيعة أية حكومة إسرائيلية تجاه أهم قضية عربية محورية قائمة منذ أكثر من نصف قرن دون حل عادل، كما أن الإجابة على هذا التساؤل سوف تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن كافة الحكومات الإسرائيلية تتبنى نفس الاستراتيجية تجاه القضية الفلسطينية وتختلف فقط فى التكتيك.
النص الأصلي

التعليقات