عند حافة المنزل.. عند حافة القادم - خولة مطر - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 8:45 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عند حافة المنزل.. عند حافة القادم

نشر فى : الثلاثاء 3 سبتمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 3 سبتمبر 2013 - 8:00 ص

عندما يعتصر قلبك حد الألم المبرح تتنمل اطرافك وتزرق شفتيك ثم تنزل دموعك كالنهر المتدفق بعد شتاء مثلج... لحظة وتتصور انك لم تعد قادرا على التنفس، الحديث، الصراخ ولا حتى طلب العون.. يحتفل الخاص والعام بإعلان الحرب عليك وعلى الحب والتسامح.. يحولون حياتك الصاخبة الى حفلة لا تدق فيها سوى طبول الحرب.. تقرع بقوة وتتصاعد مع اشراقة كل شمس.. هى طبول الحرب الخاصة والعامة تتفق على ان تجعل من شهر آب أو اغسطس اكثر الأشهر سخونة عاطفية وليست مناخية فقط.. هو آب اللهاب كما يقول الشوام.. أولئك الذين اقتربت الطبول منهم.. جاء دورهم الآن.. كانت الطبول عند دجلة والفرات لم تمض عشر سنوات وها هم يعودون بأقنعة جديدة ولكن نفس اللغة.. يكررون العبارات ذاتها، المخاوف، الخطوط الحمراء والخضراء والصفراء!!! والدفاع عن الحرية الكونية والكرامة لذلك الشعب المنهك اصلا.. ذاك الذى راح يسقى ياسمينته بدمه فلم يعد له غير الدم.. لا ماء ولا كساء ولا غذاء فقط هو الدم القانى الطاهر.. ينزف الجرح مع قرعهم للطبول كنت قد ضمدته وأودعته فى خزانة الواقع ووضعته مع التحف الباقية التى تذكرك بالرومانسية الثورية التى تحولت الى مرحلة تضاف الى زوايا المتاحف الحضارية جدا!!! شىء ما يعيد الى الذاكرة صور مماثلة بل ربما خطاب وكلمات متشابهة.. تستمع إليهم جميعا تصغى وانت متوسد الألم تتقلب فى الليل وتلتهى بعض الشىء بالنهارات الطويلة.. تحمل جرحك النازف والصور تتكرر امامك هذه كانت عاصمة الكتاب اصبحت بفضل طبولهم عاصمة للقنابل المفخخة وتلك عاصمة الثقافة تحولت وبفضلهم أيضا وكثير من ابنائها الى عاصمة للجهل والتخلف ونكران الآخر.. وثالثة تتعثر فى الأحرف والكلمات بعد ما كانت هى من اخرجت تلك الأحرف والكلمات من صمتها من جمادها وحولتها الى مادة حية بل مليئة بحيوات عدة.. مدن كانت حضن للثقافة والمعرفة والنور استبدلت بمدن لناطحات السحاب والجسور الباحثة عن انهر الثقافة والمحبة!

●●●

تحمل قلبك المعتصر بالوجع تصطنع الابتسامة وتحاول ان تخلع عنك صفة المتشائم أو صفة من حبس نفسه فى مرحلة تاريخية قد انتهت وولت!! تخرج منها لتبحث عما هو افضل فلا تجد سوى طبول الحرب كل عشر سنوات أو أقل وكثير من الدمار والدم الطاهر والفوضى الخلاقة حتما!

تنهى اليوم بالبحث عن اخبارهم.. اخبار اهلك هناك فى تلك الجزيرة وتحت شجرة الياسمين.. هم اهلك بعيون تملؤها الدموع والخوف القاتل من القادم.. هم اهلك الذين يقفون عند حافة المنزل أو على بقايا منزل ينتظرون الفرج فى صورة صاروخ ذكى جدا أيضا، حتى القدرة على قتل «الاشرار» وترك الطيبين كما كان المشهد فى افلام الكاوبوى القديمة بالابيض والاسود.. هنا أيضا يصورون لك أن البطل أو الابطال الأخيار سيبقون هنا ويبتسمون بعد أن تأتى الرصاصة أو الطلقة أو الصاروخ فى صدر الرجل الشرير! مشهد مضحك لحد البلاهة ولا يزال كثيرون يصدقون أن هناك رصاصا وقنابل وصواريخ ذكية ينتجها الاذكياء الكاوبوى الذين كانت مصانعهم فى انتظار قرع الطبول لينتشوا ويعيدوا ماكينات المصانع ويرسلوا بها ويشربوا نخب انهم لن يقتلوا اهلهم بل بعض من هم هناك فى البعيد المظلم حتى الجهالة.. لا يزال من يصدق ان السلم يأتى على ظهر الدبابة او الطائرة سواء كانت بطيار أو دونه.. لا تزال الكئوس تضرب نخب سقوطهم واحد تلو الآخر بينما كلم سقط واحد جاءوا هم بألف مثله أو يشبهه ولكن بأقنعة جديدة حداثية احيانا ودينية احيانا اخرى.

●●●

لا تزال الطبول تقرع ونحن نقف حابسين الانفس رغم اننا نعرف القادم جيدا فهو لا يعدو سوى تكرار لصور اخرى جمعتنا طويلا امام جهاز التليفزيون نراقب الدمار الذكى الطيب فى وجه الدمار غير الذكى الشرير.. كله دمار.. كله دم وموت.

تغلق التليفزيون والهاتف والرسائل القصيرة والتويتر والفيس بوك والانستجرام حيث العالم خارج العالم! وتخرج للشارع يطاردك الحزن بين ضفة الخاص والعام نهر طويل من الحزن المعتق.. كم يستطيع هذا القلب ان يحمل كم يستطيع ان يلملم الجراح واحد تلو الآخر ويعود لشرب فنجان قهوته ومطالعة صحف الصباح؟!

 

كاتبة من البحرين

خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات